الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

دعوة لتفادي أسباب الصراع وتشجيع ثقافة الحوار بين الأمم والشعوب

24 أغسطس 2006 01:05
مسقط ـ مصطفى المعمري: أكد المشاركون في الندوة الدولية (الحوار بين الحضارات والثقافات) التي نظمتها وزارة التراث والثقافة العمانية بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) أن الحوار بين الحضارات والثقافات أصبح حاجة ملحة تقتضيها سجية الانسان العاقلة وطبيعته المحاورة وتستلزمها المتغيرات والتحولات الدولية المتسارعة التي يشهدها العالم في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه وهو ما يعني تربية النشء على ثقافة الحوار وقبول الآخر والبحث عن قواسم مشتركة تجمع البشرية على ضروريات تنبغي المحافظة عليها، وأولها حرية الانسان وحقه في الحياة بكرامة بغض النظر عن جنسه ولونه وانتمائه الفكري، وثانيا التشجيع على الحوار بين الثقافات والحضارات في اطار الاحترام المتبادل والاحتكام الى القيم والمبادئ الاخلاقية التي تحظى بالتقدير الانساني العام· وأكدوا على اهمية تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات وتفادي أسباب الصراع والكراهية بين الأمم والشعوب والجماعات، بناء على تعهدات الرباط التي صدرت عن الندوة الدولية حول تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات من خلال مبادرات ملموسة مستدامة (الرباط 14 - 16 يونيو 2005 ) بإشراك جميع فئات المجتمع في هذا المجال· قنوات للحوار من ناحيته قال وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية الشيخ حمد بن هلال المعمري: إن الحوار بين الحضارات والثقافات يسهم بدرجة كبيرة في التقارب بين الشعوب والأمم وفي إزالة الحواجز المتراكمة من سوء الفهم، كما أن الحوار ازدادت أهميته القصوى في هذه المرحلة من التاريخ الإنساني حيث تتصاعد التحديات التي تواجه البشرية في كافة المجالات فلا يمكن تصور تعاون أو بناء أو حوار حقيقي بين الحضارات والثقافات دون إقرار بمبدأ التنوع الثقافي والحوار البناء وانطلاقا من ذلك علينا التمسك بموروثنا الحضاري وهويتنا الثقافية دون انغلاق فكري أو جمود ثقافي وفي إطار من التفاعل مع الثقافات والحضارات الأخرى وإيجاد قنوات حوار مبنية على احترام الآخر· أما وكيل وزارة الخارجية العماني السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي: فقد ذكر أن مصطلح حوار الحضارات ما هو إلا تسمية جديدة لمنهج كان متبعا منذ أمد بعيد في العلاقات بين الشعوب إلا أن هذه القضية أصبحت تتصدر اهتمامات العالم بصورة تكاد اليوم تكون أكثر إلحاحا عما مضى، فهي فكرة تم طرحها وتبنيها عالميا في السنوات الأخيرة انطلاقا من الرغبة الدولية في التأكيد على قيمة الحوار ودحضها للرأي السلبي الزاعم بأن حضارات العالم المتنوعة مصيرها الصراعات الحتمية، وتفنيدا للمفاهيم غير الصحيحة التي انتشرت في عالمنا المعاصر نتيجة الجهل والظلم واختلال تطبيق الموازين والمعايير وانحراف عن مسار العدالة والحق والإحسان في معالجة دواعي التوتر والنزاعات في عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية وبالنسبة للسياسة الخارجية· واضاف: إن استخدام مصطلح الحضارات يؤكد التزام سلطنة عمان بأن التحاور مع الآخر هو واحد من أهم مقومات الخطط الاستراتيجية التي تسعى للحيلولة دون اندلاع