السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الخبراء يتساءلون.. أين العملة العالمية الموحدة؟

الخبراء يتساءلون.. أين العملة العالمية الموحدة؟
24 أغسطس 2006 00:18
إعداد - أيمن جمعة: ألم يحن الوقت لصدور ''عملة دولية موحدة''؟ هذا السؤال ليس بجديد على الاسواق، فهو يتردد في محافل المال والاقتصاد منذ عقود، لكن وتيرة المطالبة بردود ''ايجابية'' عليه تتزايد بقوة هذه الايام مع انضمام العديد من أساتذة وخبراء الاقتصاد وبعضهم حاصل على جائزة نوبل الى الاصوات التي تشن حملات دعائية تحت شعار ''يا سكان العالم توقفوا عن ادمان الدولار''· ولا تقتصر القائمة الطويلة لمؤيدي هذه العملة على المعارضين لاميركا، فمنهم بول فولكر الرئيس الاسبق للبنك المركزي الاميركي الذي اشتهر بمقولته ''نجاحنا في تحقيق حلم الاقتصاد العالمي الموحد يحتاج إلى اطلاق عملة عالمية موحدة·'' واتفق أنصار هذه الفكرة على الاشارة الى هذه العملة بـ "GCU" وهو اختصار ''جلوبال كارنسي يونيت'' اي العملة العالمية الموحدة· ويعتقد مؤيدو هذه العملة ان مشكلة العالم مع الدولار وما يستتبعه من اختلالات عالمية ضخمة في النظام النقدي والتجاري، تتمثل في ان استخدام ''العملة الخضراء'' كعملة معيارية يشجع الولايات المتحدة على عدم الاهتمام بسياساتها النقدية والمالية··! وهم يرون ان الهيمنة الاميركية على الاسواق المالية لها أضرار كبيرة، بل ويصلون الى حد القول إنه ''لكي تكون اميركا أكثر اعتدالا في مواقفها الدولية فانه يجب ان يبتعد الاقتصاد الدولي عن الدولار الاميركي ويتحول الى التعامل بعملة دولية موحدة·'' ويقول روبرت واد بروفيسور السياسات الاقتصادية في كلية لندن للاقتصاد ''لا ينكر احد الهيمنة الاميركية على العالم، ولكن يجب ان ندرك جيدا ان هذه الهيمنة لا تعتمد فقط على القوة العسكرية المطلقة، وحجم انتاجية اقتصادها العملاق، ولكنها تعتمد بشكل أساسي على حقيقة ان غالبية الصفقات الدولية يتم تقويمها بالدولار، وأن أكثر من 60 % من احتياطيات العالم من العملات الصعبة هي في أصول بالدولار مثل السندات وأذون الخزانة الأميركية·'' الاعتماد على الدولار أسقط الدول النامية في مصيدة الديون يقول البروفيسور واد ''عندما يقتصر استخدام العملة الوطنية داخل الوطن فقط فان الحكومة تتعامل معها بوعي لانها تدرك أن وضع هذه العملة يمكن ان يتعرض للخطر اذا قامت على سبيل المثال بطبع كميات كبيرة منها، لان مثل هذه الخطوة ستكبد الاقتصاد خسائر تتعلق بالضغوط التضخمية وعدم الاستقرار''· العجوزات النقدية والتجارية ويمضى قائلا ''ولكن عندما تكون العملة الوطنية هي أيضا عملة دولية، كما هو الحال مع الدولار الاميركي فان الحكومة تصبح اقل ترددا في طبع عملات ورقية بلا غطاء لانها تعرف انها لن تتعرض لاية مشاكل لانها تدرك ببساطة ان تداعيات أية مشكلة تتعلق بالعجوزات النقدية او التجارية لن تكون قاصرة عليها بل ستمتد لتشمل دولا اخرى عديدة خاصة التي تجمع احتياطياتها من العملة الصعبة بالدولار''· ويؤيد المحللون هذا الرأي مشيرين الى الخوف الذي ينتاب العالم كله بسبب تفاقم أزمة الاختلالات التجارية العالمية بما في ذلك العجز التجاري القياسي الاميركي والذي تهتم به دول العالم بقدر ربما لا يقل عن اهتمام واشنطن به· بل ان هناك سلسلة مقالات صدرت في