«هاري بوتر».. ظاهرة العصر الثقافية

أنهى الفتى البريطاني هاري بوتر رحلة طويلة استمرت حوالي 15 عاماً وأثارت حماسة مئات الملايين وجمعت المليارات، في الجزء الثاني والأخير الذي يحمل عنوان “هاري بوتر ومقدسات الموت”. وشكلت شخصية هاري بوتر التي ابتدعتها الكاتبة ج. ك. رولينج قصة ملحمية طوال عقد ونصف توزعت في سبعة كتب وثمانية أفلام. بدأت الملحمة بقصة “هاري بوتر أند ذي فيلوزوفرز ستون” (هاري بوتر وحجر الفيلسوف) عام 1997، التي مثلت في حينه ظاهرة أدبية وتجارية لمؤلفته الشابة، التي دارت على عدد من دور النشر وفي جعبتها نص عن الفتى الساحر، وكان مصيرها سلال القمامة قبل أن تحظى بناشر، ومن ثم تحولت إلى إنتاج سينمائي عملاق عاد على المؤلفة والناشر والمنتجين بمئات الملايين من الدولارات. قد ترجم العمل الكتابي إلى 69 لغة، أما الأفلام السينمائية السبعة التي عرضت منذ 2001، فهي تأتي ممثلة لهذه الملحمة التي حصدت أعلى إيرادات في شباك التذاكر العالمي: 6.4 مليار دولار. لم يصدق دايفد هايمن منتج أفلام هاري بوتر، أنه عثر على “حجر الفيلسوف” عندما اكتشف قصة الساحر الصغير سنة 1997. فيقول “تخطى ذلك أحلامي الأكثر جموحاً. عندما انطلقنا في المغامرة، لم أستطع أن أصدق إقبال الجمهور الهائل”. وشكل فيلم “هاري بوتر أند ذي داثلي هالوز، الجزء الثاني” (هاري بوتر ومقدسات الموت، الجزء الثاني) الذي يعرض تتويجاً لهذه الملحمة. فيصف هذا الفيلم الثامن والأخير “المواجهة الأخيرة” التي تشكل الصفحات الثلاث مئة الأخيرة من الكتاب السابع والأخير الذي حول إلى فيلم سينمائي من جزءين. وبعيدا عن البطء النسبي للجزء الأول الذي عرض في العام الماضي، يستمتع معجبو هاري بوتر بمشاهد الحركة التي تتميز بها استديوهات “وارنز بروس” الهوليوودية. في هذا الفيلم، يجد هاري الذي أصبح راشدا، نفسه في مواجهة مع فولدمورت، الشر المطلق، في معركة ضخمة تجري أحداثها في مدرسة السحرة في بودلارد. وتحذر القصة من أن “واحدا فقط سيبقى حيا”. يختتم الفيلم الأخير عشر سنوات من حياة الثلاثي هاري ورون وهرميون، المراهقين الثلاث الذين لا يفترقون في الحكاية. ويقر روبرت جرينت (الذي يلعب دور الأصهب رون ويزلي على الشاشة) قائلا “كانت فترة استثنائية من حياتي”. ويضيف دانيال رادكليف (هاري) “أعرف أنني عشت لحظات استثنائية لن تتكرر على الإطلاق”. بات هذان المراهقان اللذان بدءا التمثيل في سلسلة الأفلام منذ عشر سنوات راشدين الآن، وهما يحاولان البحث عن أعمال جديدة بعد هاري بوتر. فيفاجئ “دان” رادكليف (21 عاما) النقاد بمواهبه في الغناء والرقص في مسرحية كوميدية موسيقية في برودواي في نيويورك. أما إيما واتسون (هرميون جرانجر) وهي أيضا في الـ21 من عمرها، فتتنقل بين عروض الأزياء والكوميديا. وهي الوجه الجديد لماركة “لانكوم” وستظهر قريبا في فيلمين أميركيين. ويتابع روبيرت جرينت (22 عاما) مسيرته في التمثيل على الرغم من فشل فيلميه الأخيرين. وسيراه الجمهور سنة 2012 في فيلم نروجي منخفض الميزانية عن الحرب العالمية الثانية. أما الكاتبة ج .