الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«اللورد كو» القطار العالمي السريع في المسافات المتوسطة

«اللورد كو» القطار العالمي السريع في المسافات المتوسطة
19 يوليو 2012
نيقوسيا (أ ف ب) - خلال نحو عقد من الزمن، تميزت سباقات المسافات المتوسطة بصراع البريطانيين سيباستيان كو وستيفن “ستيف” اوفيت، حتى أن جمهور بلديهما انقسم في مناصرته لكل منهما، فشكلا حالة خاصة، كما اعتبر صراع العداءين من أجمل منافسات ألعاب القوى في دورة موسكو 1980، التي شهدت المقاطعة الغربية، وخاضتها بعض البعثات “الأطلسية” تحت جناح العلم الأولمبي ومنها البعثة البريطانية، وذلك بقرار مستقل من لجانها الوطنية، ولا شك أن هذا الصراع مهد لسلسلة إنجازات كو واوفيت طوال تلك الحقبة. وفي موسكو فاز اوفيت في سباق 800 م (40 :45 :1 دقيقة) وحل كو ثانياً (85 :45 :1 د)، وحصد الأخير ذهبية 1500 م (40 :38 :3 د) وجاء اوفيت ثالثاً (99 :38 :3 د) خلف الألماني الشرقي يورجن ستروب (80 :38 :3 د)، وكان كو في الرابعة والعشرين واوفيت في الخامسة والعشرين، وعموماً اعتبر تقدم اوفيت في 800 م مفاجأة. ويذكر كو أنه ركض للفوز “واعتقد أني بذلت قصارى جهدي، لم افلح وأعاقني الهواء، حاولت الالتصاق خلفه (اوفيت) لئلا تتسع المسافة بيننا، لكن في الـ 100 م الأخيرة وجدت نفسي بعيداً جداً، ارتكبت خطأ خصوصاً عندما ضاعف السوفييتي نيكولاي كريلوف (حل ثالثاً) الخطى”. ويضيف كو: “لم يكن هذا يومي، حصل تدافع وهذا ما امقته لذا لا أحب الجري ضمن القافلة، أفضل أن أكون على سجيتي، لكن ببساطة كان هناك عداء أقوى وفاز وعلينا تهنئته”. مقارنة ظالمة عموماً، تحاشى كو لفظ اسم اوفيت، وحتى الإشارة إلى من هو أفضل عداء بريطاني للمسافات المتوسطة، وعلى منصة التتويج صافحه من دون أن ينظر إليه، كانت هناك مقارنة ظالمة “ربما” بين البطلين وقتذاك، ودائماً ما وصف كو بالصالح واوفيت بالشرير، لكن العداء الفائز لم يظهر بـ “الوحشية” التي نعت بها، بل برهن أنه يملك عاطفة جياشة عبر عنها خلال دورته حول المضمار محيياً الجمهور وشاكراً مؤازرته، وإرساله قبلات في الهواء إلى والدته على المدرجات، فقيل “من هنا يستمد اوفيت قوته ويخزن طاقته”. قبل عام من الألعاب فضل اوفيت الانغلاق والاستعداد بعيداً وبهدوء، في حين كان كو يحطم الرقم العالمي، وخلال كأس أوروبا في تورينو، أقر كو بصوابية خيار منافسه على طريق الأولمبياد، وقال: “سيكون اوفيت قوياً جداً في موسكو صدقوني، أنا احترمه واقدر طموحه واجتهاده وموهبته”. في المقابل، كان لدى اوفيت بعض الشكوك من تمكنه من الفوز في سباق 800 م، غير أن تدريباته الأخيرة على السرعة أعادت الثقة إلى نفسه، كانت تلك أفضلية نفسية على كو، فهو لن يخسر شيئاً لأن الأضواء ستسلط على حامل الرقم القياسي. معالجة الثغرات وفي غضون أيام قليلة، تمكن كو من معالجة ثغرات خسارته تفادياً لهزيمة ثانية في سباق 1500 م، وقد عرف كيف يقاتل لكسب الرهان، وعلى رغم ذلك وصف على خط النهاية سباق 800 م بـ “الكابوس الذي اردت الفوز فيه، ولو خيرت لفضلت ذهبية 800 م”. يتذكر كو أيضاً كيف تحضر للموقعة الثانية، “بعد الخسارة أصابني أرق شديد فلم أنم جيداً، وفي اليوم التالي حللنا والدي وأنا الوضع، لقد واجهت أصعب يوم في حياتي الرياضية، وتوصلنا إلى خلاصة مفادها أن مثل هذا اليوم لا يتكرر مرتين”. ومن خلال مراجعته شريط السباق، اتضح لكو أن “سرعته لم تكن بالشكل المطلوب، كان يجب أن أجاريه في الـ 200 م الأخيرة وألا أكون مشدوداً قبلها، وأن اتقدم القافلة عند الخط المستقيم، وهذا ما صححته في الـ 1500 م، ركضت بثقة، كنت بجانب ستروب لكن عضلاتي مسترخية، والسرعة التي فرضها الألماني عامل ثمين ساعدني، تفاديت