السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المجد الأسري (1)

23 أغسطس 2006 23:53
تشاجر الزوجان وتراشقا سبا ثم ارتفعت يد الزوج، فطبقت الزوجة المبدأ العسكري ''اذا ارتفعت الأيدي·· تساوت الرتب'' فتحول العش الهادئ الى حلبة صراع صاخبة، وأوشك على الانهيار، ورغم قناعتنا بفشل الحياة الزوجية القائمة على مبدأ البقاء للأقوى داخل حلبة الملاكمة واستحالة العِشرة بين قطبي ابطال الجودو، إلا انه كما ان الخطأ حق انساني، فإن تصحيحه واجب بشري، واذا سلمنا بأن لحظات الانفعال هي أخطر اسلحة الدمار الشامل للحياة الزوجية، فإننا لهذا نجد صعوبة في تصحيح ما أفسده اللسان واليد فيما يتعلق بالمشاكل الأسرية· ''لقد قدمت اقصى ما في استطاعتي من تضحيات حتى فاض الكيل وامتلأ الكأس''، عبارة تتردد اثناء محاولات الصلح، ويغيب تماما عن ذاكرة الطرفين لحظات الهناء الاسري، وهيهات ان يحاول الإصلاح إحداث انتعاشة ذهنية لأحد الأطراف تذكره بموقف طيب أو لحظة عطاء قام بها شريكه، فيد واحدة ترتفع بمحو عشرات الحسنات من الايادي البيضاء، وكلمة بذيئة تنسي مئات من قصائد الحب بين الزوجين· ولأننا نعيش في عصر الشراكة الزوجية القائمة على الندية ، فتتبادر هذه الاسئلة على ألسنة الزوجين كلما تزايدت وتيرة الشجار بينهما ''لماذا أتحمل تلك الضغوط؟ وحتى متى أتحمل؟ ثم يأتي السؤال الأصعب: في سبيل ماذا استمر في الحياة مع شريك مؤذٍ؟''· ومع عدم وجود أولاد تصبح الإجابة أسهل، ومع ان اعلان العداء هو اعلان للغباء، فإننا نجد الزوجان حريصين على اشهار التأكيد انهما لا يتحملان حياتهما معا سوى من اجل الأولاد، مما يعني غياب مفهوم الحياة الاسرية الناجحة بدون اولاد، كما يعني انعدام مفهوم التضحية لاستمرار كيان الاسرة ولبناء المجتمع سواء في وجود أولاد أو في عدمه، فقلة من تؤمن بجدوى الصبر لتوصيل سفينة الاسرة لبر الأمان، واقل منهم من يؤمن ان الصبر واجب يضمن نجاح الحياة العائلية· ثم يأتي سبب هام يبرر للزوجين عملية الانفصال، هو عدم شعور الطرفين ان استمرار مؤسسة الزواج والتضحية من اجلها هو نجاح لهما، خاصة في ظل غياب مفهوم ''المجد الاسري'' في مجتمعنا، فقد يقبل ممثل ان يتلقى صفعة حقيقية وقوية وعلنية من زميلته مفضلا عدم استخدام ''دوبلير'' كما تصمم الممثلة ان يركلها زميلها الفنان بقدمه كي يتحقق الصدق في المشهد الذي تؤديه، بل قد تطلب من المخرج إعادة الركلة لقناعتها ان تحملها اهانة خلال مشهد تمثيلي امام ملايين البشر سيحقق لها ''مجدا فنيا'' حتى لو لم يدم هذا المجد الزائف، اما صبرها على صفعة مستترة داخل اسوار منزلها فلن يحقق لها أي مجد لأنها من الأصل لا تؤمن بوجود ما يسمى بالمجد الأسري· وحين ابديت اعتراضي قائلة: ''بل سيحقق لك المجد الأسري الدائم، وستحصدين ثماره ليوم الدين''، تعجبت الزوجة من مصطلح ''المجد الأسري'' وأبدت سخريتها من هذا المصطلح البدعة على حد قولها، فلماذا يغيب في ثقافتنا وقناعتنا ومبادئنا مصطلح ''المجد الأسري''· وكي أتأكد من وجود هذا المصطلح في حياتنا من عدمه، قمت بعمل بحث على الانترنت، ولم أجد في الشبكة - على سعتها - كتابا أو مقالا واحدا يعمق ثقافة المجد الأسري بين افراد المجتمع أو يتحدث عنها من الأساس، مما يؤكد انه مصطلح مبتكر في حياتنا الاجتماعية· فقد يتقبل الزوج شتى ضغوط العمل التي تقع على كاهله سواء من رؤسائه أو زملائه وقد تتحمل الزوجة مشاق الوظيفة ومضايقات مديرها حتى لو ضاعف عليها أعباء العمل، اما اذا جاءت الضغوط من رب البيت فالإهانة لا تغتفر· فلماذا ترحب الزوجة ان يكون لها رئيس في العمل ولماذا تتقبل الزوجة ان يكون زميل اعلى منها درجات ولا تسمح بالدرجة التي منحها الله للرجل من اجل القوامة؟ والسؤال الأخير لماذا لا نعلم بناتنا ان زوجك هو رئيسك في الحياة عوضا عن مصطلح شريكك في الحياة؟ ولِمَ لا نغرس فيهن أن أي صعوبات تعترض درب الحياة الزوجية ما هي إلا عقبات أمام تحقيق المجد الأسري؟ داليا الحديدي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©