ك. روكينج، فقد كررت مرات عدة أنها لن تكتب تكملة لمغامرات الساحر الشاب. لكن عصاها السحرية لا تزال تنتج ذهبا. فالكاتبة التي حصدت مليار جنيه أطلقت مؤخرا موقعا الكترونيا جديدا باسم “بوترمور” ستبيع من خلاله مباشرة النسخ الرقمية من كتبها، متجنبة بذلك المرور عبر شبكات التوزيع الكبرى مثل “أمازون” و”آبل”. وقد بلغت إيرادات الجزء الثاني من “هاري بوتر ومقدسات الموت” حتى الآن 476 مليون دولار، وحطم الأرقام القياسية لكلٍ من شباك التذاكر الأميركي والعالمي. وقد افتتح الفيلم في 59 دولة حول العالم في نفس وقت عرضه الأميركي. وبشكل تفصيلي فقط جمع الفيلم إيرادات بلغت 36.6 مليون دولار من إنجلترا، 26.7 مليون دولار من استراليا، 25.7 مليون دولار من ألمانيا، 23.9 مليون دولار من فرنسا، و21.9 مليون دولار من اليابان. وقد مثلت سلسلة “هاري بوتر” ـ الروايات والأفلام ـ ظاهرة ثقافية حول العالم. داعبت خيالات الصغار والكبار، وذهبت بالمتعة المشهدية التي وفرتها الأفلام إلى مديات لم تسبقها من قبل. تدور أحداث الجزء الأخير من السلسلة الذي قام بإخراجه دافيد ياتس، حول المسعى الأخير للبحث عن أحجار الهوكروكس الثلاثة الباقية التي يستغلها فولدمورت ليقسم بها روحه، حتى يستحيل قتله إذا لم تجتمع معاً. يسعى هاري، رون، وهرميون لإيجادها وتحطيمها، هذا بعد أن يكونا قد علما أسرار مقدسات الموت الثلاثة، وحينها يستطيع هاري تحطيم بعضها ويقوم رون بتحطيم أحدها ليكسروا سر خلود لورد الظلام، يشن فولدمورت حرباً عاتية على مدرسة هوجوورتس تدمر كل شيء، ويصبح مصيرها ومصير الجميع مرهوناً بنتيجة الصراع العاتي الذي سينشأ بين هاري وفولدمورت. وأثناء العرض الأول للفيلم الأسطوري المنتظر، في لندن، بميدان الطرف الأغر، لم تتمالك بطلة الفيلم إيما واطسون نفسها، وسمحت للدموع بالتسلل إلى عينيها. ولم تكن واطسون وحدها التي شعرت بالحزن على فراق هذه السلسلة التي قدمتها للسينما، عبر سنوات طويلة، وصنعت مجدها من خلالها، حيث بدا التأثر على وجوه الجميع، خاصة الممثل الشاب دانيال رادكليف براون، الذي يجسد دور هاري بوتر، الذي قال إن هذه اللحظة من أصعب اللحظات التي مرت عليه في حياته. والمعروف ان الفكرة الأساسية للسلسة تدور حول الصبي الساحر هاري بوتر، منذ اكتشافه لحقيقة كونه ساحراً، وحتى بلوغه سن السابعة عشرة، فتكتشف ماضيه، وعلاقاته السحرية، وسعيه للقضاء على سيد الظلام لورد فولدمورت. وقد بدأت سلسلة الكتب والأفلام بـ”هاري بوتر وحجر الفلاسفة”. والبطل، هاري بوتر، هو هو فتى هزيل، اسود الشعر، يرتدي نظارات مستديرة. عاش بعد وفاة والديه عند خالته بتونيا وزوجها فيرون وابنهما الوحيد ددلي مكروها