السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ثورة الاتصالات تهدد الإنتاجية

26 أغسطس 2006 00:18
إعداد - عدنان عضيمة: اكتشف الخبراء أن ثورة الاتصالات والمعلومات أصبحت تهدد الإنتاجية في واحد من أهم قطاعات العمل الراقي الحديث، وهو العمل المعرفي رغم ما قدمته ثورة الاتصالات من فوائد للاقتصاد العالمي· وكان للاتصالات عبر البريد الإلكتروني والموبايل والهاتف الثابت وغيرها من أجهزة ثورة المعلومات الحديثة، أن تخلق ظاهرة محبطة تنتشر الآن في كافة المكاتب الحديثة وتكمن في (التشتت الذهني) ولفت انتباه الموظف أثناء العمل عن المهمة الدقيقة التي يتكفل بإنجازها· ولقد اعتاد بعض الناس على تعطيل الموظفين عن العمل من خلال الاتصال بهم هاتفياً أو التجول ضمن مكاتبهم والتحدث إليهم بشكل متكرر· والآن بات في وسعهم أن يفعلوا ذلك عن طريق التراسل الفوري عبر البريد الإلكتروني أو الهواتف المحمولة بطريقة التراسل الصوتي أو توجيه الرسائل النصّية أوحتى عن طريق الكمبيوتر اليدوي· ويقول جاكوب نييلسن الخبير في استثمار تكنولوجيا المعلومات في تقرير نشرته الفاينانشيال تايمز: ''إن الإسراف الشديد في استخدام القنوات الاتصالية ينطوى على أضرار كبرى تنعكس على الإنتاجية لأنه يؤدي إلى التشتت الذهني وانقطاع التركيز في الأداء· وبالنسبة للناس الذين يتخصصون بإنجاز العمل المعرفي، والذين يتقاضون أعلى الرواتب، يستغرق الأمر ما بين 5 و15 دقيقة حتى يتخلص الموظف من الحالة الذهنية التي سببتها عملية التشتت ويعود إلى الاندماج من جديد مع المهمة التي يؤديها''· تشخيص علمي وهناك أعداد متزايدة من الدراسات البحثية التي تؤيد هذا الطرح· فعندما انطلقت شركة ''بيزيكس'' فَّمٍّ النيويوركية المتخصصة في بحوث تكنولوجيا المعلومات بإنجاز دراسة بحثية تتعلق بتأثيرات ''التشتت الذهني'' على 1000 موظف مكتبي من خدم المعرفة، وجدت أنهم أهدروا في المتوسط 2,1 ساعة من وقتهم الثمين في معالجة حالات (التشتت الذهني) التي عانوا منها للأسباب السالفة· وفي الولايات المتحدة، سعت دراسة أخرى أنجزها جلين ويلسون عالم النفس في جامعة لندن إلى معرفة الطريقة التي يؤدي بها موظفو ثورة المعلومات عملهم في حالتين: ففي الحالة الأولى كانوا يؤدون أعمالهم ضمن بيئة هادئة تخلو من ظاهرة ''الانقطاع الذهني''، فيما تم إغراقهم في الحالة الثانية ومن حيث لا يدرون، بموجة من الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية· وتبيّن من تفحّص إنتاجيتهم في الحالتين أن الموظفين فقدوا في الحالة الثانية نسبة كبيرة من إنتاجيتهم· وتشير الدراسة إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في نتائج (التشتت الذهني) الذي يجعل الموظف قليل الفعالية، بل هناك أيضاً عواقب أخرى ينبغي أخذها بعين الاعتبار· ويقول آدم بويتجير الخبير في شؤون التسويق على الانترنت ومؤلف كتاب ''المحيط الرقمي'': ''إن التشتت الذهني القصير والمتكرر للموظف بسبب الرد على الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية عبر الموبايل أكثر خطراً بكثير مما يظن