الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب أفريقيا... دور مرتقب في مجلس الأمن

جنوب أفريقيا... دور مرتقب في مجلس الأمن
22 أكتوبر 2010 21:27
منذ سنوات وجنوب أفريقيا تشتكي من الهيمنة الكبيرة للغرب على الشؤون الأفريقية، وتقول إن الوقت قد حان لحلول أفريقية لمشاكل القارة السمراء. اليوم، وبعد أن تم انتخاب جنوب أفريقيا لشغل مقعد (غير دائم) بمجلس الأمن الدولي لسنتين، باتت لدى هذا البلد فرصة لتحويل أقواله إلى أفعال. خلال فترة السنتين التي ستقضيهما جنوب أفريقيا كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، والتي تبدأ في الأول من يناير المقبل، من المرتقب أن يبحث المجلس سلسلة من النزاعات الأفريقية الشائكة من السودان إلى زيمبابوي، ومن نيجيريا إلى الصومال التي تتطلب انتباها كبيراً. ولكن كيف ستقارب جنوب أفريقيا دورها القيادي على القارة الحبلى بالمشكلات والاضطرابات؟ بدلاً من استعمال قوتها لكبح جماح مشكلات تتعلق بزعماء مثل الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي والرئيس السوداني عمر البشير، يتوقع بعض المراقبين أن تتصرف جنوب أفريقيا كوسيط براجماتي يتعامل بحذر ولباقة مع البلدان التي تعاني من مشكلات. وفي هذا السياق يقول آدم حبيب، المحلل السياسي المخضرم ونائب رئيس جامعة جوهانسبرج: "إن جنوب أفريقيا ترغب في الانخراط مع العالم على نحو مختلف؛ وهي تستطيع، بشراكة مع آخرين، تغيير الأشياء على نحو ذي معنى؛ ولكن يجب أن تكون لديها الإرادة السياسية لمعارضة حلفائها، كما يتعين عليها أن تغير قواعد الاشتباك". والواقع أن الكثير من أكبر المشاكل التي سيواجهها مجلس الأمن الدولي خلال العامين المقبلين ستكون في أفريقيا. ففي جمهورية الكونجو الديمقراطية، بدأت أكبر وأغلى مهمة أممية لحفظ السلام في العالم تقلص حجمها نزولا عند طلب من الحكومة الكونجولية- وذلك على الرغم من أن ثمة مؤشرات متزايدة على استمرار المليشيات المسلحة وحتى الجيش الكونجولي في مقاتلة بعضهم بعضا، وفي سوء معاملة المدنيين في المناطق التي يبسطون عليها سيطرتهم. وفي الصومال، تدعم قوات لحفظ السلام تابعة للاتحاد الأفريقي، وهي مكونة بالأساس من جنود أوغنديين وبورنديين حكومة انتقالية منقسمة وضعيفة، حتى في وقت مازالت فيه تلك الحكومة مستمرة في قتال داخلي. ثم إن عجز الصومال عن حكم نفسه أدى أيضاً إلى مشكلة قرصنة كبيرة، حيث يستولي القراصنة على أكثر من 24 سفينة وحجزها و330 من أفراد أطقمها مطالبين بالفدية. وحتى الآن، ترفض جنوب أفريقيا إرسال قوات لحفظ السلام من أجل مساعدة بعثة الاتحاد الأفريقي، ولكنها مازالت تفكر بشأن إرسال قوات بحرية للقيام بدوريات ضد القرصنة. وفي السودان، انتهت حرب أهلية استمرت 20 عاماً في 2005 باتفاقية سلام بين الشمال والجنوب، ولكن استفتاء من المقرر إجراؤه مطلع العام المقبل، قد يمنح الجنوب حق الانفصال، يمكن أن يضع هذين المنافسين السابقين من جديد على طريق الحرب. وعلاوة على ذلك، مازال الغليان مستمرا في إقليم دارفور، حيث تجاهد مهمة ضخمة أخرى مشتركة لحفظ السلام تابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في حفظ السلام في نزاع لقي فيه حوالي 300 ألف شخص حتفهم حتى الآن. وهنا، يلعب الرئيس الجنوب أفريقي السابق تابو مبيكي دور وساطة مهما. وفي زيمبابوي، أفضت انتخابات في مارس 2008 أخيراً بعد وساطة جنوب أفريقية مهمة إلى حكومة ائتلافية بين الرئيس روبرت موجابي ومنافسه الرئيسي رئيس الوزراء مورجان تسفانجيراي.