الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إنسوا هيروسترات ترفض طمس الذاكرة

إنسوا هيروسترات ترفض طمس الذاكرة
13 فبراير 2008 01:17
قدم المسرح الوطني الجزائري مؤخراً عرضاً مسرحياً بعنوان ''إنسوا هيروسترات''، وهو مقتبس من نص لقريقوري قورين وإخراج حيدر بن حسين وأدا 7 ممثلين شباب قدموا أداءً جيداً· ووسط ديكور يُذكِّر المتفرجين بالآثار الرومانية التي تزخر بها الجزائر، يبدأ العرض المسرحي بقيام ''هيروسترات'' وهو تاجر بسيط في مدينة ''إيفيس'' الإغريقية بإحراق معبد ''أرتيميدا'' سنة 356 ق·م· الحادث كان مهولاً وصدمة كبيرة لحكام المدينة وكهنة معبد الآلهة الذين اتفقوا على ضرورة منع ذكر اسم ''هيروسترات'' على لسان العامة ومحوه من الذاكرة عقاباً له، كما يُقبض عليه ويُحال إلى المحكمة التي تباشر تحقيقاً لمعرفة دوافع جريمته، فيصرِّح ''هيروسترات'' بأنه ملَّ العيش نكرة والموت مغموراً، فقرر القيام بهذا العمل المجنون لإثارة الانتباه إليه وحصد الشهرة بحيث يصبح معروفاً لدى الأجيال الحالية واللاحقة ويتردد اسمه على كل لسان، ويقتنع القاضي ''كليون'' بتصريحه ويتهيأ للحكم عليه بالإعدام، لكن زوجة الملك ''كليمانتينا'' تقوم بزيارة ''هيروسترات'' سراً وتتفق معه على تغيير تصريحاته أمام القاضي والقول بأن دافعه الحقيقي لإحراق المعبد بسبب حبه لها ويأسه من الوصول إليها لأنها زوجة الحاكم فقام بجريمته للفت الانتباه إليه وتخليد اسمه واسمها، فيطلب ''هيروسترات'' منها ''ثمن'' ذلك قبل إعدامه وتوافق على خيانة زوجها معه، وحينما يتفطن الملك إلى ذلك يقتل السجان الذي كان شاهدا على الجريمة بغية طمسها ويقرر قتل ''هيروسترات'' أيضاً، لكنه يخبره بأنه اتخذ كل احتياطاته وسرَّب قصة الخيانة إلى خارج القصر، فيحاول الملك تهريبه من السجن والمدينة ليعيش حيث يشاء بعيداً عنه مقابل سكوته عن خيانة زوجته، ويمنحه سكِّينا لقتل القاضي والفرار من السجن، إلا أن القاضي يتمكن منه ويقتله، لكن ذكرى ''هيروسترات'' لم تنته بموته بل اكتسحت شهرته وقصته الآفاق رغم بشاعة جرمه· المسرحية غنية بالدلالات والمرامي انطلاقاً من تساؤل المخرج: هل يمكن السيطرة بسهولة على الذاكرة ومحوها عن طريق الأوامر؟ ويبدو أن هذا هو الدافع الأول لاقتباس هذا النص· وبمعنى آخر، فإن المخرج لم يستحضر ''هيروسترات'' من سنة 356 ق·م لمجرد الفرجة، بل لإبلاغ رسائل مشفرة بالغة الذكاء، فلعل ''هيروسترات'' هذا هو الاستعمار، ولعله الإرهاب أيضاً، ولكن المخرج بهذا الشكل يسقط في فخ التيار الاستئصالي الذي يرفض المصالحة في الجزائر ويروِّج لمنطق الانتقام والثأر منذ عام 1992 دون أن يحقق ذلك شيئاً غير المزيد من الدماء والدموع وإثخان الذاكرة بالمزيد من الآلام·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©