الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف الأهلي ضد وسائل الإعلام

23 أكتوبر 2010 20:20
يمكن أن نُطلق مفهوم «العنف الأهلي ضد وسائل الإعلام» على مجموع حالات الاحتجاج والتظاهر غير السلمي لترهيب المؤسسات الإعلامية والذي يتحول إما إلى تخريب منشآتها أو الاعتداء الشخصي على فرد أو أكثر من الجسم الإعلامي لصفتهم المهنية - لا الذاتية. وللعنف الأهلي ضد وسائل الإعلام خصائص تميّزه، في المنطلق والنتيجة، عن باقي أنواع العنف والاعتداء التي يتعرض لها «السلك» الإعلامي. وعبر تفهّم هذه الخصائص يمكن معالجة هذه الظاهرة بآليات ممكنة التطبيق. وتكمن أولى هذه الخصائص في أن العنف الأهلي يبدو عشوائياً في نهايته مقارنة بباقي أنواع تعنيف الإعلام مثل العنف المنظم الذي تمارسه جماعات تجارة المخدرات والتهريب وجماعات الضغط المتهمة بالفساد في الكثير من الدول، أو العنف المسلّح الذي يتفشى في فترات الحروب الأهلية ويجعل من وسائل الإعلام إما ضحية سهلة لتصفية الحسابات بين الأطراف المتقاتلة أو انتقاماً من منابر إعلامية مناوئة أو إرهاباً لها لتطويعها وفرض وقائع جديدة تتطلب مواكبة إعلامية ملائمة. وقد اتفقت الدراسات المتخصصة إجمالاً على أن إرهاب الصحفيين وخطفهم على سبيل المثال يهدف إجمالاً إلى تحقيق أهداف كبرى، مثل استغلال وظيفة الإعلام في «صناعة الانتظار» وجعل العالم يترقب الخاطفين ويخشاهم ويسعى للتصالح معهم. مقابل هذه «الغائية» القصوى يبدو العنف الأهلي ضد وسائل الإعلام بعيداً عن أي هدف أو خطة أو مجرد ثأر أو احتجاج «شعبي» قد يتحول بانفعاليته إلى تخريب مفضوح، لأنه علني معروفٌ فاعلهُ، يرتد عنفه عليه بالخسارة الفادحة. لكن ذلك لا يخفي أن منطلق العنف الأهلي يمكن أن يكون مشروعاً وعفوياً أو طبيعياً رداً على التعسف اللفظي والثقافي والمعلوماتي الذي قد تمارسه بعض وسائل الإعلام بطريقة تستفز مثلاً مشاعر النسب في منطقة شديدة التمسك بالجذور أو تنال من سمعة بعض فئات أو شرائح المجتمع. إن ما يسمى «تعسف الإعلام» يحتم توفير فرصة للناس بالاحتجاج السلمي في حال سبّب لهم شعوراً بالظلم أو الإساءة الجَماعية لتجنب أشكال الفوضى الأخرى وحفظ النظام العام. ومن هنا ضرورة استحداث بعض الآليات والنظم الجديدة ومنها : - تشكيل محاكم خاصة بقضايا الصحافة والمعلومات تكون متحررة من القيود الإدارية التي تسبب بطء التقاضي التقليدي وإجراءاته – وغلاء كلفته أحياناً. - تشكيل هيئة مرجعية مستقلة للنظر في جميع أنواع الشكاوى ضد كل ما ينشر في الصحافة ووسائل الإعلام، ويمكن بهذا الصدد استعارة نظام المفوضية أو «لجنة شكاوى الصحافة» البريطانية (Press Complaints Commission/ PCC) وتطويرها، وهي هيئة وطنية تتشكل من شخصيات عامة لها مصداقيتها وتتلقى سنويا عشرات آلاف الشكاوى، وتقوم بالتحقيق المهني في كل منها واتخاذ اللازم بشأنها وتصنيفها وفرزها وإحصائها بشكل يساعد على تحديد حجم وطبيعة الشكاوى لكل مادة إعلامية على حدة. وفي العام الماضي نجحت اللجنة في حل أكثر من 600 حالة لصالح الشاكين، وأحصت أكثر من 25 ألف شكوى ضد مقال واحد كتبه أحد الصحفيين في جريدة «ديلي ميل». بالطبع إن ذلك يمثل نوعاً من أنواع المحاسبة الأهلية لوسائل الإعلام، وهي محاكمة وظيفية ومهنية واجتماعية وتضاهي في أهميتها المحاكمة القضائية وأكثر، وتشعر العاملين في وسائل الإعلام وموجهيها والقائمين عليها بأنها هي أيضا تحت المراقبة والمساءلة من قبل جمهورها فتفرض عليهم جميعهم حداً مقبولاً من المصداقية وقدراً أكبر من المساهمة البناءة في تقدم المجتمعات. د.الياس البراج barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©