موسكوـ رستم أحمد:
يرى رئيس أكاديمية العلوم العسكرية الروسية الجنرال ''محمود غارييف'' ان اختطاف ''حزب الله'' للجنديين الإسرائيليين أعطى إسرائيل حجة لشن العمليات القتالية، وأن إسرائيل كانت تستهدف استفزاز سوريا وإيران وجرهما إلى الحرب، ويعتقد ان فشل هذا السيناريو هو النصر الرئيسي لهذين البلدين·
ويشير الجنرال غارييف الذي عمل في مصر حقبة الستينيات خبيرا عسكريا مع القوات المسلحة المصرية: إن رد فعل العالم العربي على الحرب في لبنان لم يكن متجانسا، فقد جرت في بعض البلدان مظاهرات احتجاج على الحرب في لبنان ولكن الدول الإسلامية لم تقف صفا واحدا حتى أنها لم تشجب إسرائيل ولم تؤيد حزب الله''· ويستشف رئيس اكاديمية العلوم العسكرية الروسية من نتائج الحرب ''نزعة ذميمة ''· أو يضيف'' أن الضربات من الطرفين كانت لا تلحق بالأهداف العسكرية بل بالسكان المدنيين والمدن والمنشآت الصناعية وشبكة الطاقة والجسور والطرق والمدارس والمستشفيات''·
ويضيف ''يجب أن تحرم الأمم المتحدة مثل هذه الأساليب والوسائل لخوض الحرب· لاسيما وأن تدمير الجسور والطرق في لبنان وقتل السكان المدنيين لم يحقق للجيش الإسرائيلي النصر''·
راجمات الصواريخ
ويعتقد الجنرال بأن عمليات الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله، ولبنان كانت الأشد فشلا خلال تاريخه كله··ويشير الى ان تبريرات اسرائيل بان مقاتلي حزب الله استخدموا السلاح الروسي، وبخاصة قواذف ''إر بي جي ـ ''29 ليست كافية لشرح اسباب الاخفاق· ويقول ان مصدر هذا السلاح لدى ''حزب الله'' بالذات غير واضح، خاصة وان دولا مثل أوكرانيا
وبيلوروسيا، وحتى بولونيا وبلغاريا ورومانيا والمجر، تنتج وتبيع مختلف أنواع الأسلحة السوفيتية الصنع الموجودة في ترساناتها·
ولم يسلم حزب الله أي صاروخ من الصواريخ التي كان يطلقها على إسرائيل إلى الجيش اللبناني، الذي بدأ نشر وحداته جنوبي نهر الليطاني، ويصفها الإسرائيليون بـ''كاتيوشا''، ولكن القذائف الصاروخية الروسية التي تعرف بهذا الاسم منذ الحرب العالمية الثانية لا تمت بصلة إلى الصواريخ التي يستخدمها حزب الله والتي تبلغ زنة الواحد منها نحو طن، وفقا للخبراء العسكريين الروس· ويذكر ان حزب الله اطلق ما لا يقل عن 3 آلاف صاروخ على إسرائيل خلال 34 يوما من الحرب·
وتعتبر راجمات الصواريخ أهم سلاح لحزب الله اللبناني· ولأن حزب الله يضرب ستارا من السرية على المعلومات عن قواته فإن ما كشفه الاستطلاع الجوي الإسرائيلي، وما تبين من تحليل شظايا الصواريخ هو المصدر الوحيد لمعلومات من هذا النوع·
وحسب المعلومات المتوافرة فإن راجمة الصواريخ ''فجر - ''3 هي السلاح الرئيسي لقوات حزب الله· ولها 4 مواسير· ويحمل الصاروخ من الصواريخ التي تطلقها راجمة ''فجر - ،''3 45 كيلوغراما من المتفجرات· ويبلغ مداه 43 كيلومترا· ويحمل الصاروخ من الصواريخ التي تطلقها راجمات ''فجر - ''5 90 كيلوغراما من المتفجرات·
وتوضع راجمات الصواريخ ''فجر'' على منصات متنقلة· ويبلغ طول صاروخ ''فجر - ''3 و''فجر - ''5 2ر5 متر و5ر6 متر على التوالي· وحسب المصادر الإسرائيلية فإن الطائرات الإسرائيلية دمرت جميع السيارات التي تستطيع نقل حمولات بهذا الحجم· أما صواريخ ''آرش'' فهي الأكثر عددا بين الصواريخ التي يمتلكها حزب الله· ويبلغ مدى راجمة الصواريخ ''آرش''، وهي نسخة إيرانية لراجمة الصواريخ السوفيتية ''غراد'' ولها 30 أو 40 ماسورة، 75ر20 كيلومتر· ويعتقد ان حزب الله كان يمتلك نحو 75 راجمة صواريخ من هذا النوع وأيضا 140 - 150 راجمة صواريخ من نوع ''حاسب''· ويبلغ مدى راجمة الصواريخ ''حاسب'' التي لها 12 ماسورة، 5ر8 كيلومتر·
