الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

دعوة إلى إطار مشترك يضمن الحد الأدنى من التنسيق العربي الإقليمي

دعوة إلى إطار مشترك يضمن الحد الأدنى من التنسيق العربي الإقليمي
22 أكتوبر 2010 23:32
سلطت الجلسة السادسة والختامية في منتدى “الاتحاد” الخامس الضوء على أفق التعاون الإقليمي، وإمكانية إرساء إطار مشترك يضمن الحد الأدنى من التنسيق بين بلدان المنطقة العربية والقوى الإقليمية المجاورة. واستهل د. برهان غليون في الجلسة التي أدارها د. أحمد يوسف أحمد مدير معهد البحوث والدراسات العربية، ورقته الرئيسية بالقول إن المنتدى ظاهرة إيجابية من خلالها يمكن دراسة التطورات العربية. وتساءل غليون، لماذا نخاف من إيران؟ ولماذا تخيفنا تركيا؟ وأشار إلى أن تركيا بلد إقليمي قوي، لكنه يمكن أن يهدد مصالح عربية كبيرة خاصة على الصعيد الاقتصادي. ما بعد “العثمانية” ويرى غليون أنه إذا أردنا فهم ما يحصل، فلنفكر في الترتيب الإقليمي الذي كان قائماً منذ قرن، فهناك توازنات إقليمية ودولية تحدد هامش مبادرة كل شعب وإمكانيات التعاون والنفوذ. ويلفت غليون الانتباه إلى أنه منذ انهيار الدولة العثمانية دخلت المنطقة في إطار غربي، سواء ما أثر بدوره على طبيعة العلاقات بين الدول العربية، أو ما يندرج في إطار ضمان الحد الأدنى للاستقرار في المنطقة. ويوضح غليون السياق التاريخي الذي بدأ منذ ظهور الحركة القومية العربية، وغيرها من حركات مقاومة بطيئة وعنيفة ضد النفوذ الغربي في المنطقة، وقد ظهر مشروع عبدالناصر والتفت حوله جماهير عربية وحركات عربية. ويقول غليون “نجح الغرب في إحباط محاولة عبدالناصر، وحدث ذلك مع صدام حسين عندما اعتبر أن لديه هامشاً للحركة داخل المنطقة العربية يتجاوز ما يراه الغرب”. تداعيات التعثر الأميركي ويستنتج غليون أن صدام فتح مشكلات جديدة بعد الغزو العراقي للكويت، وبعد هذه المأساة تم طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفي غضون ذلك كانت إسرائيل عقبة أمام أي تفاهم عربي-أميركي. ويشير غليون إلى أن بوش الابن حاول توسيع فكرة الشرق الأوسط الجديد لتصبح “شرق أوسط موسع” يشمل باكستان وغيرها وفي ظل التعثر الأميركي في العراق، بدأت بعض الدول البحث عن بدائل بتوسيع علاقاتها مع الصين أو أوروبا، المغرب مثلاً اهتمت بأوروبا، ومصر انكفأت على نفسها، وفي سوريا نجد أن قواعد النظام لا تحتمل انتظار التحالفات- ووجدت لها حليفاً تركياً كي تتمكن من فتح نافذة على الغرب. عواقب انهيار المصداقية وتابع غليون تحليله لتطور علاقات الغرب بدول المنطقة، قائلاً إن الفراغ الذي نشأ بعد انهيار المصداقية الأميركية الاستراتيجية وحرب العراق عام 2003 أدى إلى صعود وجوه جديدة في المنطقة. ويرى غليون أن ما نعيشه في المنطقة معركة أو صراع على إعادة هيكلة المنطقة ومن ينجح في ذلك سيتمكن من تحقيق مصالحه وأهدافه. ويؤكد غليون أن إيران تتبنى القضايا بحماية إسلاميين، يستطيعون زعزعة المنطقة والاستفادة من الفراغ من المشروع الايراني باعتباره ليس مشروعاً سلمياً، بل هو مشروع قومي. وخلص غليون إلى قناعة مفادها أن النظام التركي لديه أجندة وطنية، وشرعية النظام هناك تقوم على تحسين حياة الأتراك، حيث تطمح