الفترة الاخيرة تطالب العالم بتحرك يساعد اميركا على خفض عجوزاتها القياسية· وتضخ الولايات المتحدة مبالغ نقدية كبيرة جدا في الاقتصاد العالمي منذ الستينيات لكن الوتيرة تسارعت بقوة في الثمانينيات وهو ما تسبب في تسهيل الصفقات الدولية لكنه أدى أيضا الى ظهور مشكلات لا حصر لها لعدد كبير من الدول· ويقول المراقبون ''هناك أحجام هائلة من الاصول المالية المقومة بالدولار التي تتحرك في شتى أنحاء العالم عبر مؤسسات مالية تتطلع لعوائد مرتفعة· تدخل هذه الاصول وتخرج من الدول المختلفة وكأنها قطعان من الماشية التي لا يستطيع احد التصدي لها· زعزعة الاستقرار ويمكن لمثل هذه التحركات ان تزعزع استقرار الانظمة المالية للدول الناشئة كما حدث في أزمة ديون اميركا اللاتينية في الثمانينيات والتسعينيات والازمة التي ضربت شرق آسيا والبرازيل وروسيا بين عامي 1997 و·''1999 مصيدة الدولار وخلال التسعينيات، روجت وزارة الخزانة الاميركية بقوة استراتيجية لتنمية الدول الناشئة تقوم على النمو الاقتصادي بدعم من المدخرات الاجنبية، وحثت الوزارة الدول النامية على رفع القيود على تحركات خروج ودخول رؤوس الاموال حتى تستطيع الحكومات والشركات ان تقترض ما تريده من أموال بأسعار فائدة أرخص· ويقول البروفيسور واد ''تحولت هذه السياسة الى مصيدة ديون للدول النامية، في حين جنت الولايات المتحدة سلسلة مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة· فقد وجدت العديد من الحكومات نفسها وقد رزحت تحت عبء ديون أجنبية كبيرة واصبحت تواجه ضغوطا أكبر لتأييد المواقف الاميركية في المحافل والمنتديات الدولية مثل الامم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية· وعندما حانت أوقات الازمات، وتراجعت قيمة الاصول في الدول النامية، استطاعات الشركات الاميركية ان تحقق أرباحا أكثر من خلال شراء هذه الاصول، وبالتالي زادت الهيمنة الاقتصادية والسياسية الاميركية على هذه الدول''· ويخلص واد من هذا الى ان أساس مشكلة بعض الدول مع اميركا لا تكمن كما يعتقد البعض في ''السلوك الامبريالي'' للولايات المتحدة بل بسبب حقيقة ان الدولار الاميركي تحول الى العملة العالمية المعيارية· ويمضي قائلا ''لو أن هناك أي دولة أخرى تحولت عملتها الوطنية الى عملة دولية، لفعلت تماما مثلما تفعل أميركا· وهذا يؤكد صحة الاراء التي تصر على ان الاقتصاد الدولي يحتاج الى عملة دولية موحدة تختلف تماما عن العملات الوطنية وتكون بمنأى ومعزل عن المصالح الوطنية· هذه العملة يجب ان تستند في تقويمها الى اجمالي الناتج الحقيقي بعد حساب التضخم للاقتصاديات الكبرى· وسيكون على الحكومات والشركات ان تصدر سندات وأذونا مقومة بهذه العملة الموحدة وان تكون هذه الاوراق هي الاحتياطيات من العملات الصعبة''· ويرى أنصار هذه العملة ان الدول تستطيع تسوية الحسابات فيما بينها من خلال دفع قيمة تعاملاتها التجارية بعملاتها المحلية على ان تتم حسابات المقاصة من خلال اتحاد مقاصة دولي يستخدم العملة الدولية في التقدير والحساب· ويتم تحديد سعر صرف كل عملة وطنية استنادا الى حجم ما تملكه من الاحتياطيات من العملة الدولية الموحدة وبشكل يعكس الوضع الحقيقي والفعلي للاقتصاد وليس على التكهنات والمضاربات واحتمالات المستقبل· ويقول أنصار الفكرة ''العملة العالمية الموحدة ستساعد