إعداد ـ عدنان عضيمة:
مع النمو الاقتصادي السريع الذي تحققه الهند في مختلف الميادين الاقتصادية، بدا لبعض المتابعين أن المخططين أسقطوا سهواً من أذهانهم، الحقيقة البديهية التي تقول إن التطور هو ظاهرة لا يمكن أن تتعلق بقطاع اقتصادي من دون غيره، بل ينبغي أن تهب رياحه على كافة القطاعات من دون استثناء· فكيف يمكن للمرء أن يتخيل أن مدينة بنجالور التي أصبحت تعرف باسم (وادي سيليكون الهند)، تفتقد للبنى التحتية الضرورية لمواكبة هذا التحول؟· ويقول (آمي لي) في تقرير نشرته الفاينانشيال تايمز مؤخراً إن الهند تعاني أشد المعاناة من نقص عدد الغرف في الفنادق الفخمة لدرجة كبيرة يمكن أن تعيق سرعة نمو اقتصادها·
ويرى بعض المحللين أن هذا التغافل عن بناء المزيد من الفنادق الفخمة هو سلوك مقصود من قبل الدولة يهدف إلى فتح شهية الشركات العالمية المهتمة بالاستثمارات السياحية إلى توظيف رؤوس الأموال اللازمة لبناء الفنادق الكبرى في البلاد؛ وبهذا تكون الهند قد فتحت كافة أبوابها وحصونها أمام الاستثمارات الأجنبية من دون استثناء ؛ وكأن لسان حال صنّاع القرار الاقتصادي في الهند يقول: يا أيها المستثمرون إذا شئتم أن تستثمروا في تكنولوجيا المعلومات فتعالوا إلى بنجالور، وإذا لم تجدوا غرفاً في الفنادق فيمكنكم استدعاء مستثمري الفنادق العالميين لإنقاذكم من هذه الورطة؛ ويكون الاقتصاد الهندي هو المستفيد في كل هذه الحالات·
وتواجه الفنادق الفخمة في الهند ارتفاعاً حاداً في الطلب وللدرجة التي أثارت انتباه كبريات المجموعات الاستثمارية العالمية بالإضافة للمؤسسات الاستثمارية الهندية ذاتها·
ولا يعود هذا الطلب الكبير الذي تشهده صناعة الفندقة إلى النمو الصناعي الذي تشهده الهند فحسب، بل وأيضاً إلى النمو الكبير الذي تشهده القطاعات السياحية المختلفة في البلاد· وتتوقع إحصائية صدرت عن المجلس العالمي للسفر والسياحة أن تنمو صناعة السياحة بمعدل 8,4 بالمئة هذا العام، وبمعدل ثابت يبلغ 8 بالمئة في الفترة الممتدة بين عامي 2007 و·2016 ويقول أحد كبار موظفي شركة سياحية عالمية في الهند في شرحه لواقع صناعة الفندقة هناك: ''لا يمكن للمسافرين أن يعثروا على الغرف الفندقية الفخمة هنا؛ لقد أصبحت الهند أحد المقاصد العالمية ذات التكاليف المرتفعة· وحتى الفنادق الفخمة ذات الأسعار المرتفعة أصبحت عاجزة عن تلبية الطلب الكبير على خدماتها''·
وبالطبع، هذا لا يعني أبداً أن الهند لا تضم الكثير من أفخم الفنادق في العالم، إلا أن الحركة التنموية السريعة والانفتاح الناجح على الاستثمارات الخارجية هو الذي يقف وراء حالة الخلل القائمة بين العرض القليل للغرف الفندقية الفاخرة والطلب العالي عليها·
ويقول تقرير الفاينانشيال تايمز إن الهند كلها تضم 110 آلاف غرفة فندقية؛ وهي تعاني من عجز يتراوح بين 50 ألفاً و100 ألف غرفة فندقية وفقاً لإحصائيات تولت إنجازها شركة ''بريم سوبرامانيام'' التي تعمل في قطاع الاستثمارات المالية· ويوجد في مدينة بنجالور (أو وادي سليكون الهند) 3000 غرفة في الفنادق المصنّفة في وزارة السياحة، و5000 و7500 غرفة في نيودلهي ومومباي على الترتيب· وتتراوح أسعار استئجار الغرف الفخمة بين 300 و500دولار لليلة الواحدة في أيام المواسم التي تشهد طلباً كبيراً، ويبلغ معدل الإشغال الفندقي في مدن الهند الكبرى أكثر من 90 بالمئة؛ مما يجعله من أعلى المعدلات في العالم· ويبدو بوضوح أن الانخفاض الكبير في أسعار تأجير الغرف الفندقية الفاخرة بالمقارنة مع معدلات الأسعار السائدة في الفنادق العالمية هو أحد أسباب هذه الأزمة·
ومن أشهر فنادق الهند الفخمة ''إمبريال'' و''فلل عمار'' و''تاج محل'' في نيودلهي، و''سامود بالاس'' في جايبور، و''تاج كريشنا'' في حيدر أباد·
عدد اليوم