منهم. وقد اخفى عليه خالته وزوجها انه ساحر وان والديه قتلا على يد ساحر الظلام اللورد فولدمورت. هذا الساحر حاول قتله أيضا، ولكن هاري بوتر نجا لأسباب مجهولة، ولكنه بقي مع ندبة على شكل برق في قمة رأسه. يدعى هاري بوتر للتعلم في مدرسة هوجورتس للسحر والشعوذة التي يديرها دمبلدور وهو اعظم ساحر في العالم. حاولت عائلة هاري بوتر منعه من الذهاب ولكن مع وجود هاجريد استطاع الذهاب إلى هوجارتس عن طريق القطار المسمى” قطار هوجارتس السريع”. في المدرسة يتعرف هاري بوتر الى صديق جديد وهو رون ويزلي، الابن الصغير في عائلة سحرة فقيرة، وهيرمايني جرينجر وهي ابنة لعائلة من العامة. ويصادف هاري اعداء، منهم دراكو مالفوي الابن الوحيد لعائلة مالفوي نقية الدم. تدور القصة حول حجر الفيلسوف، المخبأ في المدرسة، تحت مراقبة المعلمين. هاري واصدقائه يعدون خطة من اجل انقاذ الحجر الذي سيسرق، ومعلم الوصفات السحرية استاذ سيفروس سناب يصبح المشتبه به الأول. في ظل العمل المشترك والمساعدة من قبل الاصدقاء ينجح هاري واصدقاؤه بالتغلب على القوى السحرية التي تحرس الحجر، حيث في النهاية يواجه هاري شخصا لا يتوقعه ابدا هو كويريل معلم الدفاع عن النفس ضد السحر الاسود.. تتشابك الأحداث والمعارك والكل يسعى وراء الحجر الذي يبدو أن تدمر. أما الكتاب فهو “هاري بوتر وحجرة الأسرار”، وفيه تقوى صلة هاري بوتر بالعالم السحري، وتتكشف تصنيفاته وتراتبياته. وأحداث هذا الجزء مثيرة ومرعبة، حيث يقوم لوسيوس والد دراكو مالفوي بوضع مذكرات طوم ريدل في سلة جيني ويزلي لتخليص هوجارتس من السحرة ذوي الدم الموحل. يبدأ الخطر في هوجارتس عندما قام طوم ريدل بالسيطرة على جيني ومساعدته في الجرائم. ويكتشف هاري أنه يستطيع التحدث مع الثعابين، فيتمكن مع رون من العثور على مدخل غرفة الأسرار والدخول لإنقاذ جيني ليكتشف ان طوم ريدل هو نفسه اللورد فولدمورت الذي يحاول قتله. فينتصر عليه. وفي الجزء الثالث الذي يحمل عنوان “هاري بوتر وسجين أزكابان”، يدخل هاري بوتر ورفيقاه رون ويزلي وهيرمايني جرينجر سن المُراهقة، وتزداد الأحداث كآبة وتوتراً، حيث يكتشف هاري بوتر المزيد عن موت والديه، وعن خيانة وورمتيل لهما، ويعرف أن له أباً روحياً هو سيرياس بلاك سجين أزكابان، والذي كان متهما بقتل وورمتيل و12 شخصا من العامة. بينما الحقيقة هي ان وورمتيل هو من قتل الـ12 شخصا واختفى وترك اصبعه مقطوعا ليظن الجميع ان سيرياس قد قتله ولم يبق من جسده سوى اصبعه. يمتلئ هذا الجزء بتحول الأشخاص إلى حيوانات، كما يظهر فيه المستذئب الرقيق ريموس لوبين مُعلم الدفاع ضد فنون السحر الأسود، وصديق جيمس بوتر والد هاري. وفي “هاري بوتر وكأس النار” يعود لورد فولدمورت من جديد بعد أن استعاد جسده، ويقع عالم السحر في مفترق طرق. في هذا الجزء، يظهر هاري بوتر أكبر، وأكثر ثقة بنفسه، لكنه يُفاجأ بضمه