الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التحول إلى الاقتصاد الهيدروجيني لمواجهة تحديات الطاقة في الخليج

التحول إلى الاقتصاد الهيدروجيني لمواجهة تحديات الطاقة في الخليج
25 أغسطس 2006 01:12
أمل المهيري: صدر حديثا عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية كتاب ''المخاطر والغموض في أسواق الطاقة العالمية المتغيرة الانعكاسات على منطقة الخليج العربي'' مستعرضا مستقبل سوق الطاقة العالمية حيث يبدو من وجهة نظره غامضاً على نحو متزايد· وقد نجم عدم الاستقرار في سوق الطاقة العالمية عن التطورات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، علاوة على الأحداث السياسية في الشرق الأوسط· وفي خضم المخاوف الواسعة النطاق بشأن الأمن الدولي، يوجد تخوف من احتمالات انقطاع إمدادات الطاقة· وأصبح من المتعذر التنبؤ بأسعار النفط، بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي الذي حدث عام 2001؛ نتيجة الركود في الولايات المتحدة الأميركية، كما أنه لا يوجد إجماع على التوقعات المستقبلية في هذا الصدد· وعلى الرغم من الاضطراب والتقلب في سوق الطاقة العالمية، فإن جزءاً كبيراً من النمو في الطلب على الطاقة متوقع الحدوث في العالم النامي، وبرغم أنه من المتوقع أن تكون الدول المنتجة الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الجهات الرئيسية المستفيدة، فإن من المتوقع أيضاً أن تبقى الإمدادات من خارج أوبك منافسة لها· ولذلك يرجَّح أن يزداد التنافس بين الدول المنتجة من داخل أوبك وخارجها· لقد كان النفط المصدر الرئيسي للطاقة خلال العقود الماضية، ومن المتوقع أن يظل كذلك· وتتجه دول الخليج المنتجة للنفط إلى النظر إلى المخاطر بصورة مختلفة عن الدول المستوردة للنفط· غير أن التنويع الاقتصادي يبقى اختياراً حكيماً بالنسبة إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصورة عامة، وإلى دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة خاصة؛ لتقليل قابلية التأثر بسوق الطاقة المتقلبة· إن المخاطر والفرص واعتبارات السياسات تختلف حتى بين الدول المستوردة للنفط· ففي آسيا ستؤدي متطلبات النمو الاقتصادي من الطاقة والقيود البنيوية على الإنتاج المحلي إلى تعريض كثير من الدول إلى تقلبات سوق الطاقة· وفي الولايات المتحدة الأميركية أفرزت إجراءات تحرير الطاقة بعض المخاطر، ويعد أمن الطاقة مصدر قلق دائم لها· أما في الاتحاد الأوروبي فإن التكلفة الباهظة لبعض التدابير المتخذة ضد الوقود الأحفوري، وتقنيات الطاقة البديلة، وخطوط إمدادات الطاقة التي تواجه عقبات، تزيد حالات الغموض· وتعد الحماية البيئية وتقليل الانبعاثات مصدرين شائعين للقلق· وسوف يكون لتوجهات التخلص من الكربون في نظم الطاقة العالمية، وللجهود المدروسة لتقليل الاعتماد على موارد الطاقة من منطقة الخليج، انعكاسات سلبية على مصدِّري النفط· اتجاهات الطاقة لعل أكبر الهموم التي تكتنف المسارات السياسية المستقبلية البعيدة المدى هو تقرير ما إذا كانت النزعة العالمية السائدة حالياً تتجه صوب الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو عالية أكثر مما تتجه نحو التدخلات الاقتصادية وتباطؤ النمو· وهذا الخيار الثاني قد يقف عائقاً أمام الاستثمارات النفطية في قطاع التنقيب