الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا: خطة تقشف قاسية

22 أكتوبر 2010 21:26
كشفت بريطانيا النقاب يوم الأربعاء الماضي عن أكثر عملية إعادة تنظيم لماليتها العامة جذرية منذ عقود، حيث وصفت الخطوط العريضة لبرنامج لخفض العجز من المرتقب أن يقلص حجم الحكومة، وينقص من مزايا نظام الرعاية الاجتماعية، ويقلص حجم القوات المسلحة، ويفرض ضرائب على البنوك، ويرفع السن القانونية للتقاعد. ومن المنتظر أن تشمل التخفيضات التي يبلغ مجموعها 128 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة كل جانب من جوانب الخدمات العامة، باستثناء الرعاية الصحية. ويقول حزب "المحافظين" الحاكم في بريطانيا إن مثل هذا المخطط المتشدد ضروري من أجل إزاحة العبء الثقيل للدين العام من على كاهل البلاد والتخلص من عجز في ميزانية الحكومة يعادل قرابة 12 في المئة من الناتج لداخلي الخام. وهكذا، من المتوقع زوال حوالي 490 ألف وظيفة في القطاع العام، وتقليص أقسام الشرطة، وفقدان الجامعات للتمويل، كما سترتفع الإيجارات في السكن العام وستنخفض بعض المزايا التي يستفيد منها العاطلون عن العمل لفترة طويلة. بل إن حتى الملكة إليزابيث الثانية والعائلة الملكية سيتعين عليهم التعاطي مع خفض الإعانات الحكومية وفق مخطط الإنفاق الجديد. وفي هذا الإطار، قال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن: "اليوم هو اليوم الذي تبتعد فيه بريطانيا عن حافة الهاوية، عندما نواجه فواتير عقد من الديون"، مضيفا "إنها طريق صعبة، ولكنها تفضي إلى مستقبل أفضل". وكان "أوزبورن" يتحدث في جلسة للبرلمان، حيث انتقد مشرعو المعارضة على الفور مخطط الإنفاق باعتباره يخفض الكثير في فترة قصيرة بالنسبة لاقتصاد مازال يكافح من أجل التخلص من تداعيات أزمة اقتصادية منهكة؛ حيث اتهم حزبُ "العمال"، الذي نحي من السلطة في مايو الماضي، "المحافظين" بتعريض بريطانيا لخطر الانزلاق في الركود من جديد. ويعد برنامج الإنفاق الجزء المركزي في أجندة الحكومة الجديدة، التي جعلت من كبح جماح العجز أولى أولوياتها، حيث أمضى الائتلاف الحكومي الذي يقوده حزب "المحافظين" أشهراً في إعداد البريطانيين لفترة طويلة من شد الحزام المؤلم، باعتبارها خيارهم الوحيد بعد سنوات من الإسراف في الإنفاق في عهد حزب "العمال" ويأتي مخطط التقشف ليضع بريطانيا إلى جانب دول أوروبية أخرى، مثل أيرلندا واليونان، تبنت خفضاً كبيراً في الإنفاق باعتباره الطريق إلى الاستقرار المالي وعودة النمو الاقتصادي. كما يضع لندن أيضا على خلاف مع واشنطن وأوباما، الذي يجادل بضرورة تبني مخطط تنشيط اقتصادي أكبر وعمليات خفض معتدلة من قبل اقتصادات العالم الكبيرة من أجل الحفاظ على طلب المستهلك مستمرا؛ غير أن "أوزبورن" شدد على أن هذه هي الوصفة الصحيحة حتى تحافظ بريطانيا على ثقة الأسواق العالمية وتشجع استثمار القطاع الخاص وخلقه للوظائف. وقال "أوزبورن" لمجلس العموم ، الغرفة السفلى للبرلمان: "إن نتراجع الآن ونتخلى عن مخططاتنا سيمثل الطريق إلى خراب اقتصادي"، مضيفا "إن تجاوز مشكلة الديون تتطلب الوقت". ووفق مخطط التقشف الاقتصادي هذا، من المرتقب أن يقلص الوزارات ميزانياتها بمعدل 19 في المئة. وهكذا، سيتم تقليص حجم إنفاق نظام الرعاية الاجتماعية بحوالي 29 مليار دولار، ويشمل ذلك عاماً واحداً كحد أقصى لاستفادة بعض العاطلين عن العمل لفترة طويلة من المزايا الاجتماعية. كما سيتم وقف مزايا الأطفال بالنسبة للآباء الميسورين. وسيتم رفع سن التقاعد، وهي اليوم 65 عاماً بالنسبة للرجال و60 عاماً بالنسبة للنساء، إلى 66 بالنسبة لكلا الجنسين بحلول 2020، أي قبل سنوات مما كان مخططا له في البداية. وتقول الحكومـة إن من شـأن ذلك أن يوفر حوالي 8 مليارات دولار. كما يرتقب تخفيض ميزانية الشرطة بـ4 في المئة سنوياً، وإن كان الإنفاق سيزداد على جمع المعلومات الاستخباراتية ومحاربة الإرهاب، ويعزى ذلك لأسباب من بينها الاستعداد للألعاب الأولمبية الصيفية التي ستحتضنها لندن في 2012. ومثلما أعلن عن ذلك سابقاً، سيتخلص الجيش البريطاني من 17 ألف جندي وسيلغي من الخدمة معدات قديمة وبالية من أجل 8 في المئة من التوفير. كما سيشمل مخطط التقشف هيئة الإذاعة البريطانية، التي تعد واحدة من أكثر المؤسسات العزيزة في البلاد. غير أن بعض المزايا ذات الحساسية السياسية ستظل على حالها، وبخاصة بعض الإعانات التي يستفيد منها المسنون. كما ستظل مستويات المساعدات البريطانية الموجهة إلى الخارج على حالها أيضا؛ وسيعرف النظام الصحي، الذي يمثل أكبر فزاعة في الحياة السياسية البريطانية، زيادة في التمويل. وبالمقابل، من المرتقب أن تتحول ضريبة مؤقتة مفروضة على البنوك، التي يحمٍّلها العديد من الناس هنا مسؤولية الأزمة المالية لعالمية، دائمة. وقد سعى "أوزبورن" جاهداً لوصف عمليات الخفض على أنها موزعة على نحو عادل، رغم طعن المدافعين عن الخدمات الاجتماعية والنقابات من أن فقراء بريطانيا هم أكثر فئة اجتماعية ستعاني. وفي هذا السياق انتقد "آلان جونسون"، وزير المالية في حكومة الظل العمالية، التخفيضات الحكومية باعتبارها ذات دوافع إيديولوجية وقاسية بشكل مبالغ فيه إذ قال: "إننا في حاجة إلى تقليص العجز بالفعل"، ولكن "مجازفة (المحافظين) المتهورة بحياة الناس يمكن أن تخنق الانتعاش الهش". هنري تشو - لنـدن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي" إنترناشيونال »
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©