على ظهور نظام اقتصادي عالمي مستقر ومتوازن وقائم على العدالة والتعاون والمنفعة المتبادلة، كما أن هذه العملة سيساهم في خلق التوحد العالمي وفي التقارب والتآلف بين شعوب العالم''· العملة ديي فكر روبرت مونديل استاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا والحائز على جائزة نوبل، مع مجموعة صغيرة من الاقتصاديين والمسؤولين في إنشاء عملة دولية، لكن فكرته التي انطلقت قبل فترة لم تلق اهتماما كبيرا· وكان مونديل المشهور بنظرياته الاقتصادية الخاصة بالإمدادات والتمويل أول من تحدث عن عملة دولية موحدة أطلق عليها اسم (ديي) وهي اختصارات الدولار واليورو والين· عملات بلا غطاء··! تسجل الميزانية الاميركية عجزا قياسيا يصل الى 500 مليار دولار تقريبا، وهو ما تلجأ واشنطن لمعالجته ببساطة من خلال الاقتراض الدولي (في صورة بيع سندات خزانة) الذي يأتي معظمه من الحكومتين الصينية واليابانية· وكان الرئيس الاميركي الاسبق ريتشارد نيكسون ألغى العلاقة بين الدولار والذهب ولذا فان الولايات المتحدة تسدد فاتورة وارداتها الخارجية من الصين واليابان وألمانيا وبقية العالم بأوراق نقدية لا تستند إلى غطاء فعلي· فما الذي تفعله دولة مثل الصين بفائض تجارتها السنوية مع اميركا والذي يتجاوز 100 مليار دولار؟ يقوم بنك الصين المركزي بإعادة هذه الأموال إلى الخزينة الأميركية بهدف شراء سندات وأذون حكومية· وتكون المحصلة ان الولايات المتحدة تدفع ثمن السلع الصينية بأوراق مالية هي الدولار، والتي سرعان ما يعيدها الصينيون الى واشنطن لشراء سندات الخزينة· طبع الدولارات في كل عام تنتج السلطات الاميركية المزيد من الدولارات الورقية بفضل مطابعها التي تستطيع إنتاج ما ترغب به من أوراق الدولارات وبدون كلفة تذكر· وهناك تقارير اميركية متعددة تكشف ان الخزينة الأميركية تطلب باستمرار من الكونجرس الموافقة على طبع مزيد من الدولارات الاميركية في صورة سندات حكومية· وهذه الاموال في حقيقتها هي دين لحاملها دون فوائد للخزانة الأميركية· واذا قرر العالم اعادة هذه الاموال الى اميركا او تغييرها بعملات اخرى فعندئذ ستكون الكارثة· احتياطيات آسيوية هائلة كانت أميركا دولة دائنة حتى عام ،1989 وبعده تحولت الى أكبر دولة مدينة عرفها التاريخ، ويقدر حجم ما تدين به واشنطن للعالم بأكثر من سبعة تريليونات دولار، 42% منها أي حوالي 5,1 تريليون دولار، للبنوك المركزية العالمية، وبخاصة البنكين الصيني والياباني· وبنهاية يوليو الماضي بلغ اجمالي احتياطيات 11 دولة آسيوية حوالي 2,93 تريليون دولار· وهذه الدول بالترتيب حسب حجم الاحتياطي، الصين واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية والهند وهونج كونج وسنغافورة وماليزيا وتايلاند واندونيسيا والفلبين واخيرا باكستان· ولا تتوقف هذه الاحتياطيات عن الارتفاع بسبب اقبال البنوك المركزية على شراء كميات كبيرة من الدولارات للمحافظة على استقرار سعر صرف عملاتها، ولمواجهة تأثير التدفقات النقدية الاجنبية الكبيرة على دول المنطقة· مزايا توحيد 190 عملة في العالم ربما يكون من الصعب أن تظهر العملة الدولية قريبا في الأسواق العالمية، ولكن تظل هذه الفكرة حلما منذ القدم يراود الاقتصاديين الذين يشيرون الى عدة مميزات لعملية دمج ذلك الخليط من العملات الذي يصل إلى 190 