ولكن العلاقة تبدو مرة أخرى في طريقها إلى الانهيار، حيث طلب تسفانجيراي من عدد من الدول (من بينها جنوب أفريقيا) هذا الأسبوع رفض سفراء عينهم بشكل أحادي الرئيس موجابي. وقد وعدت جنوب أفريقيا بـ"الانخراط مع" الجانبين من أجل إعادة الحكومة إلى سكتها. خلال السنوات الماضية، عندما كانت القوى الاستعمارية الغربية وخصوم الحرب الباردة يتبنون مقاربة أكثر هيمنة تجاه أفريقيا، كان يتم التعامل مع النزاعات القارية بالقوة فقط. فكان يتم التسامح مع الحكام المستبدين الأفارقة، أو يتم التعامل معهم كأطفال أساؤوا التصرف، ولكنهم نادرا ما كانوا يعامَلون كشركاء أنداد. والواقع أن الجهود الأخيرة لفرض القانون الدولي على حقوق الإنسان مثل اعتقال الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور واتهام البشير بارتكاب جرائم غالبا ما يُنظر إليها من قبل الزعماء الأفارقة على هذا الضوء التسلطي ذاته. ثم في نهاية المطاف، يقول حبيب، فإن الولايات المتحدة نفسها قد استثنت نفسها وقادتها العسكريين من قوانين جرائم الحرب نفسها التي على الزعماء الأفارقة احترامها. ومن أجل إقناع زعماء مثل البشير أو موجابي، تميل جنوب أفريقيا إلى أن تكون أكثر احتضاناً للجميع، ولكن "حبيب" يقول إن ذلك لا يعني أن جنوب أفريقيا لن تحصل على شيء بالمقابل. ففي السودان، على سبيل المثال، حيث أوكل لرئيس جنوب أفريقيا السابق تابو مبيكي دور وساطة رئيسي من قبل الاتحاد الأفريقي، تستطيع جنوب أفريقيا أن تفرد طاقة دبلوماسية لضمان تنظيم الاستفتاء في ظروف سلمية، وضمان أن يقتنع البشير وجنرالاته بأن قبول النتائج إنما يصب في مصلحتهم الشخصية والمصلحة الوطنية. وفي هذا الإطار، يقول حبيب مجادلا إن البعض قد يعتبر أن حث المجتمع الدولي على توقيف البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب، أمر جيد ، لكن عندما يكون الزعيم السوداني مازال قادرا على حكم بلده وإرسال جنوده إلى الحرب، فإن الطريق الأفضل هو البراجماتية. في السودان، وفي زيمبابوي أيضا، هذا يعني أن جنوب أفريقيا ستعقد صفقة مع البشير أو موجابي، من أجل تعديل وتلطيف سلوكهما مقابل السلام؛ ويقول حبيب: "شئنا أم أبينا، موجابي مجرم، ولكن لديه أسلحة، وبالتالي عليك أن تتعامل معه... ولكن، كيف تجبره على أن يجلس إلى الطاولة ويكون صادقا؟". الحل ، حسب حبيب، هو أن تمنح موجابي ضمانات على أن التخلي عن السلطة لن يعني بالضرورة تذكرة إلى محاكمة عن جرائم الحرب في لاهاي. "إنكم لستم مضطرين – أنت وجنرالاتك- للذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولكن بالمقابل، عليك أنت تضمن السلام"، هكذا يقول حبيب إن جنوب أفريقيا ستخاطب الحكام المستبدين الأفارقة، مضيفا "وهذا نقاش يجب أن تطرحه جنوب أفريقيا على أجندة مجلس الأمن الدولي". سكوت بالدوف - جوهانسبرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©