وكان حزب الله يمتلك 12 ألف صاروخ وفقا لما قاله قادته· وتم إطلاق ربعها على إسرائيل· ودمر جزء منها في قصف إسرائيلي· أما البقية فيفترض ان تظل موجهة إلى المدن الإسرائيلية·
ويلحظ المستشرق الروسي فلاديمير أحمدوف ''ان من الصعب الحكم على أن حزب الله منظمة إرهابية عندما يحظى بدعم أغلبية سكان وسلطات لبنان، وعندما ترفرف رايات الحركة فوق رؤوس المتظاهرين الكثيرين في بلدان الشرق والغرب ''وأضاف: ''إذا واصلنا الإصرار على أن حزب الله منظمة إرهابية، عندها يتعين الاعتراف أيضا بواقع أن الإرهابيين انتصروا في الحرب''·
ويرى فلاديمير أحمدوف أن حزب الله أثبت حيويته العسكرية والسياسية والإعلامية· ويقول ان المهمة الرئيسية لحزب الله ليست محاربة إسرائيل بل تعزيز نفوذه في لبنان'' ·· ويضيف '' إن الحرب في لبنان لم تؤد إلا الى تعزيز مواقع الحركات الإسلامية''· ويقول
''يوجد خياران لاثالث لهما إما السعي الى القضاء على هذه الحركات كليا وهذا غير ممكن كما تظهر الممارسة، أو التعايش معها''·
ويلفت المحلل السياسي فيكتور سيميونوف ان الخاسر الرئيس في معركة لبنان ''هو من ليست له علاقة مباشرة بها أي السكان المدنيين في لبنان وإسرائيل· أولئك الذين فقدوا الأقرباء، والمأوى، أو ربما ما هو أغلى من ذلك بكثير أي فقدان الأمل بحلول السلام ما داموا أحياء''·
لبنان ··والإعلام الروسي
ويقول ''كان يجب على أولمرت وحسن نصر الله أن يفكرا بهذا الامر، عندما أعطى الأول أوامره بتوسيع عمليات الجيش الإسرائيلي، بينما سمح الثاني باستخدام الصواريخ الأبعد مدى التي جلبت من ترسانات أجنبية· وان عشرات الآلاف من اللاجئين الذين يجوبون اليوم طرق لبنان ليبدون كتهمة دامغة للقيادة العليا''· على صعيد متصل كشف استطلاع أجراه مركز ''ميديالوجيا'' في الفترة من يوليو إلى بداية أغسطس أن القنوات الرئيسية في التلفزيون الروسي وقفت إلى جانب اللبنانيين ضد إسرائيل عندما قامت بتغطية العمليات العسكرية في الشرق الأوسط إعلاميا·
ويبدو لبنان طرفا متضررا على شبكة التلفزيون الروسي· ولم يستعمل الصحفيون العاملون بالتلفزيون الروسي لفظ ''الإرهاب'' عندما تحدثوا عن حزب الله· وبث التلفزيون الروسي بيانات حزب الله أو مقتطفات منها 253 مرة في حين بلغ عدد المرات التي استشهد فيها بالجانب الإسرائيلي 36 مرة·
وفي الوقت نفسه انخفض عدد المتعاطفين مع إسرائيل في الشارع الروسي حسبما أظهر استطلاع أجراه أحد مراكز استطلاع الآراء· وكشف هذا الاستطلاع أن نسبة المتعاطفين مع الإسرائيليين انخفضت من 21 في المائة إلى 16 في المائة ··وشهدت روسيا مئات المظاهرات المؤيدة للبنان ولم تكد تشهد مظاهرات مؤيدة لإسرائيل· ويرجع فلاديمير سولوفيوف، مذيع قناة ''ان تي في'' أسباب تحيز وسائل الإعلام الروسية إلى فشل إسرائيل في إقناع الرأي العام بأن حزب الله يشكل خطرا إرهابيا· ويقول ''يفغيني ساتانوفسكي'' رئيس معهد الدراسات الشرق اوسطية وهو رئيس سابق لمنظمة المؤتمر اليهودي الروسي، إن وسائل الإعلام الروسية تفوق موضوعيةً وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية· ويتفق ساتانوفسكي مع من يرون ان القنوات الروسية تفضل عرض الدمار في لبنان لا في إسرائيل· ويضيف ساتانوفسكي أن هذا يرجع إلى علاقات متميزة بين روسيا وإيران التي تدعم حزب الله·
ويفسر ''ألكسي مالاشينكو'' من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي التحيز بأن روسيا تؤيد موقف العرب أكثر·
وترصد المراكز الروسية هجرة الوف اليهود من اسرائيل· ويقول مسؤول في إحدى شركات السياحة لا أحد يرغب في الذهاب إلى إسرائيل في رحلة سياحية رغم أن تكلفة الرحلة انخفضت بنسبة 20 في المائة· ولم تعد الرحلة على خط مصر - قبرص - إسرائيل - لبنان تحظى بالقبول أيضا·
عدد اليوم