إلى دورة السحرة الثلاثة ليصبح الساحر الرابع، وعليه تأدية مهام خطيرة، تقوده في النهاية عبر كأس النار إلى فولدمورت ليهرب منه حياً، لكن بعد فقده لزميله سيدريك ديجوري الذي أمر فولدمورت بقتله. يرى هاري بوتر والديه في ارتجاع تعاويذ عصا فولدمورت، ويستمع إلى صوتيهما، وفي هذا الجزء تظهر الخلافات واضحة بينه وبين صديقه الحميم رون ويزلي، كما يقع في الحب لأول مرة. كما يظهر أكلة الموت للمرة الأولى بوضوح في هذا الكتاب، ويجتمعون حول سيدهم العائد، كما يكتشف هاري أن أستاذ الوصفات الكئيب سيفروس سناب هو أحدهم في الماضي، الا انه تركهم وأصبح جاسوسا لوزارة السحر عليهم. في النهاية، تضطرب الأحداث، ويفترق المجتمع السحري، فتهتز ثقة هاري بنفسه، وتزداد كآبته، كما تزداد وطأة المسؤوليات عليه. ويمتلئ الجزء الخامس “هاري بوتر وجماعة العنقاء” بالأحداث المأساوية والقاتمة، وفيه تتلاشى الفواصل بين العالم العادي، والعالم السحري القابع وراءه، ويكتشف هاري بوتر حقائق كانت قد غابت عنه منذ ولادته، كما يُفجع بموت أبيه الروحي. في النهاية يُقر العالم السحري بعودة فولدمورت، وتبدأ الحرب الثانية بشكل علني. وفي الجزء السادس “هاري بوتر والأمير الهجين” يكتشف هاري سر فولدمورت الأكبر، ويسعى لتدميره عبر هذا السر، كما يعود إلى الماضي مع معلمه ألباس دمبلدور ليكتشف المزيد عن تاريخ وأسرار فولدمورت. في هذا الكتاب تُصبح الحرب علنية، ويستقيل الوزير كورنيليوس فودج ويصبح مكانه ريفوس سكريمجيور وتطبع المجتمع السحري بطابع الموت والرعب، فأكلة الموت يعيثون فساداً في كل أنحاء المجتمع السحري، وحوادث الموت والتعذيب، والاختفاء تملأ الصحف وأحاديث الناس، كما يغشى الخداع الناس. ولا يسلم المجتمع العامي من هذا الخراب، فيتعرض لأعاصير وانهيارات وحوادث قتل وتحكم، يحسبها العامة ظواهر طبيعية، بينما هي من فعل أكلة الموت خصوصاً. يمتلئ الكتاب بالتواريخ الفاجعة، والتحولات، وفيه يظهر الأمير الهجين ويُقتل دمبلدور في صدمة مُفاجئة. يمتلئ الكتاب بالأحداث الساحرة، والمذهلة، ويغوص في التاريخ، كما يكشف لمحات أكبر عن تواريخ بعض الشخصيات، ويقع الكثيرون في الحب. وفي الجزء السابع الذي يحمل عنوان “هاري بوتر ومقدسات الموت” فتدور الأحداث حول البحث عن الهوركرسكات التي استغلها فولدمورت ليقسم روحه بها، وبهذا يسعى هاري، ورونو وهيرمايني إلى ايجادها وتحطيمها. كما يقوم هاري واصدقاؤه أيضا بالبحث عن اثار الموت ويكتشف بانه يملك احدها مسبقا وهي (عباءة الاخفاء)، وبالنهاية ينجح بايجادها جميعا. ويشن فولدمورت حربا عاتية على هوجارتس وفي نهايتها يقوم صراع بين هاري وفولدمورت، يقوم فولدمورت بإطلاق لعنة الموت (افادا كدافرا) على هاري ولكن هاري يسبقه بلعنة (اكسبليارموس)، حيث تطير عصا فولدمورت من يده وترجع لعنة الموت عليه وبهذا ينجو هاري ويقتل فولدمورت نفسه بنفسه.