صراعات عالمية تؤدي في النهاية إلى زعزعة الأمن والاستقرار مشيرا الى انه سلطنة عمان لها ثقافة عريقة في ممارسة الحوار والشورى وقد أسس السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان مؤسسات حديثة متطورة تهدف لاستقطاب وإشراك جميع شرائح المجتمع في مختلف أشكال الحوار وعمليات صنع القرار ويتربع مجلسا الدولة والشورى على قمة منظومة تلك المؤسسات التي تسهم من خلالها مختلف الآراء والاتجاهات في تطوير الخطط التنموية للبلاد· واوضح قائلا ان حوار الحضارات يشمل كافة أشكال الحوار سواء على الصعيد الرسمي أو غيره من القنوات الثقافية والتواصل في مجالات السياحة والتجارة إضافة على المشاريع التعليمية بين مختلف البلدان والندوات الفكرية والدينية المتعلقة بالقيم الإنسانية· وفي هذا السياق فإن الخطاب العماني الحقيقي هو الصوت القادر على التعبير عن قيمنا ومرئياتنا بشفافية وهو القادر على التعبير حين تقتضي الضرورة دون ضجيج إعلامي أو انتهازية أو تعصب· حياة أفضل من جانبه قال مساعد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) إن الوصول لمرحلة التحالف بين الحضارات والثقافات بات حاجة إنسانية ملحة من أجل حياة أفضل لكل البشر يدركها الإنسان البسيط والمثقف على حد سواء، وعليه فإن عملنا الدؤوب في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وجهودكم المتواصلة في هذا المجال ليست ترفا فكريا وإنما هي دعوة ملحة إلى التفكير والتغيير المتواصل في ثقافات الناس وسلوكهم، وتوجيه ذلك كله بفضل الحوار الإيجابي بين الحضارات والثقافات نحو مستقبل أفضل يدرك فيه الإنسان أن سعادته مرتبطة بسعادة الآخر، وأنه من المستحيل أن ينعم ضميره بالسعادة إذا كان في العالم مظلوم أو مغبون أو مقهور ومن ثم كانت الدعوة ملحة إلى الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة المبادرات الملموسة من خلال إشراك جميع فئات المجتمع في تعزيز حوار الثقافات تعريفا بخصائصها ونداء للتفاهم بينها وجعلها في خدمة التقارب والتعاون المثمر لصالح الجميع· حوار سماوي الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان اكد أن الحوار سمة أساسية منذ خلق الله الأرض حيث خاطب الملائكة بقوله (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) · وأضاف: إن الله سبحانه وتعالى مع جلاله وكبريائه وعظيم شأنه قرن إيذان الإنسان وخلافته في الأرض بالحوار لأنه أراد أن يكون طبع الإنسان طبع حوار ومن هنا جاء تعليمه سبحانه لآدم الأسماء كي يستطيع أن يتعامل مع الأشياء وقد أرسل الله سبحانه رسوله بالدعوة الجامعة المانعة التي تؤلف القلوب وتوحد النفوس وقد أمر سبحانه رسوله بالحوار الهادي الهادف مع معارضيه فقال في محكم كتابه (ادْع إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ويبين سبحانه عاقبة هذا الحوار الهادي عندما يصدر من نفوس صادقة ويحذر الحق سبحانه من أن يكون حوارهم مع الآخرين حوار تثبيط وتنفير إلا الظالم فالظالم لابد أن يتم إيقافه عن ظلمه فالإسلام من خلال هذه التوجيهات الربانية يهذب أتباعه ويعودهم على الطباع المحمودة لأنه دين عالمي ويقول الله سبحانه وتعالي (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) لذا الضرورة تقتضي أن يكون الداعية قادرا على الحوار وأن يكون منفتحا على الآخرين ومطلعا على طريقة تفكيرهم