الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الأميركية... وأجواء الحرب والسلام

19 يوليو 2012
ثمة حقيقة مهمة قد لا تكونوا سمعتم عنها كثيراً خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، وهي أن القوات المسلحة الأميركية تخوض حرباً في أربع دول على الأقل، وهو عدد مرشح للزيادة في أي وقت. فهناك ما يقرب من87 ألف جندي أميركي مازالوا يخوضون الحرب في أفغانستان؛ بعضهم قد يمكث إلى ما بعد 2014، علاوة على أننا نخوض حرباً في باكستان المجاورة أيضاً، وهي حرب وإن كانت تتم في معظمها بواسطة الطائرات التي تطير من دون طيار، إلا أن هناك أعداداً قليلة من الجنود مازالت موجودة على الأرض أيضاً. بالإضافة لذلك تقوم الطائرات التي تطير من دون طيار، والقوات الخاصة بشن هجمات في اليمن والصومال، وهي هجمات وصل عددها إلى حد وجد معه أوباما نفسه مضطراً للاعتراف به الشهر الماضي في رسالة وجهها للكونجرس. إلى هذا تقوم سفن البحرية الأميركية، باصطياد القراصنة في المحيط الهندي، وحراسة المياه الواقعة قبالة السواحل الإيرانية في الخليج العربي، وخلال قيامها بالمهمتين اضطرت تلك السفن في حالات معينة لإطلاق نار ضد أهداف رأت أنها قد تشكل تهديداً. تضطلع القوات الأميركية كذلك بمهام أخرى غير ذات طبيعة حربية، مثل التدريب وتقديم الاستشارات للقوات المنخرطة في مكافحة التمرد في غرب أفريقيا والفلبين. وهناك أيضاً أعداد أخرى من القوات في مناطق وسط تساعد القوات المحلية على استئصال جيش المقاومة المعروف باسم "جيش الرب" الذي قام بالعديد من العمليات الوحشية في تلك المناطق. هذه هي فقط العمليات التي نعرفها على وجه التحديد، ولكن القوات الخاصة الأميركية منخرطة- وهذا ما لايعرفه الكثيرون- في مهام فيما يزيد على 100 دولة في مختلف مناطق العالم، بحسب ما قاله الأدميرال "ويليام إتش. ماكرافن" من قيادة العمليات الخاصة في بيان له أمام مجلس الشيوخ الشهر الماضي. ومعظم تلك المشاركات لا تتضمن أعمال قتال فعلية، لأن ما تقوم به الوحدات التابعة لماكرافن سرية، ومن المستحيل الكشف عن عدد الأماكن التي تحارب فيها القوات الأميركية في وقت معين. وهناك سؤال لا بد أن يطرح نفسه هنا: طالما أن القوات الأميركية منخرطة في مهام في كل هذه الأماكن، فما هو السبب الذي يجعلها لا تلقى الكثير من الاهتمام العام؟ هناك أسباب واضحة لذلك الإغفال منها على سبيل المثال، إن الأميركيين العاديين والمرشحين الرئاسيين مهمومون تماماً في الوقت الراهن بالمصاعب التي يعانيها الاقتصاد المحلي، ومنها كذلك أنه بعد تحويل الجيش الأميركي لجيش يتكون من المتطوعين بالكامل، فإن عدد العائلات الأميركية التي يوجد لها جنود في ذلك الجيش قد بات أقل مما كان عليه من قبل، وهو ما يؤدي لتناقص مساحة الاهتمام بمهام القوات المسلحة الأميركية في العالم. وثمة سبب آخر لحقيقة أننا لا نسمع سوى القليل عن المهام القتالية التي تخوضها قواتنا وهو، أنه يوجد لدينا في سياق الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية مرشحان لا يبدوان مرتاحين تماماً بشأن مواقفهما من الحرب والسلام. ففي الحملة الانتخابية السابقة عام 2008 كان من السهل على أوباما أن يخوض حملته على أساس أنه رجل مناوئ للحرب، ولكنه لا يستطيع ذلك الآن لأنه يشغل بحكم منصبه كرئيس للولايات المتحدة، منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة المنخرطة في قتال، والتي قامت بزيادة عدد هجمات الطائرات التي تطير من دون طيار بناء على أوامر منه. علاوة على ذلك يعرف أوباما أن الناخبين "الديمقراطيين"، الذي سيعتمد عليهم في إعادة انتخابه، قد سئموا من الحرب منذ زمن طويل، كما تشير إلى ذلك العديد من استطلاعات الرأي. على ضوء ذلك ليس هناك ما يدعو للاستغراب، عندما لا يتحدث أوباما كثيراً عن الحرب، إلا عندما يتعلق الأمر بأنه قد حدد تاريخاً معيناً لسحب تلك القوات من أفغانستان، مع إبقاء عدد محدود بعد ذلك من المدربين والمستشارين. ميت رومني لديه معضلة شائكة مماثلة لتلك التي لدى أوباما، فعلى النقيض من "الديمقراطيين" ينقسم "الجمهوريون" انقساماً حاداً حول الحرب، حيث أثبت استطلاع للرأي أجراه"مجلس شيكاغو" أن 58 في المئة من "الجمهوريين" يعتقدون أن الحرب التي يخوضها الجنود الأميركيون لا تستحق التضحية من أجلها، بينما يعتقد 41 في المئة أنها تستحق ذلك. ولكن، ونظراً لحقيقة أن هناك في الوقت الراهن جنوداً أميركيين منخرطين في حروب وصراعات في مناطق تنتشر في أنحاء العالم، فإن هناك سؤالاً لا بد أن يقفز إلى الأذهان هو: ألا نستحق نحن الأميركيين من المرشحين الاثنين أن يقوما بالحديث عن خططهما المستقبلية بشأن مهام وأوضاع تلك القوات؟ وبالحديث كذلك علن الفترة الزمنية التي سيظل فيها الأميركيون في أفغانستان بعد عام 2014؟ وكيف سيتعامل هؤلاء مع باكستان صديقنا اللدود المثير للمشكلات؟ وهل إذا لم تنجح العقوبات في إقناع إيران بالتوقف عن مواصلة برنامجها لتصنيع سلاح نووي، فسوف يؤيدا القيام بعمل عسكري هناك؟ وماذا عن سوريا؟ هذه كلها أسئلة تحتاج إلى إجابة، ولكننا إذا نظرنا إلى الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية للمرشحين، فإننا سنجد أن كلا المرشحين سيفضلان بدلاً من الإجابة على تلك الأسئلة، أن يغيرا الموضوع، وكأنهما يريدان منا نحن أيضاً أن نغيره. دويل مكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©