الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الحمادي: 95% من أطبائنـا لا يعـــلمون الجديد عن «المنشطات»

الحمادي: 95% من أطبائنـا لا يعـــلمون الجديد عن «المنشطات»
21 يناير 2012
أبوظبي( الاتحاد)– بعد تناول قضية المنشطات بالرصد على المستويات المحلية والعربية والعالمية في الحلقات الأربع السابقة، يصبح من الضروري أن نستعرض رأي أهل الاختصاص والخبرة من الأطباء والمسؤولين في هذا الملف الخطير، حتى نتحول بالظاهرة من مجرد الرصد والبحث عن الأسباب، إلى السعي لإيجاد الحلول، مرورا بمحاولة تثقيف رياضيينا بالكثير من الجوانب المهمة في هذا الشأن، وعلى رأسها العقاقير المعتاد تناولها من قبل الإنسان العادي والرياضي والتي تحمل في نفس الوقت مواد محظورة. قبل أن نطوي صفحة هذا الملف، سنتجول بين الآراء لنرصد دور العلم في مكافحة انتشار هذا المرض، ونضع مع المتخصصين «روشتة» علاج الوباء، خاصة أن دوافع تناوله تزايدت في المرحلة الأخيرة بعد أن دخلت الرياضة في عالم «بيزنس» بالمليارات، وفي حمى المنافسات الرياضية وضغوطها الهائلة على اللاعبين، ينهار الكثير من الأبطال ومن مدربيهم، أمام «سحر» المنشّطات. وفي منطقتنا العربية لا تتوافر لدى الكثير من الرياضيين الثقافة الكافية، وستفاجئنا آراء الكثير من الخبراء العاملين في الميدان حول نسب اللاعبين والأطباء وأخصائيي العلاج الطبيعي الذين لا يعلمون شيئا عن المنشطات برغم الدخول في المراحل الاحترافية. كما تكشف من خلال المتخصصين، أنه بالإضافة إلى تأثيرات المنشطات السلبية على نزاهة النتائج، بكل التداعيات الإعلامية والرياضية والاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية، فإن هناك تأثيرات سلبية بدنية ونفسية وصحية تطال بشكل مباشر اللاعبين المستخدمين لها أنفسهم، وبشكل غير مباشر تطال غيرهم في الوسط الرياضي برمته. ومن الضروري أن نقول في هذا السياق إن عبارة «المنشّطات المحظورة» لا تعني تلقائيا تلك المواد الضارة بالجسم في المطلق، وإنما هناك من أنواع تلك المواد ما هو في الأصل أدوية يستخدمها الأطباء على نطاق واسع في معالجة حالات مرضية شائعة جدا بين الناس، مثل الربو ونزلات البرد وارتفاع ضغط الدم. استقلالية الطبيب في البداية، يرى الدكتور يعقوب الحمادي المتخصص في جراحة العظام أن الإشكال الحقيقي في قضية المنشطات يكمن في أمرين لا ثالث لهما، أولهما في طريقة اختيار طبيب النادي من قبل مجلس الإدارة، وجرت العادة في المجتمعات الخليجية والعربية أن يكون طبيب النادي ملحقاً للجهاز الفني، وليس له الاستقلالية التي تجعله قويا، وقادرا على تطبيق ما يجب أن يكون، كما أن بعض الإدارات تذهب إلى الرخيص في الثمن، وتنصاع لرغبات المدربين، بدليل أن بعض المدربين تسببوا في إلغاء التعاقد مع بعض الأطباء عندما اختلفوا معهم في الرأي، ومن هنا يبدأ الخلل فيصبح الطبيب مجرد منفذ لرغبات المدرب، يعيد له هذا اللاعب من الإصابة وقتما يريد، ويعطي لهذا راحة من البرنامج التأهيلي وقتما يريد، وهذا يتسبب في إرباك العمل وبالتالي يفقد الطبيب الثقة عند اللاعب، وفي هذه الحالة ربما يتواصل اللاعب مع المدرب مباشرة في مسألة المواد المقوية، ويتجاهل رأي الطبيب فيقع في المحظور. ويتابع