السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترويض الخيول الجامحة

26 يوليو 2011 20:17
رحلتي في الولايات الأميركية قادتني إلى “فورت ورث” بولاية تكساس، واسم المدينة يدل على أنها قلعة أو حصن، وقد وصلتها ظهرا ونزلت في فندق يتوسطها وهو قريب من كل شيء، المطاعم والمحال والمكتبة العامة ومقاهي ستاربكس.. يعود تاريخ هذه المدينة التي تشكلت حول حصن بناه الرائد ريبلي ارنولد في زمن الحروب مع الهنود الحمر في عام 1849 بهدف حماية الشرق الأميركي من الهنود الحمر وحماية المستوطنين البيض من غزواتهم، وسمي الحصن باسم الجنرال “وليم جنكنس ورث” تخليدا لدوره في الحرب مع المكسيك. جعلني ذلك أشعر بأنني أعيش في فيلم من أفلام رعاة البقر والغرب القاسي، ما دفعني لمجاراة ذلك الشعور فوجدت نفسي أذهب إلى حلبة للروديو حيث يتنافس فيها المتبارون على ركوب الثيران وترويض الخيول الجامحة فوجدتني أجرب حظي وليس عندي لا خبرة ولا مهارة في المسألة، فرمتني الفرس بعيدا وكدت أقضي تحت قوائم الثور الهائج، غير انني نلت السلامة وتصفيقاً من الجمهور وإشادة من المعلق الذي لم يغفل ذكر اسم بلادي وانني جئت من بيئة مختلفة عابرا البحار والقفار من أجل المشاركة في هذه المنافسة الودية.. ومن أجل ذلك دعاني بعض المشاركين من أبناء البلدة لإكمال بقية السهرة في حانة تقليدية أيضا، كل شيء فيها يعكس طابع الغرب القاسي، البناء الخشبي القديم والمصنوعات الجلدية التي تزين الجدران ورائحة الدخان التي تعبق المكان والموسيقى والأغاني الشعبية الشجية التي تحكي قصص الحب والهجران والترحال.. لا شيء ينقص المشهد إلا الحسناء التي ينشب عراك عليها يكون للبطل دور فيه وينتهي بفوزه بقلبها، وتخيلت نفسي بطل القصة التي تطورت الى نزال بالمسدسات تمكنت فيها من قتل زعيم قطاع الطرق بطلقة واحدة فقط وطرحته قتيلا مضرجا بدمائه على أرضية الشارع الترابي الذي تذروه الرياح، وفي الخلفية موسيقى تصويرية مأخوذة من فيلم لكلينت ايستوود.. كانت هذه المدينة المحطة الرئيسية التي يتجمع فيها رعاة البقر استعدادا لرحلتهم الطويلة إلى أوكلاهوما التي يبيعون فيها مواشيهم.. كان ذلك نوع من الاستكشاف الثقافي لتاريخ وتراث المدينة وعدت بعدها متأخرا منهكا الى مقر إقامتي، ثمة آلام في ضلوعي من أثر السقطة من على ظهر الفرس الجامحة، وخضة الثور الهائج، وفي الطريق شعرت بحنين الى الوطن، لا أعلم ما الذي حرك ذلك الحنين والشوق، غير أن الوطن يسكننا في الحل والترحال، لأننا نحمله في الصدور، ومهما ابتعدنا يبقى القلب معلقاً به، أما الروح فيبدو أنها تغادر الجسد كلما دخلنا في غيبوبة النوم فتعود إلى أوطاننا ولذلك نشعر في اليوم التالي بنوع من حضور الوطن في الوجدان.. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©