والاستخراج، ويفاقم حالات التقلب التي مازلنا نشهدها في الأسواق النفطية· ولا ريب في أن هذا التقلب يمكن أن يزعزع الاستقرار السياسي في الدول المصدرة للنفط ليشيع بذلك قدراً أكبر من الاضطراب في السوق النفطية ويمهد السبيل أمام المزيد من التدخلات الاقتصادية· وعلى أي حال، فمن المرجح إلى حد بعيد أن الخطر المزدوج المتمثل حالياً في مناهضة العولمة و''صدام الحضارات'' بين الغرب والإسلام سيفضي إلى فترات استراحة وسكينة بدلاً من خلق توجهات جديدة؛ ومن ثم فلابد من أن يشهد العقدان المقبلان سلاماً واستقراراً وطيدين، فضلاً عن معدلات نمو اقتصادي عالية· وفي مناطق كثيرة من العالم، باتت الطاقة الهيدروجينية مكوناً أساسياً من مكونات تركيبة الطاقة المستقبلية، وفي مناطق غيرها تعد عنصراً إضافياً مكملاً لإمدادات الطاقة التقليدية· وثمة طائفة واسعة من القوى المحركة لعجلة السياسات باتت توحد صفوفها باتجاه استخدام الطاقة الهيدروجينية، ويبدو أن هذه القوى والسياسات التي ستنتهج بهذا الشأن لن يدب فيها الضعف وإنما يرجح لها أن تكتسب بمرور الوقت زخماً أكبر· وإجمالاً، يبدو من المتوقع أن يدخل الهيدروجين في الاستخدام في نظام الطاقة العالمي من خلال تطبيقات مختلفة، وأن يسهم هذا في زيادة تنويع مصادر الطاقة لاستعمالات مختلفة، ولاسيما في قطاع المواصلات، وربما تعزيز التكافؤ في استخدام الطاقة عن طريق هذا التنوع· وسوف يستغرق التحول فترة طويلة من الزمن، غير أن الدعم السياسي القوي جداً في أميركا الشمالية واليابان وأوربا يدل على أن هذا التحول قد بدأ بالفعل· سياسات الطاقة إن تنويع مصادر الطاقة، والتشجيع على العمل بتدابير المحافظة عليها، وتعزيز عملية تطوير مصادر الطاقة المحلية، إنما هي عوامل يمكن أن تسهم مجتمعة في الحد من تعاظم حجم الواردات النفطية· وعلى صعيد آخر، فإن الجهود الرامية إلى تنويع مناشئ الاستيراد يمكن أن تفضي إلى تبديد المخاطر وتقوية القدرات التساومية· أضف إلى ذلك أن الخطوات التي يجري اتخاذها حالياً في عدد من الدول الآسيوية لبناء نظم للتخزين النفطي الاحتياطي أو تطويرها ربما تؤدي إلى مستوى أفضل من الجاهزية· ومن الأهمية هنا العمل على صوغ نظام يسهم في تشجيع الاستثمارات واجتذابها· وعلى أي حال، فإن على كل واحد من هذه الاقتصادات الآسيوية أن يقيم نظاماً كهذا بمبادرة ذاتية من جانبه وبدقة عالية، مع الأخذ في الحسبان العوامل الآتية: منافع آليات السوق، وازدهار الأسواق، والاستقرار الاجتماعي، والمصالح الوطنية· غاز الخليج من جهة أخرى، فإن ثمة توقعات بعيدة المدى تنبئ بتدفق الغاز الخليجي بكميات كبيرة على أوروبا· فقد تكهنت نشرة استشراف الطاقة العالمية World Energy Outlook بأنه بحلول عام 2030 سيكون قد تدفق على أوروبا ما يقرب من 160 مليار متر مكعب من الغاز من منطقة الخليج· وفي واقع الحال، فإن منطقة الخليج ستصبح المجهز الكوني الفعلي للغاز؛ إذ ستصدِّر 104 مليارات متر مكعب إلى أميركا الشمالية و100 مليار متر مكعب إلى جنوبي آسيا وشرقيها· وهذا بدوره سيتيح لأوروبا مجالاً أوسع لتنويع مناشئ وارداتها؛ حيث ستصل حصة الشرق الأوسط من السوق الأوروبية إلى 17% تقريباً· أما العراق، فإن احتياطياته المؤكدة من الغاز أقل نسبياً، وهذا ربما يرجع إلى أنه لم يسبق له قط أن أعطى الأولوية للتنقيب عن الغاز· وتمتلك