الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كتابة من الخارج

22 يوليو 2015 22:15
إن أكثر ما يكتب عن طنجة، اليوم، هي كتب - بطاقات بريدية (بوست كارت). قد يمكث في طنجة كاتب ما أسابيع ويكتب عنها كتيباً متبجحاً بما يعرفه عن خفاياها، وجغرافيتها السرية، وأمجادها الغابرة والمشاهير الذين عاشوا فيها أو مروا بها. إنهم كثيرون الذين يكتبون عن المغرب بطاقات بريدية فيهرجون الكتابة ويسطحونها، بحثاً عن شهرة مجانية، فقاعية، وزبائنهم القراء هم أيضاً هؤلاء المرضى بالافتتان، والغرائبي وما ورثوه من ألف ليلة وليلة أو ما تبقى في ذاكرتهم منها: «لأنّ في طنجة القرن العشرين هناك دائماً سحر ألف ليلة وليلة متأهب لينبثق». غير أن الأفظع من هذه السطحية هي الكتابة عن طنجة بحقد وعنصرية، والاستخفاف ببسطاء أهلها كما فعل الصحافي ألبيرطو إسبانيا Alberto Espana الفاشيستي في كتابه «La pequena historia de tanger» تاريخ طنجة الوجيز. ويبقى كتاب: «مذكرات شيخ طنجي، Memorias de un viego tangerion لإسحاق لاريدو، عميد الصحافيين، في زمنه، أهم وثيقة تاريخية واجتماعية عن طنجة دون تحيز، أما ألبيرطو إسبانيا، رغم دلائله التاريخية، فإنه لم يهتم، في كتابه، إلا بالسلطة الحاكمة، الأجنبية والوطنية، وببعض أعيان طنجة المغاربة المستسلمين لطغيان الاستعمار وهيمنته. هامش 1 بنت الطوفان هذه «الطنجة» التي أعيت المؤرخين والباحثين عبثاً عن أصل من بناها هي - حسب الأسطورة الطنجاوية - وليدة الطوفان: فقد عادت الحمامة وصاح نوح: «طين جاء» فإذا فلكه ترسو قرب «هضبة الشرف». يتقاطع في طنجة الأسطورة والتاريخ. غير أنها لا تبوح بسرها الخالد؛ فهي تعيش في ديمومة ذاكرة صمتها - اللغز، السحر والحكمة. غير أن ميلان كونديرا Milan Kundera يبرر هذا الطرح اللغزي في قوله: «إن صراع الإنسان في الحياة هو صراع الذاكرة ضد النسيان». إن هؤلاء الذين يأتون اليوم إلى طنج، بحثاً عن نفس الحياة التي عاشها الذين من قبلهم - أو مروا فقط بها - لا يهمهم أن يخيب أملهم فيها. يكفيهم أن يجدوا صدى حكايات ترضيهم عمّا مضى. ما يهمهم هو أن يعيشوا ولو على ذكرى ما تبقى من آثار السابقين لهم فيها. محمد شكري من «باول بولز وعزلة طنجة»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©