الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الإشارة الدمشقية والجولان ومستقبل القضية الفلسطينية

26 أغسطس 2006 00:11
أحمد خضر: في خضم المشاعر المتناقضة والانقسام الواضح في الموقف السياسي، وهذا الجو المشحون بالهياج والتهييج، والصمت واللامبالاة إزاء الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان، بدأت تصدر إشارات متزاحمة في كل من دمشق وتل أبيب إزاء عملية السلام ، وفي اليوم الثاني من توقف العمليات العسكرية بناء على القرار 1701 حرص الرئيس السوري بشار الأسد على استعداده لعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، وذلك في خطابه الشهير، وما تلا ذلك من لقاءات مع أمير قطر، ووزير خاجية تركيا، أو حوارات صحفية، حيث أكد أن الجيل الحالي هو آخر جيل يمكن أن يكون جيل السلام، أما في إسرائيل فإن أحد الوزراء اقترح بإعادة الجولان مقابل اتفاقية سلام مع سوريا · في خضم هذه الأجواء التي فرح بها البعض بسبب الصمود البطولي للمقاومة اللبنانية، وفاضت العواطف تقديراً واحتراماً لأؤلئك الأبطال، وسخطاً واشمئزازاً وكراهية على الجريمة النازية التي ارتكبتها إسرائيل بحق البلاد والعباد، واستنكر البعض الآخر لأن حزب الله اتخذ قرار الحرب مع إسرائيل بمفرده، ونيابة عن آخرين على الأرض اللبنانية، جاءت الإشارة الدمشقية الواضحة والصريحة بخصوص السلام من باب استثمار النصر، أما الإشارة الإسرائيلية فكانت من باب المناورات السياسية، أي استخدام الجزرة مع نظام تعتقد إسرائيل أنه يعيش في ظل أوضاع صعبة، وربما تستدرجه لتوقيع اتفاقية سلام تلبي الاستحقاقات الإسرائيلية، وسرعان ما أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت المستور حين قال إن إسرائيل ليست مستعدة لمحاورة دمشق، ولن ترد على إشاراتها وعروضها ولن تتعاطى معها، أو تعقد أي صفقة أو تسوية إلا إذا كفت سوريا عن دعم حزب الله، وعدم تمرير الأسلحة الإيرانية عبر الأراضي السورية، من أجل خنق حزب الله وتجريده من أسلحته، وفي المجال الفلسطيني يتوجب إبعاد قادة المنظمات الإرهابية - حسب التسمية الإسرائيلية ـ وإقفال مكاتبها· حين تلبي دمشق الشروط السابقة فإنها تأخذ سمة الدخول إلى جنة المفاوضات مع إسرائيل ، وليس يعني ذلك بالطبع إعادة الجولان إلى سوريا، إذ المطلوب من بشار الأسد أن يدرك أن المفاوضات حول الجولان لا تبدأ من النقطة التي انتهت عندها، ولا حتى من نقطة الصفر من دون السير في طريق أشبه بتلك التي سار فيها الرئيس أنور السادات من قبل وهي السلام مقابل السلام، بمعنى أن هناك مفاوضات عسيرة ستكون حيال هضبة الجولان التي ضمتها إسرائيل عام 1981 ، ولها أطماع توسعية فيها وتنازع سوريا عليها · الشروط الأميركية وبخصوص الأميركيين فإنهم يضيفون إلى مجمل الشروط الإسرائيلية شروطاً جديدة وهي الابتعاد السوري عن إيران، وطرد البعثيين العراقيين الموجودين على الأراضي السورية ، ومراقبة الحدود العراقيةـ السورية بدقة خوفاً من تسلل السلاح و( الإرهابيين ) وعدم التدخل في شؤون لبنان وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، والكشف عن ملابسات اغتيال الحريري ، ولا يكاد يخلو خطاب للرئيس بوش إلا وزج فيه اسم سوريا التي يعتبرها أحد أركان محور الشر · من هنا فإن الورقة السورية تبدو غير رابحة تماماً، إذ ما زال الوضع الإقليمي قابلاً للاشتعال ، وأن كافة النوايا الحسنة التي أبداها النظام السوري لا تؤهله لأن يكون في نظر إسرائيل وأمريكا جزءاً من الحل، بل من المشكلة · إن الإسرائيليين يغلقون آذانهم عن كافة النداءات الواضحة التي تتعالى من دمشق اليوم ، وتنادي بالتفاوض