أنقرة إلى دخول الأسواق العربية. ويشير غليون إلى أن ما حدث في سوريا هو تسليم السوق السورية للأتراك، والشعب السوري غير منزعج من ذلك، وحسب غليون ليس في الاتفاق الاقتصادي السوري- التركي ما يضر بالمصالح السورية، خاصة أنه يفتح أسواق سوريا أمام الأتراك. غياب المشروع ويواصل غليون توصيفه لواقع المنطقة، لافتاً الانتباه إلى أن الأميركيين حاولوا استعادة زمام المبادرة من خلال فتح مفاوضات سلام. ويقول: هناك عدة مشاريع لإعادة هيكلة الشرق الأوسط، والغائب هم العرب، فليس هناك مشروع عربي لتنظيم الأمور في المنطقة. ويتنبأ غليون بأن المنطقة تسير في اتجاه حروب باردة وربما ساخنة أيضاً، بين القوى الإقليمية في المنطقة.. فما هو البديل في ظل زيادة النفوذ الإقليمي التركي والإيراني والإسرائيلي؟. ويقترح غليون استراتيجية تشمل منظمة للأمن والتعاون الإقليمي بين العرب وتركيا وإيران، وهذا يتطلب مبادرات وتغيير تصور العرب لدورهم وواجبهم، ويستوجب تعاوناً مع الإيرانيين والدعوة للتفكير بشكل جماعي. ويتساءل غليون، هل إقامة أمن جماعي في المنطقة يضمن الحد الأدنى لسيادة دول المنطقة؟ مؤكداً أن هناك مصالح حقيقية للغرب تتمثل في ضمان تدفق النفط إلى أسواقه، فأي مشروع للأمن الجماعي من وجهة نظر غليون، يجب ألا يكون معادياً للغرب، وألا يكون وسيلة لتكوين الميليشيات أو التنافس والتنازع والقتال، ويجب أن يكون الهدف تحويل المنطقة إلى ميدان للتنمية بدلاً من أن تصبح الرجل المريض للنظام العالمي. وفي تعقيبه على ورقة غليون، أشار د. أحمد يوسف مدير الجلسة إلى أن منظومة الأمن الجماعي فكرة تحتاج من أطرافها مزيداً من التغيير. أما د. ذِكْرُ الرحمن، مدير المركز الثقافي الهندي- العربي، فاستهل تعقيبه بالتأكيد على المكانة المتميزة التي يحتلها الوطن العربي، كونه يقع بين قارات ثلاث، ويتمتع بثروات كبيرة وتتنافس الدول العظمى على استغلاله. وتطرق ذِكْرُ الرحمن إلى المشكلات الناجمة عن زرع إسرائيل في قلب الوطن العربي، وتداعيات الاحتلال العراقي للكويت وربط أمن بعض الدول العربية بالولايات المتحدة. دعاوى التطبيع ويقول ذِكْرُ الرحمن بعد مدريد للسلام، بدأت الدعوة إلى التطبيع الاقتصادي والثقافي ومحاولة طمس مضمون الصراع العربي-الإسرائيلي، لكن لم يتحقق السلام، وتحولت مساعي حل القضية الفلسطينية إلى مبادرات جزئية. ويرى ذِكْرُ الرحمن أن القمة الاستثنائية في سرت الليبية جاءت لتُقرَّ البروتوكول الخاص بمنظومة العمل العربي المشترك، وإصدار قرارات إصلاحية متواضعة، تنسجم مع متطلبات المرحلة الراهنة، لكنها فتحت الطريق أمام إجراء هذه الإصلاحات وتفعيل دور الجامعة العربية. وأكد ذِكْرُ الرحمن أن الأمة العربية التي تضم قرابة 320 مليون نسمة، بطاقاتها الهائلة ومواردها الطبيعية الغنية، بحاجة إلى توفير الحاجيات الأساسية لمواطنيها من التعليم والغذاء والسكن وحقهم في المشاركة السياسية بصنع القرارات، مما يشجعهم على الدفاع عن وطنهم وأمنهم ويُحدُّ من هجرة الأدمغة والعقول العربية. أسس التعاون العربي ولدى ذِكْرُ الرحمن قناعة بأن مشروعات التعاون العربي يجب أن تبنى على أسس ومرتكزات أن هذه الأمة موحدة في معنوياتها ومتمسكة بالتمايز القائم في