الكسب

يسعى الإنسان في هذه الحياة جاهداً ليعيش بسعادة وهناء لنفسه وأهله، ومهما بذل من أسباب وطرق من أبواب فيبقى الأصل والأساس طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلن يجد العبد لذة السعادة الحقيقية إلا بعد رضا الله تعالى عنه ولن يوفق في نيل العيش الرغيد مع استقرار النفس وحصول الأمن إلا بعد النظر والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. يقول الله تعالى (مَن عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ)، ويقول سبحانه:(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى). ومما ينبغي معرفته وعلمه أن هذا الدين العظيم كما أمر بطاعة الله سبحانه واتباع شرعه كذلك أمر أن يسعى الإنسان إلى كسب معاشه وإعمار وطنه وأرضه وتحصيل أسباب العيش الرغيد فقد أمر الله عباده بالعمل وطلب الكسب، قال الله تعالى: ( وَابْتَغِ فِيمَا ءاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). وقال سبحانه (“فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ...”، ولقد أبان لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا النهج الذي يرسخ مبدأ الاعتدال في رسم حياة الإنسان فمن ذلك: ?ما رواه كعب بن عجرة _ رضي الله عنه_ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع صحابته يوما فرأوا رجلا فيه قوة ونشاط فقال الصحابة: لو كان هذا في سبيل الله فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان”. ويبين صلى الله عليه وسلم أن أطيب الكسب وأنفعه ما كان في التجارة أو العمل فعن رافع بن خديج _رضي الله عنه_ قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أطيب الكسب فقال: “عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور”رواه البزار. وعن أبي هُريْرة رضِي اللَّه عنه يقول قال رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وَسلَّم :لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ. رواه البخاري ومن المأثور عن علي رضي الله عنه أنه قال: لنقل الصخر من قلل الجبال أحب إليّ من منن الرجال يقول الناس لي في الكسب عار فقلت العار في ذل السؤال وللحديث بقية...