الدكتور يعقوب الحمادي، قائلاً: أما الأمر الثاني وأعتبر نفسي شاهدا عليه فيختص بالطبيب العادي في المستشفى العادية، وهنا أستطيع أن أجزم أن 95 ? من أطباء المستشفيات العادية لا يسألون الشخص الذي يعالجونه عن مهنته، وإذا سألوه وقال لهم أنا رياضي فليست لديهم قائمة بالمواد المحظورة، وبالتالي فإن العلاج قد تكون به مواد ضارة بالرياضي وتقع تحت طائلة العقاب، وهذا ناتج بالتأكيد عن ضعف الثقافة بهذه الأمور. وقال: بجوار هذين السببين الجوهريين، هناك أسباب ثانوية أخرى، منها أخصائي العلاج الطبيعي غير المؤهل الذي يفتي أحيانا في أمور لا علاقة له بها، وكذا إطلاع طبيب النادي نفسه على الحديث في قوائم المواد المحظورة، وهو الأمر الذي لا يجب أن يبتعد عنه أي طبيب أكثر من أسبوعين لأن التحديث عليها يتم بشكل متواصل، كما أن اللاعب نفسه يجب أن يكون أهم رقيب على نفسه في كل المنافسات. أما عن وسائل العلاج وآلياته، فقد أكد الحمادي أن اللجنة الوطنية لمكافحة المنشطات تقوم بجهد كبير يشهد به الجميع، إلا أن ذلك لا يكفي لأن عقد الندوات من قبل اللجنة الوطنية لمكافحة المنشطات في اللجنة الأولمبية لا يكفي، مشيراً إلى ضرورة أن تقوم اللجنة بزيارات دورية للأندية والاتحادات وأن تعقد لقاءات مع اللاعبين والأطباء في كل ناد، كما أن اللجنة يجب أن تدعو كل أطباء الأندية مرتين سنويا وتعقد لهم دورات تدريبية وورش عمل، تمنحهم خلالها شهادات تفيد إطلاعهم على كل المستجدات الخاصة بالمنشطات، وتكون هذه الورش والشهادات إلزامية. تفاعل واضح ويقول الدكتور مراد الغرايري مدير الجهاز الطبي في نادي الشباب إن مجلس دبي الرياضي يتفاعل مع قضية المنشطات بشكل واضح، حيث عقد عدة ندوات على مستويين، أحدهما للفرق الأولى في الأندية، والثاني للمراحل السنية حيث جرت توعية اللاعبين والأجهزة الطبية بكل الأمور الخاصة بالمنشطات، بهدف الوقاية لأن الوقاية في مثل هذه الأمور أفضل من العلاج، موضحا أن أهم ما ورد في هذه المحاضرات والندوات هو التأكيد على ضرورة التواصل بين اللاعب وطبيب النادي، وأن يطلعه على كل المستجدات أولا بأول، وأن يلتزم بكل تعليماته حتى لو أصيب بأي وعكة صحية خارج الملعب، فلا يجب أن يحصل على أي أدوية إلا بعد الرجوع لطبيبه. ويؤكد الغرايري أنه إذا أصيب اللاعب مثلا في ساعة متأخرة من الليل بأي شيء طارئ، وذهب إلى المستشفى فلابد أن يعلم طبيب المستشفى بأنه رياضي، وأن يحصل منه على تقرير طبي مع الدواء، ولا يتناول الدواء إلا بعد الاتصال بطبيب النادي حتى يخطره به، ويقول: في كل الأحوال أظن حتى أن وجود نظام غذائي ثابت في النادي للفريق الأول بات أمرا مهما حتى تكون كل الأطعمة تحت السيطرة والكشف، وربما لا يحدث هذا في أندية أوروبا لأن اللاعبين يعرفون ما هو محظور، وما هو مسموح به، ولكن في مجتمعاتنا الرياضية العربية كثيرا ما تتكرر عبارة: «للأسف أخذت هذه المادة الغذائية من صديقي، وقال لي أنها ليست مؤثرة»، ومن خلال تجربتي العملية في أحد أندية فرنسا أستطيع أن أؤكد أن اللاعب هناك يراقب نفسه بشكل جيد، ويتعامل بحرص أكبر مع الأغذية وكل المواد والعقارات التي يتناولها. وتابع: الذي لا يعلمه الكثير من رياضيينا أن المنشطات ربما تفيد اللاعب في موقف معين، أو