مكوناتها، وأن نهوضها وتوحيد إمكانياتها هو الضامن لاستقرارها وتطورها والاستفادة من التجربة الأوروبية لانتزاع موقع القوة العالمية الثاني. مفتاح الحل ويرى ذِكْرُ الرحمن أن التوصل لموقف عربي قومي موحد يتطلب إعادة اللُحمة بين السلطات والشعوب وتوفير المناخ المناسب لمتطلبات العمل العربي المشترك، خصوصاً أن التحديات ما زالت هي ذاتها، والسياسة الأميركية تجاه المنطقة تتمحور حول النفط وحماية أمن إسرائيل ودمجها عضواً أصيلاً في الشرق الأوسط كقوة إقليمية مهيمنة. ويوكد ذِكْرُ الرحمن أن العرب يقفون على عتبة فاصلة، وبيدهم مفتاح الحل للعبور وبناء عالم عربي معاصر، مع التمسك بالثوابت وعدم التخلي عن ثقافتهم القومية في ظل نظام العولمة الجديد. ويقول ذِكْرُ الرحمن إن هذه الأمة تملك طاقة كامنة احتضنت حضارات غنية متتالية وقيماً إنسانية عريقة، ناهيك عن المصالح الاقتصادية القوية الواقعية التي تربط الدول العربية بين بعضها بعضاً وهذه الأمة تملك الإرادة لتحيق ذلك. فكرة طوباوية وأبدى السيد ياسين مستشار مركز الأهرام للدراسات في مداخلته، إعجابا بمقترح غليون الخاص بتكوين منظومة للأمن الإقليمي، لكنه يتساءل: هل هذه “طوباوية أم تقرير واقع؟”، مشيراً إلى أن النقد ذاتي هو أحد وسائل تقدم الغرب وفي الساحة العربية بدأ هذا النقد يظهر في عام 1967. ويقول ياسين: نريد أن نصل إلى حد أدنى من الاتفاق على سياسة استراتيجية تقوم على المواطنة والعقلانية، وقبل ذلك لابد من قراءة استشرافية. واستنتج ياسين أن النظام العالمي لن يبقى أسيراً للهيمنة الأميركية، لكنه يطرح تساؤلات منها: هل تم الإعداد لمنظومة سياسية لهذا النظام؟ وما هي السياسات التي أعددناها لنقل مجتمعاتنا إلى عصر المعرفة، وما هي السياسات التي يمكن تطبيقها في السنوات العشر المقبلة. ياسين أشار كذلك إلى أن إسرائيل لديها مشروع 2020 وماليزيا أيضاً، أما نحن فلا يوجد لدينا مشروع . أما الباحث المصري د. عمار علي حسن، فيرى أن النظر إلى المستقبل يتطلب عناصر أساسية، أهمها كيف نتحول من القوة الكامنة إلى القوة الفاعلة، وهناك أطراف عربية لديها قوة كامنة تمكنها من أن تعود بسرعة للقيادة على الصعيد الإقليمي. وأضاف ما نحن فيه من ضعف يعود إلى عدم تمكين الشعوب من رقبة القرار، خاصة في ظل التغييرات التي طرأت على البيئة الإقليمية والدولية، لماذا لا نفكر في إمكانية حدوث تغير في الموقف الإيراني تحت تأثير الحصار أو الضغط؟. ويلفت عمار الانتباه إلى وجود بعض القيادات غير الطموحة في المنطقة، فالطموح مهم، ولنا في تجربة مهاتير محمد في ماليزيا دروس كثيرة. ويؤكد عمار أن التطور الديمقراطي سيعزز فرصة ظهور قيادات كاريزمية. ويطرح د. رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية مقاربة مهمة، فهو يرى أن نظاماً إقليمياً عربياً لابد أن يستند إلى دول وطنية قوية، وأن ثمة شرطاً لوجود منطقة للأمن الشامل، تكمن في إعادة تكوين القيادة الوطنية، والمشكلة لدى د. رضوان ليست في الشخصيات الكاريزمية، لكن الشرط الأول هو أن تصبح الأنظمة منيعة، من خلال إعادة تكوين السلطات بتشجيع فكرة المشاركة في الداخل. وفي مداخلته على ورقة غليون، يشير د. وحيد عبدالمجيد إلى أن العالم يتحرك لكننا