معظم الناس· وبالنسبة للمبتدئين في وظائف العمل المعرفي، تؤدي هذه الانقطاعات إلى انخفاض شديد في الإنتاجية حتى لو توقفت الظاهرة لفترة ما· وسبب ذلك أنها تجعل الموظف في حالة انتظار لا إرادي لحدوث حالات التشتت الذهني بين الحين والآخر''· ويشير تقرير الفاينانشيال تايمز إلى أن ظاهرة (التشتت الذهني) بسبب الاتصالات الخارجية يمكن أن تتحول إلى حالة من حالات الإدمان؛ ومعنى ذلك أن الموظف يعتاد على انتظار هذه الاتصالات حتى لو لم تأت، مما يؤدي إلى حالة دائمة من حالات التشتت الذهني· ويمكن أن نفهم من ذلك أيضاً أن التشتت الذهني بسبب كثرة قنوات الاتصال التي باتت تطوّق عمال المعرفة من كل جهة، يمكن أن يعد واحداً من الأمراض النفسية الخطيرة التي أفرزتها ثورة المعلومات· ويقول نيلسون ان المصاب بهذه الحالة يشعر بتحسن مفاجئ عندما يستلم رسالة جديدة عبر البريد الإلكتروني أو عندما يرد على مكالمة هاتفية عبر الموبايل؛ ويشعر بعد ذلك أنه استعاد نشاطه أو أنه أكمل عملاً ما، ولكنه في الحقيقة يكون قد أنجز ما هو أقل بكثير مما يمكنه إنجازه لو لم يتعرض لهذه الحالة· ومن بين الشركات التي حاولت التصدي لهذه الظاهرة شركة ِوَُم4ِّ الإنجليزية لتشغيل خدمات الموبايل· فقبل سنتين، اشتهر مؤسسها جون كودويل بقرار غريب اتخذه بحظر إرسال واستقبال البريد الإلكتروني في مكاتب الشركة حتى يدرأ عن موظفيه أخطار ظاهرة ''التشتت الذهني'' إلا أنه سرعان ما ظهر أن مثل هذا القرار لا يمكنه أن يعمر طويلاً في هذا العصر الرقمي الذي نعيشه· وتقول الخبيرة كريس كيمبل الأستاذة المحاضرة في علم الكمبيوتر بجامعة نيويورك: ''لقد قمنا بإنجاز دراسة بالتعاون مع شركة هيوليت باكارد ظهر من خلالها أنه في وقت أصبح يتم فيه إنجاز الكثير من الأعمال على نحو جيد على الانترنت، اتضح لنا أن هناك أيضاً الكثير من الأعمال التي لا يمكن إنجازها بصورة جيدة إلا بتقابل الناس مع بعضهم البعض وجهاً لوجه''· وليس هناك ثمة من شك بأن البريد الإلكتروني والموبايل والتراسل الإلكتروني الفوري، كلها من المظاهر التطورية التي باتت تميز العصر الرقمي الذي نعيشه، ويمكنها جميعاً أن تسهم بشكل فعال في زيادة الإنتاجية، إلا أنها لا تستطيع أن تؤدي هذا الغرض المهم إلا إذا فرضنا الرقابة الصارمة على أساليب استخدامها دون أن نسمح لها بأن تكون هي المسيّر الوحيد لأعمالنا· ومعنى ذلك أن من الخطأ الكبير اتخاذ القرار بتنظيم أعمالنا كلها عن طريق البريد الإلكتروني دون أن نحاول تقييم نتائج هذا القرار؛ ولا شك أن الكثير من الموظفين يرتكبون خطأ عندما يشغلون أنفسهم بإرسال نصف طن من الرسائل الإلكترونية المجزأة لحل مشكلة معينة كان من السهل حلها بإجراء اتصال هاتفي واحد· وتقول ماري شيرفينسكي الباحثة الأولى في قسم الاستشراف بشركة مايكروسوفت أن جزءا من حل هذه المشكلة يكمن في بناء أنظمة يمكنها أن تحمي أذهان مستخدميها من التشتت من خلال استخدام أدوات جديدة تضمن عدم حدوث أي انقطاع في تدفق الأفكار في رؤوس ''الخدم المعرفيين''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©