الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأساة الشيوعيين العراقيين “

مأساة الشيوعيين العراقيين “
24 يوليو 2013 23:42
ليلة الهدهد” إصدار روائي يقع في (680) صفحة من القطع الكبير عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2013. للكاتب العراقي المقيم في السويد إبراهيم أحمد، وقد سبق لإبراهيم أحمد أن أصدر روايتين هما “طفل السي إن إن” والتي قدم لها الروائي الراحل عبد الرحمن منيف، ورواية “الانحدار” إلى جانب مجموعات قصصية وكتابات سياسية أخرى . يقول الروائي عن “ليلة الهدهد” التي كتبت فصولها بين آب 2000 ونيسان 2013 في السويد وبغداد والقاهرة: احدث انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفييتي، وبلدان أخرى في العالم، انعكاسات حادة وعميقة على حياة ونفوس عشرات الآلاف من الشيوعيين العرب! مأساة العجوز يونس رحيم الشيوعي العراقي كانت مدخلاً له للوقوف لا على خيبته وحسب، بل وخيبة وطنه وأجيال أخرى؛ منيت بالخسارة والألم الكبير، في نكبات متلاحقة! يضرب رفاق الأمس على رفيقهم يونس، الذي جاوز الثمانين، عزلةً وحصاراً طويلين، بسبب اعتراضه على فساد بعضهم، وصيحته بخطأ الفكرة. يروح من بيته المتداعي في أعلى قلعة قديمة على الجبل يتأمل تاريخه الشخصي وتاريخ بلاده؛ عبر رحلة طويلة مع شهداء حزبه، مستعيناً بصديقه الروائي المخضرم جلال العطار الذي يبعث من الموت فجأة! تغوص الرواية معهم في تلافيف تاريخ العراق الحديث منذ الاحتلال البريطاني، وتكون الدولة الحديثة، نشوء الأحزاب والحركات الفكرية والثقافية، وبداية الصراعات الطائفية والقومية. وترصد من خلال شخصيات وجماعات كثيرة محاولة العراقيين الخروج من ركام الماضي الثقيل إلى رحاب الحضارة، والحياة الجديدة، وما رافق ذلك من عذاب وتضحيات! تقف الرواية بشكل خاص أمام الأعداد الهائلة للشهداء الذين قضوا دون أن يتحقق شيء من أحلامهم. على العكس: تحقق ما هو مجاف ومناقض لطموحهم. فيطرح يونس بجرأة سؤالاً مشروعاً: من يقطف عادة الثمار التي ترويها دماء الشهداء؟ وما جدوى الاستشهاد؟ ومن يحرض عليه وهو في مأمن ونعيم؟ تبرز الرواية تجربة الشيوعيين وتحطمها على صخرة فكرتهم الصماء المستحيلة والتي خضعت لإرادة السوفييت، ودعوة جماعة الأهالي، واصطدامها بنزعة العسكر، والإرهاصات القومية المشتتة والمتصارعة. فإنما تقف بشكل جوهري أمام خيبة الإنسان، وتهاوي أحلامه الكبيرة، ووقوع الأمل في متاهته القاسية المريرة، وانتشار ضباب الحيرة والضياع تحت سماء أرتبط بها شروق الشمس! تفتتح الرواية أحداثها مع العجوز يونس وهو في بيته الصغير الفقير في قلعة أربيل، خاضعاً لقرار الحزب بالعزل محاولاً عبثاً إثبات براءته.الذي جاء لإسكاته ومعاقبته على معارضته لا انحراف الذي يرافق الكثير من الأحزاب الثورية، يستفحل بشكل مريع بعد أن تتسلم السلطة فيؤدي أن انهيارها وسقوطها مع الأنظمة التي شيدتها بالتسلط والقمع.فتدفع الشعوب بذلك اثماناً باهظة. تتأجج في يونس دائماً ذاكرته المثقلة بالأحزان والعذاب والأمل المتلاشي. يدعي لافتتاح مقبرة للشهداء وهناك تبلغ ذاكرته ذروة مسارها حين يثور الشهداء ناهضين من قبورهم ليسألوا قادتهم المطمئنين إلى مسيرتهم وشعاراتهم: قولوا لنا لماذا استشهدنا، أي جدوى لاستشهاد هذا العدد الهائل من الشهداء، بعد انتهينا لهذا الخراب الشامل الكبير؟ هل ثمة فخر في زمن الفجيعة أن يسمى حزب، بحزب الشهداء؟ أي مجد تصنعه دماء تذهب سدى؟ تدور الرواية في السنوات الثلاث الأخيرة من العهد السابق لكنها تستشرف من خلال ذاكرة يونس أحداثاً تبدأ مع الاحتلال البريطاني للعراق. حيث نشهد بدايات تشكل اليسار وظهور الأفكار الاشتراكية وتأسيس الحزب الشيوعي، مع انتعاش بهذا القدر أو ذاك للمناخ اللبرالي العام وولوج المجتمع العراقي عصر الحداثة والتنوير. تتنازع شخوص الرواية تجاذبات مريرة وقاسية، قومية وطائفية ومعارضة سياسية حادة في تطلعاتها ومطالبها، وتخبط الدولة الحديثة في عملها في هذه الأجواء الضاغطة. كأن الرواية تتحدث عن الحاضر الماثل بكل تعقيداته وصراعات عبر أحداث المضي، لتقول ما يقع اليوم هو قد حدث في الماضي، ولكن جرى استيعابه وامتصاصه بشكل آخر!.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©