والاستعداد السوري للسلام مقابل إعادة كل هضبة الجولان للسوريين، الصمت الإسرائيلي هذا تماماً هو ما فعلته غولدا مائير وديان من تجاهل عروض السادات السلمية قبل عام 1973 ، المنطق المستخدم هو المنطق نفسه كذلك، بحجة أن الجيش المصري كان يعتبر ضعيفاً، وغير قادر على ضرب إسرائيل في نظر الإسرائيليين، وها هو المنطق يتكرر بالنسبة لسوريا حيث يتم تقييمها على أنها دولة ضعيفة وبلا خيارات عسكرية قادرة على ضرب إسرائيل، لذا فإن إسرائيل ليست على استعداد للتنازل طالما أن السوريين غير قادرين على إيلامها، إلا إذا اعتبرنا أن ما صنعه حزب الله غير بعيد عن سوريا، وعليه فإن الأصوات الإسرائيلية التي دعت للمفاوضات كانت خافتة، فيما الأغلبية ترى أن الانسحاب من هضبة الجولان غير وارد، على الرغم من أنه لا توجد أي ذريعة أمنية إسرائيلية للاحتفاظ بها، لكن هناك بالطبع أطماعاً اقتصادية وتوسعية · قصيدة رثاء وعودة إلى التاريخ القريب المرتبط بالجولان، حين مات الرئيس حافظ الأسد، رثاه سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح بقصيدة، وقد سئل أبوالأديب عن ذلك، وحركة فتح والسلطة الفلسطينية ليست على علاقات ودية مع سوريا ودائماً على خصومة سياسية معها في العديد من المواقف والآراء والمحطات دخلت منعطفات خطيرة وصلت حد المجابهات العسكرية أحياناً قال الزعنون: إن القضية الفلسطينية تدين بالفضل للرئيس حافظ الأسد، حيث إنه أصر حين التقى الرئيس السابق بيل كلنتون في جنيف عام 2000على إعادة هضبة الجولان كاملة والتي احتلت عام 1967 ووصول جنوده للسباحة في بحيرة طبريا ورفض حدود 1921 ، التي تم ترسيمها بموجب اتفاقية سايكس بيكو ولولا ذلك لتم تصفية القضية الفلسطينية، باعتبار أنه توجد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ومعاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل والخط الأزرق هو الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل لذا تنفرد إسرائيل بالفلسطينيين، وتقول أمام العالم إنه في العام 1948 كان هناك دولة انتداب هي بريطانيا، وجاءت بعد ذلك إسرائيل، ولم يكن هناك دولة اسمها فلسطين على الخريطة الدولية، لذا ستتحول الضفة الغربية في أحسن الحالات إلى مجموعة من البلديات تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة · وإذا كان الفلسطينيون في هذه المرحلة يتخذون من العام 1948 أساساً لمنطلقاتهم السياسية والتفاوضية، فإن معظم الإسرائيليين على النقيض يرون الصراع مع الفلسطينيين على أنه نزاع إقليمي على الأرض التي تم الاستيلاء عليها عام 1967 ، ومن وجهة نظرهم فإن الأحداث التي وقعت قبل العام 1967 ، مثل عمليات التهجير وظهور أول موجة من موجات اللاجئين الفلسطينيين، هذه الأحداث خارجة عن إطار التفاوض، وأن إثارة هذه القضايا تشكل تحدياً لقلب شرعية إسرائيل · وبالنسبة للفلسطينيين كذلك فإن التنازل رسمياً عن 77% من مساحة فلسطين التاريخية ، يعني اقتطاع أرضهم ووطنهم، وبالتالي فإن تعنت إسرائيل وإصرارها على التسويف والسور الواقي والقدس وتجزئة الأرض إلى قطع صغيرة من الأرض داخل الـ 23% الباقية من فلسطين التاريخية يعتبر أمراً يعكس سوء نية، وعليه كلما اقتربت الحلول السياسية في الجولان كلما ابتعدت عن فلسطين، وكلما بدا المستقبل بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين معاً أكثر قتامة، ليس لأن الشعب الفلسطيني لم يقدم تضحيات أو تنازلات، ولكن لأن إسرائيل تريد الاحتفاظ بالأرض، وهي ليست على استعداد للتعاطي مع قضية اللاجئين والدولة الفلسطينية بشكل عادل
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©