الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان... ومخاوف ما بعد «الانسحاب»

19 يوليو 2012
في قرية "كارز" ومساكنها المبنية من الطوب اللبن، دشنت الولايات المتحدة جداراً صخرياً عالياً على امتداد قاع النهر للحيلولة دون غمر الطريق أثناء الفيضانات، كما دفعت أيضاً أثمان الأسمدة اللازمة لتخصيب حقول القمح المنبسطة على امتداد البصر. وبالإضافة للأميركيين دفع حشمت كرزاي وهو أحد أبناء عم الرئيس ما يقرب من 70 ألف دولار من جيبه الخاص، من أجل مد خطوط توصيل التيار الكهربائي. أما الحكومة الأفغانية فهي في حكم الغائبة عن المشهد بأكمله، رغم أن "كارز" هي مسقط رأس الرئيس كرزاي. ويؤكد "عبد العلي" أحد وجهاء القرية هذه الحقيقة بقوله:"الحكومة لم تفعل لنا أي شيء حتى الآن". من المعروف أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد كرسوا أعواماً من الجهد، ومليارات الدولارات من أجل تحسين أداء الخدمات الأساسية في المناطق الزراعية في أفغانستان. ولو كان بمقدور الحكومة أن تتواجد بشكل فاعل على أي مكان لكان أولى بها أن تفعل ذلك في هذه القرية، باعتبارها مسقط رأس كرزاي، علاوة على قربها للغاية من قندهار، وهي المدينة التي تعتبر مقراً للقبائل والعشائر الموالية لذلك الرجل الذي يحكم أفغانستان منذ عقد من الزمان لم يتوقف خلاله القتال. وعدم وجود أي مظاهر تقدم أو مشروعات حكومية أمر يمكن ملاحظته كل يوم من خلال صفوف القرويين الذين يقطعون الطريق نحو منزل حشمت كرزاي. وعلى الرغم من أن حشمت لا يشغل أي منصب رسمي يمكن من خلاله مساعدة هؤلاء القرويين الفقراء، فإنه يستمد قوته من مكانة عشيرته في القرية، وثرائه الشخصي، وكونه واحداً من وجهاء وحكماء القرية الذين يتم اللجوء إليهم في الملمات، وعند الحاجة والذين يرتبطون بعلاقة وثيقة بالرئيس بحكم قرابته له. والرجل إلى جانب ذلك كان يمتلك فيما سبق شركة أمنية هي شركة"آسيا سيكيوريتي جروب"، التي كانت قد أرسلت في الماضي رجالًا من موظفيها لحراسة القواعد الأميركية. وهو يقوم في الوقت الراهن بتأجير أراض لبناء فندق بالقرب من مطار قنداهار. وعندما سألنا حشمت كرزاي عن الأسباب التي تدعو القرويين للتجمع عند بابه يومياً بأعداد كبيرة ليقدموا إليه شكواهم ويعرضوا عليه مشكلاتهم قال:" هناك فجوة بين القرويين هنا وبين الحكومة، وفي الحقيقة أنني لا أدرى حتى الآن كيف سأتمكن من سد هذه الفجوة". بحلول شهر سبتمبر القادم سيكون عدد الجنود الأميركيين في قندهار والمحافظات القريبة منها قد هبط إلى 13,500 ألف جندي فقط من الرقم الذي كان عليه في أبريل وهو 200 ألف جندي، وهو أعلى رقم وصل إليه عدد الجنود في ذلك المكان. ومن المعروف أن المعارك الدامية التي اندلعت مع مقاتلي "طالبان" في مدينة قندهار، ووادي "أرغانداب" القريب قد انتقلت نحو الغرب، وتحديداً إلى حقول الألغام في منطقتي "زهاري" و"بانجاواي". وعلى الرغم من أن موقع العنف قد تغير، فإن القوة الإجمالية للتمرد قد بقيت كما هي تقريباً وفقا للواء" جيمس إل. هاجنز" القائد الأميركي الأعلى رتبة في مقاطعة قندهار. وعلى الرغم من ذلك يعرب الجنرال عن اعتقاده بأن قوات الجيش والشرطة الأفغانية سيتمكنان من الانتصار على "طالبان". ولكن"هاجنز" أعرب مع ذلك عن شكه في قدرة الحكومة الأفغانية ذاتها عن أداء الوظائف وتقديم الخدمات المطلوبة منها، وهي مهمة لا بد من إنجازها على أفضل نحو ممكن لإبعاد المقاتلين المتمردين عن تلك المناطق بحسب اعتقاده. وقال "هاجنز" إنه نقل رسالة بهذا الخصوص إلى محافظ قندهار "توريالاي ويسا"، وقال له إن الأفغان يريدون مساعدة حكومتهم، ولكنه –المحافظ- رد عليه بأن السكان غير متعاونين، فرد هو عليه بالقول إنهم غير متعاونين "لأنكم لا تؤدون الخدمات المنوطة بكم، ويجب عليكم أن تحققوا قدراً من الوجود الحكومي في تلك المناطق حتى يساعدكم الناس فيما تريدون منهم أن يساعدوكم فيه". وقال "هاجنز" للمحافظ أيضاً:"في نهاية المطاف فإن مستوى الأمن سيكون جيداً بقدر ما تقوم الحكومة بتمكين القائمين به، وتقديم العون لهم". ويشار إلى أن الحكومة الأميركية ضخت خلال السنوات الأخيرة مليارات الدولارات إلى قندهار لتوفير الخدمات التي كان يفترض أن تقوم الحكومة بتوفيرها. ويخشى الأفغان أن ينهار اقتصاد الحرب الذي ازدهر جراء العقود التي وقعها "الناتو" لبناء وتجهيز مطار قندهار، بمجرد أن تغادر القوات المنطقة. ويقول حشمت كرزاي عن ذلك:" إن تسعين في المئة من اقتصاد قندهار يعتمد على العمليات والعقود المتصلة ببناء المطار... وبمجرد أن ينتهي ذلك، ويتوقف تدفق الأموال على المنطقة فلست أدرى ما الذي يمكن أن يحدث هنا". وقال" أحمد الله" وهو أحد وجهاء القرية، وهو يشير إلى مجموعة من الشباب الذين يشغلون وقتهم بالتدخين " العديد من شبابنا يعاني من البطالة في الوقت الراهن، وإذا ما توقف ورود الشيكات الأميركية التي يتم بها دفع الأجور اليومية للعاملين في المطار، فإن ذلك سيجعل إغراء الانضمام لـ"طالبان" لدى هؤلاء الشباب أقوى مما هو عليه في الوقت الراهن". جوشوا بارتلو كارز - افغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©