إيران ثاني أضخم احتياطي في العالم من الغاز الطبيعي، وهي تشاطر دولة قطر أكبر حقول الغاز على المستوى العالمي، في الحقل الذي يُسمى ''حقل الشمال'' في قطر، و''بارس الجنوبي'' في إيران· وهذه الأخيرة قد افتتحت خلال السنتين أو الثلاث الماضية سلسلة من المشروعات الخاصة بهذا الحقل، أشركت في تنفيذها بعض كبريات شركات النفط العالمية غير الأميركية· ولقد أبرمت إيران عقداً لتزويد تركيا بالغاز الذي يتوقع أن تتزايد كمياته بوتيرة عالية ليصل بحلول عام 2007 إلى عشرة مليارات متر مكعب تقريباً· ولو مضينا أكثر باتجاه دلائل المستقبل، لوجدنا إيران تتمتع بكل المزايا التي تؤهلها لضخ كميات كبرى من الغاز إلى تركيا ومنها إلى الاتحاد الأوربي· وتواصل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التركيز على الغاز الطبيعي المسال حصرياً، نظراً إلى غياب خطوط الأنابيب اللازمة لتصدير الغاز من منطقة الخليج إلى الاتحاد الأوروبي· وهذا يعني أن دول المجلس ستتجه بصادراتها من الغاز إلى أميركا الشمالية وجنوبي آسيا وشرقيها، بينما تستولي إيران على حصة الخليج في السوق الأوروبية؛ ولذا فإن بناء خط أنابيب لتصدير الغاز من منطقة الخليج إلى أوربا أضحى أولوية جوهرية لا مناص من السعي لتحقيقها دون إبطاء· الوقود الأحفوري إن أكبر مصدر للطاقة في دول الخليج لا يتمثل في النفط أو الغاز الطبيعي، وإنما في الطاقة الشمسية، وهي طاقة متجددة· وكما هو معروف فإن احتياطيات الوقود الأحفوري سوف تنضب عاجلاً أم آجلاً· وفي هذه الأثناء، تقوم بعض الدول وهيئة الأمم المتحدة -نتيجة للمخاوف البيئية- بوضع قيود على استعمال الوقود الأحفوري مثلاً، وذلك من خلال بروتوكول كيوتو؛ ومن ثم سيكون من الضروري التحول إلى نظام الطاقة الهيدروجينية قبل نضوب جميع احتياطيات الوقود الأحفوري· وبالتطلع قدماً إلى عهد ما بعد الوقود الأحفوري، نجد أن المملكة العربية السعودية قد بنت مشروعاً تجريبياً للطاقة الهيدروجينية الشمسية· ففي معظم الجامعات الخليجية والمراكز البحثية يتم إجراء البحوث على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة وعلى نظام الطاقة الهيدروجينية الشمسية· يمكن نظام الطاقة الهيدروجينية الشمسية أن يجعل الدول الخليجية تصدّر الطاقة بصورة دائمة· وفي الوقت الذي تسعى فيه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتسويق احتياطياتها الضخمة من الغاز الذي يعد وقوداً أكثر نظافة، فإنه يكون من الحكمة بالنسبة إليها أن تبدأ في التخطيط للتحول إلى الاقتصاد الهيدروجيني· ومن الأفضل لها إقامة سلطة مشتركة للتخطيط للإجراءات الآتية: نتاج الهيدروجين الشمسي على نطاق واسع· توفير نظم تخزين الهيدروجين داخل المنطقة وبناء خطوط أنابيب وشبكات توزيع· مد خطوط أنابيب إلى أوربا لتصدير الهيدروجين· إنشاء مصانع تسييل الهيدروجين لتصديره سائلاً إلى اليابان وغيرها· إدخال الهيدروجين إلى نظم استهلاك الطاقة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية باستخدامه في وسائل المواصلات ومحطات توليد الطاقة وغير ذلك· ويجب أن تستخدم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جزءاً من دخلها من صادرات النفط والغاز الطبيعي لإقامة البنية التحتية اللازمة للطاقة الهيدروجينية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©