بطولة معينة، وربما لا تفيده أيضا، إلا أن بعض المواد المحظورة قد تتسبب للرياضي في أمراض قاتلة مثل الفشل الكلوي، وتعطيل وظائف الكبد، وهذه المعلومات لابد أن يعرفها كل الرياضيين. وعن رؤيته للأسباب الحقيقية في انتشار ظاهرة «المنشطات» في الملاعب والساحات والميادين العالمية، أكد أن الضغط النفسي الذي يتعرض له الرياضي، يجعله في حالة ارتباك وقلق في المواقف الصعبة من المنافسات، وفي ظل الجهل بالمواد المحظورة، والإجراءات الطبية السليمة قد يتناول أي مادة إذا قيل له إنها مفيدة له وتساعد على التركيز أو تجديد الحيوية في العطاء، ويقول: للأسف كل هذه المعاني هي التي تجمل المعنى الحقيقي لطاعون المنشطات، وكلها تقال من أناس ليسوا على علم بما هو محظور أو غير محظور. تحليل دوري ويقول الدكتور عزيز علي خليفة أخصائي طب وجراحة المفاصل والعظام ومدير العيادة السابق في نادي الجزيرة إن الموسم بالنسبة للرياضي مزدحم للغاية، ولكن هذا الازدحام لا يجب أن يحول دون إخضاع اللاعب للفحوص الطبية ضد المنشطات مرتين على الأقل سنويا، وقد كان هذا يحدث في ناد الجزيرة، حيث كان يتم التنبيه على اللاعبين كلهم من آن لآخر بأنهم عرضة للفحص في أي مباراة، مع تبصيرهم بكل المواد المحظورة، والسلوكيات التي لا يجب الوقوع فيها. وعن أسباب لجوء الرياضيين إلى تعاطي المنشطات في كل دول العالم، قال: بشكل عام، فإن النسبة الأكبر من الرياضيين الذين يتعاطون المنشطات يكونون في مراحل علاجية، ويريدون أن يتعافوا بسرعة، ومن هنا يتناولون مواد إما لتسكين إصابتهم، أو لاختصار فتراتهم العلاجية، وللأسف الشديد فإن بعض الشركات غير المعروفة تنتج أدوية غير متوازنة في كميات العقارات المعتمدة، بمعنى أن النسبة المتاحة من المقويات أو المسكنات في بعض تلك الأدوية تكون زائدة عن الحد، ومن هنا فلابد أن يكون طبيب النادي على علم بالشركات المعتمدة، والنسب المسموح بها في مستحضرات كل دواء. وتابع: لابد أن يتم تبصير اللاعب بأن المنشط فضيحة، وأن يوفر الجهاز الطبي في كل ناد واتحاد الرعاية الطبية الكاملة للاعبيه بما في ذلك الجوانب النفسية واللياقية، وأن يجرى تحليلاً دورياً لنشاط اللاعب البدني والصحي، وفي ناد الجزيرة كنا نحصل على توقيع كل لاعب على وثيقة بعدم الحصول على أي مواد أو عقارات إلا بعد الرجوع للطبيب، وكذلك المواد الغذائية، لأن المنشط قد يكون في الشراب أو في الغذاء. الظروف الصعبة وأضاف: الرياضي بشكل عام يواجه ظروفا صعبة في أوقات المنافسات، ويكون مستغرقاً في المنافسة ذهنيا وبدنيا ونفسيا، وربما لا يجد الوقت الذي يراجع فيه الطبيب، ومن هنا فلابد للطبيب أن يتدخل دائماً ويسأل ويعرف كل المستجدات، كما لابد أن يكون الطبيب على صلة وثيقة مع المدرب، وأن يحصل منه على معلومات بشكل دوري عن كل لاعب بحيث يساعده ذلك في تحليل الحالة الصحية والبدنية له، وأن يكون رأي الطبيب مأخوذاً به في كل الحالات، بمعنى أن المدرب المحترف لا يجب أن يكون صاحب قرار إعادة اللاعب المصاب بأي إصابة إلى أرض الملعب، إلا بعد الرجوع للجهاز الطبي، وبناء عليه فإن استقلال وقوة الجهاز الطبي في كل ناد مهم في القضاء على هذا الشبح القاتل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©