التدافع والاصطدامات، شعرت براحة وبقدرتي على أخذ الأمور على عاتقي في المنعطف الأخير. كانت الأمتار الـ 10 الأخيرة مضنية لأني بذلت أقصى ما يمكنني، صممت أن أموت وألا اتخلى عن المركز الأول”. رفرفة العلم الأولمبي وفي موسكو رفرف العلم الأولمبي عند تتويج كو نظراً لمقاطعة بلاده الألعاب، وحضور اللجنة الأولمبية الوطنية على مسؤوليتها، ورد كو على أسئلة الصحفيين حول هذه المسألة بقوله: “احب طبعاً أن يرفرف علم بلادي وأن استمع إلى نشيدها، لكن اقدر خيار اللجنة الأولمبية البريطانية واتفهم دوافعها، واحترم هذا الاختيار”. وعن التضحيات التي بذلها والصعوبات التي واجهها للحضور إلى موسكو والضغوط لمنع ذلك، أجاب بمواربة ذكية: “التضحيات هي أن تتمرن يومياً من 3 إلى 4 ساعات، لكن الفوز يمحي العناء كله، وسأكرر ذلك لأني سأكون في ألعاب 1984”. بعد أربعة أعوام، وفى كو بوعده واحتفظ بلقب 1500 م (54 :32 :3 د) أمام مواطنه ستيف كرام (40 :33 :3 د) والإسباني خوسيه اباسكال (30 :34 :3 د)، كما حل ثانياً في 800 م (64 :43 :1 د) خلف البرازيلي جواكيم كروز (00 :43 :1 د). بعد الاعتزال، أصبح كو واوفيت صديقين. منافس قليل الكلام ويوضح كو ان منافسه كان قليل الكلام ولا يعبر عن رأيه ما نسج حوله من إشاعات وأخبار كثيرة عن طباعه، ويوضح: “لم نكن نعرف بعضنا جيداً، كانت الصورة مشوشة”. وأساساً، انخرط كو في سباقات المسافات المتوسطة آتيا من سباقات الضاحية و3 آلاف م في شمال إنجلترا، ونافس اوفيت قبلها على مسافتي 200 و400 م، وسيطلق فيلم عن صراعهما تزامناً مع افتتاح دورة لندن الأولمبية. 3 أرقام عالمية دخل كو (مواليد 1956) تاريخ ألعاب القوى من باب كونه أول عداء يملك ثلاثة أرقام قياسية عالمية في وقت واحد، هي 800 م والميل و1500 م، فضلاً عن ميدالياته الأولمبية، وهو تلقى علومه وتربيته وفق الأساليب الأنجلو-ساكسونية التقليدية في كنف والده المهندس الذي جعله يزاول سباقات العدو الريفي (الضاحية). في عام 1978 اعتلى كو منصة الفوز للمرة الأولى دولياً بحلوله ثالثاً في سباق 800 م ضمن بطولة أوروبا، لكن انطلاقته الحقيقية نحو المجد كانت عام 1979، حين حطم الرقم القياسي العالمي مسجلاً 4 :42 :1 د في 5 يوليو، وفي 17 منه حسن رقم الميل مسجلاً 49 :3 د، وأكمل موسمه الصيفي الرائع في أغسطس بتحطيم الرقم العالمي لـ 1500 م (1 :32 :3 د). وفي عام 1981 سجل كو في ملعب كومونالي في مدينة فلورنسا الإيطالية رقماً قياسياً عالمياً في 800 م بلغ 73 :41 :1 د، وظل صامداً 16 سنة، حتى نسخه الدنماركي الكيني الأصل ويلسون كيبيكيتير خلال لقاء كولونيا عام 1997 (11 :41 :1 د). نزلة برد وراء الاعتزال نيقوسيا (أ ف ب) - أعلن كو اعتزاله بعد عجزه عن الانضمام إلى المنتخب البريطاني لدورة سيؤول 1988 بسبب نزلة برد، وكرس نفسه لحياته الزوجية والعائلية في موازاة اهتمامه بالسياسة، وقد انتخب نائباً عن حزب المحافظين في مجلس العموم البريطاني عن دائرة فالموث وكاميورن. وبعد خسارته الانتخابات في دورة 1997 عمل مستشاراً شخصياً لزعيم حزب المحافظين آنذاك وليام هيج الذي ازيح عن زعامة الحزب لاحقاً، واظهر كو براعة في إدارة أعماله وصار العداء الأكبر دخلاً بين عدائي المسافات المتوسطة، ومنحته الملكة اليزابيث الثانية لقب لورد. ويعود له الفضل الأكبر في فوز لندن باستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية للمرة الثالثة، بعدما تولى رئاسة لجنة الترشح وأعاد حظوظ العاصمة البريطانية من بعيد، ثم ترأس اللجنة المنظمة للألعاب، ويتولى منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى وحظوظه كبيرة بخلافة السنغالي لامين دياك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©