من هنا دعا الإسلام المسلمين للانفتاح على العالم فقد جاء الإسلام ليفتح الآفاق على العالم· حوار الثقافات الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين عام مكتب الإفتاء بسلطنة عمان قال هناك خلط ولكن تنبه لذلك المفكر المسلم ''علي عزت بيجوفيتش'' حيث قال (إن الثقافة تبدأ بالحوار السماوي بما اشتمل عليه من دين وفن وأخلاق وفلسفة أما الحضارة فهي استمرار الحياة الحيوانية ذات البعد الواحد والتبادل المادي بين الإنسان والطبيعة هذا الجانب من الحياة يختلف عن الحيوان فقط في الدرجة والمستوى والتنظيم)· وقال إن الثقافة هي تأثير الدين على الإنسان أو تأثير الإنسان على نفسه بينما الحضارة هي تأثير الذكاء على الطبيعة أو العالم الخارجي والثقافة معناها الفن الذي يكون به الإنسان إنسانا مؤكدا أن الإسلام يؤيد الحوار ويحث عليه ويعتبره وسيلة مهمة من وسائل التفاهم والوصول أو الاطلاع على حقيقة الأمر سواء كان حوارا ذاتيا (إسلاميا - إسلاميا) أو حوار مع الآخر أو حوار الثقافات (الإسلامي - المسيحي) أو (العربي- الأوروبي) أو حوار الشمال والجنوب وهي مسميات لموضوع واحد أو لمواضيع متقاربة متداخلة· وتطرق إلى التطبيقات الإسلامية لحوار الحضارات والثقافات حيث أوضح نماذج من التطبيقات التي أخذها العرب والمسلمون في مجالات عديدة كالنظم الإدارية والمالية وضرب النقود والحساب والأرقام والطب وغيرها والتي قام العرب بتطويرها والإضافة إليها حتى تشكّل من ذلك حضارة عرفت فيما بعد بالحضارة العربية أو الحضارة الإسلامية وهي التي انتقلت إلى الغرب لتنشأ من ذلك فيما بعد الحضارة الغربية المعاصرة· حضارة راقية الدكتور محمد خاقاني أصفهاني أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان أشار إلى أن المجتمع البشري منذ أن رأى النور على وجه الكرة الصغيرة جرب أنماطا من التجارب الكبيرة عن طرق الحياة بدأ هذا المجتمع عيشة من أبسط أشكال الحياة الاجتماعية وتدرج فيها إلى صور ازدادت تعقيدا يوما بعد يوم منذ أن عرف الإنسان نفسه تورط في غمرات الجدليات والإشكاليات وكان الناس في البداية أمة واحدة لكنهم لم يلبثوا أن اختلفوا فيما يجري حولهم شيئا فشيئا وتسرب الخلاف في الرأي وبدأ يعم كل ما يمكن التفكير فيه· وقال: لقد أنتج التسامح الإسلامي وامتزاج المسلمين العرب بحضارات الشعوب الأخرى في عصر العباسيين حضارة راقية تلألأت وترعرعت وأوصلت الأمة الإسلامية إلى ذروة العلوم والفنون في مختلف المجالات والحقول وأينعت ثمارها الطيبة عدة قرون في عصر كان الآخر الغربي يعيش أحلك عصور تاريخه ويستغل الدين للوقوف بوجه العلم وكبت كل من له رأي مختلف ثم أتت فترة عصيبة تراجع فيها المسلمون عن قيمهم المثلى وانغلقوا على الذات وتناسوا سنة الله في حركية الحياة وحيوية الكون في حين استفاق الآخر الغربي ليستمد من نواميس الكون في بذل الجهد لاكتساب العلوم والكشف عن الأسرار· وعبر أصفهاني عن الحقيقة بقوله إن للحقيقة وجهين وجه للتكاثر والتعدد يضفي على كل شعب ميزة تخصه ويصبغ كل أمة بصبغة تفردها به تتميز الذات عن الآخر كما أن لها وجها آخر للتوحد والتناغم به تندمج الذات بالآخر وتتوحد به هذا ما توحي به منظومتنا التوحيدية التي توحد بين الوحدة والكثرة وتولج الآخر من الذات يولج الله الليل في النهار·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©