عملة حول العالم في عملة دولية واحدة· تظهر بعض التقديرات ان العالم يتاجر بنحو 1,5 تريليون دولار من العملات المختلفة يوميا، وإذا ما اختفى ذلك السوق فإن الشركات والأفراد سوف يوفرون مئات المليارات من الدولارات سنويا من نفقات تحويل العملات الأجنبية ونفقات تقليل المخاطر التجارية· ويقول محلل مالي مقره لندن ''هناك ميزة أخرى مهمة للعملة الدولية، ظهور مثل هذه العملة واستقرارها يعني اننا لن نشهد بعد ذلك تضاءل او انهيار عملات محلية بشكل مفاجئ كما حدث في كل من الأرجنتين والمكسيك وتايلاند وروسيا في السنوات الأخيرة، وسيعم الاستقرار النظام المالي والنقدي العالمي· العملة الموحدة تؤدي لظهور اقتصاد موحد قوي خال من تقلبات أسعار الصرف بما يحفز الاستثمارات ويوسع نطاق المبادلات التجارية ويحسن كفاءة توزيع الموارد ويزيد معدلات النمو الاقتصادي''· والقضاء على تذبذبات العملة، يمكن أن يؤدي أيضا إلى حدوث حالة من الاستقرار للتجارة العالمية، فالقطاع الصناعي على جانبي المحيط الاطلسي على سبيل المثال لن يكون بحاجة إلى إجراء تغييرات ضخمة مثل تقليل قيمة اليورو من 1,17 دولار في عام 1999 إلى 83 سنتاً منذ عامين، ثم العودة ثانية إلى سعر 1,22 دولار· ويمكن أن ترتفع قيمة الأسهم وغيرها من الأصول في الدول التي تعاني الان من تقوض ثقة المستثمرين بسبب عوامل نفسية لا اساسية· التجارب الإقليمية·· حلول جزئية رغم انه لم تظهر أية خطوات فعلية حتى الان لاطلاق العملة العالمية الموحدة، فان رابطة دول جنوب شرق اسيا اضافة الى اليابان والصين وكوريا الجنوبية تستكشف منذ أعوام امكانية اصدار ''العملة الاسيوية الموحدة'' على ان تعكس المتوسط المعياري للعملات الاقليمية الرئيسية· والمستهدف ان تكون هذه العملة، بمثابة عملة معيارية مستقلة تماما عن الدولار، وتستطيع الدول الاسيوية على أساسها تنسيق سياساتها الخاصة بأسعار الصرف· وتدعو الفكرة لان تتحرك الدول الاسيوية لتقويم أسعار صادراتها وقروضها واصدارات السندات بهذه العملة الاسيوية الموحدة· والملفت انه رغم كل الخلافات القائمة بين الصين واليابان فانهما متفقتان على أهمية هذه العملة· وهناك حاليا خمسة اتحادات نقدية في العالم منها ثلاثة في افريقيا وواحد في منطقة الكاريبي وواحد في أوروبا (منطقة اليورو)· وتم في كل هذه الاتحادات طرح عملة مشتركة باستثناء منطقة الاتحاد النقدي لجنوب أفريقيا حيث تلعب عملة أفريقيا الجنوبية، الراند، دور العملة الموحدة· ومنذ عام 1981 قام البنك المركزي الكاريبي الشرقي بإمداد دولار الكاريبي إلى ما يقرب من 12 دولة، بما فيها أنتيجوا وباربادوس والدومينيك ومونتسيرات وسانت لوتشيا· كما يخطط مجلس التعاون الخليجي لإطلاق عملة موحدة لدول الامارات والسعودية والكويت والبحرين وعمان وقطر في اطار خطة لاقامة الاتحاد النقدي الخليجي بحلول عام ·2010 ولكن تظل فكرة العملة الاسيوية الموحدة والعملة الاوروبية الموحدة وغيرها من العملات الاقليمية مجرد حلول جزئية غير شاملة، لان استقرار هذه العملات قد يكون عرضة للزعزعة بسبب عمليات مضاربة او تعديل مقابل الدولار· ويقول البروفيسور واد ''نقول من جديد ان ما نحتاجه هو عملة دولية موحدة· لان اليورو على سبيل المثال كثير ما يتعرض لتحركات لتدعيمه·''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©