واقفون، ولا نستطيع إجراء قفزة جديدة في الهواء. ويضيف أن هناك دولاً عربية لا تسمح بأي نوع من التعاون مع إيران، مما يصعب من تطبيق فكرة منظمة للأمن الشامل تضم الدول العربية وتركيا وإيران، وأكد د. وحيد ضرورة اقتراح مبادرات يمكن تحقيقها، فالموضوع صعب، لأنه طموح جداً. تقنين الغزو الاقتصادي وأضاف وحيد أن الغزو الاقتصادي بات محمياً دولياً عن طريق سياسات فتح الأسواق، فسوق النسيج في مصر يعاني بسبب المنسوجات التركية، وسوريا نظمت علاقاتها مع تركيا، ومن دون تنظيم ستغتال صناعة النسيج التركية صناعات النسيج العربية واحدة تلو الأخرى. ويقول خليل علي حيدر إن التنسيق مع تركيا وإيران صعب، فطهران لديها مشروع وتركيا لديها مشروع أوروبي، لافتاً إلى أن إيران ساهمت في إفشال مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط. أما غليون، فعاود الحديث قائلاً: إن المشروع المقترح للتفكير وليس للتطبيق، وليس هناك بديل عن الحوار بين القوى الإقليمية. وأضاف أن الأتراك يطمحون إلى الأسواق، وإيران تقوم بتعبئة القوى الدينية، المشروع هدفه تقييد النزعة التوسعية للإيرانيين والإسرائيليين والأتراك. ويوكد غليون أن العرب يريدون تجاوز الحفر التي حفرتها الولايات المتحدة. وعلق الاكاديمي القطري د. أحمد عبدالملك، على ذلك قائلاً: فكرة د. برهان تصطدم بواقع يتلخص في أن الدول العربية لديها علاقات قوية مع الولايات المتحدة، وإيران ترفض أية ارتباطات أمنية. ويطرح عبدالملك سوالاً مؤداه: هل يتم تجاهل إسرائيل داخل هذه المنظومة، وأي فلسطينيين سيكونون ضمنها؟ إصلاح البيت العربي ويؤكد الأكاديمي القطري د. عبدالحميد الأنصاري أن أي منظومة تتم صياغتها لن تتحقق بسبب الحاجة إلى إصلاح البيت العربي من الداخل، كما أن توقيت طرح هذه المنظومة صعب جداً خاصة أن العقوبات الإيرانية تضع الخليج في مشكلة. ويرى د. الشايجي أن الطرف العربي هو رجل المنطقة المريض، مشيراً إلى أن اقتراح د. برهان يحتاج إلى شروط مسبقة. وإذا نظرنا إلى الواقع العربي، يمكن إعادة المثلث المصري السعودي السوري. ويضيف الكاتب اللبناني محمد السماك أن د. برهان ما كان ليطرح فكرة منظمة للأمن الإقليمي إلا بعد حدوث فراغ في المنطقة، وأهم ما فيه أنه قد يوقف خطوط تقسيم وتفتيت المنطقة. ملحوظات ختامية يرى د. حسن حنفي، أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة أن هناك حالة من الإحباط العربي بسبب انهيار المشاريع العربية، وغياب الطموح، ويضيف “إننا تعودنا على نقد الفكر العربي والعقل العربي، لكن يجب أن نتحدث عن نقد الخيال العربي”. ويختتم د. برهان مداخلته بالتأكيد على أن المشروع ليس للتنفيذ الفوري، بل يمكن مناقشة إمكانية خلق عمل جماعي في المنطقة. وأبدى حلمي شعراوي ملحوظة ختامية تتمثل في أن إقامة أية منظومة جديدة في المنطقة بمشاركة أطراف محيطة ستؤدي إلى عملية فرز، يرحب بها البعض ويرفضها آخرون وتستبعد الاعتبار القومي في المنطقة. ويؤكد شعراوي أن إعلان دول المنطقة خطتها للتعاون العربي الأفريقي كخطة استراتيجية وليس مجرد تنسيق يشبه العلاقات العامة، ويجب التعامل مع أفريقيا ككتلة وليس عن طريق الفرز.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©