الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفعة دولية لكندا «هاربر»!

23 أكتوبر 2010 21:23
عبدالله عبيد حسن منذ أن أُعلِن أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أسقطت طلب الحكومة الكندية لشغل أحد مقاعد مجلس الأمن للدول غير دائمة العضوية، والرأي العام الكندي في حالة غضب شديد -وأحياناً شماتة- ضد حكومة المحافظين برئاسة هاربر. ودليل ذلك مئات المقالات الصحفية والأحاديث والتعليقات التلفزيونية والإذاعية ورسائل القراء التي شغلت صفحات من الصحف والمجلات الكبيرة المؤثرة في توجيه الرأي العام. والكنديون عادة يعتبرون بلدهم أحد البلدان التي تمثل الأمم المتحدة بالنسبة لها ضمير الإنسانية، واعتزاز الكنديين بدور بلادهم في المؤسسة الأممية يعود إلى أيام وزير خارجيتهم ثم رئيس الوزراء الأشهر بيرسون الذي لعب الدور الأساسي في فكرة تأسيس قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام عام 1956، إبان العدوان الثلاثي (الإسرائيلي - البريطاني - الفرنسي) على مصر بعد تأميم عبدالناصر لقناة السويس. وللحق فقد لعبت كندا دوراً محوريّاً ونشطاً وساهمت بسخاء في تأسيس قوات حفظ السلام في العقود الماضية، ودفعت أرواح أبنائها وبناتها وأموالها من أجل تحقيق الهدف الإنساني السامي (حفظ السلام الدولي)، مما جعل لجنة جائزة "نوبل" تكرم بيرسون بمنحه جائزة "السلام" لدوره ودور بلاده المتميز في خدمة السلام العالمي. ومن هنا جاء حلم رئيس الوزراء الحالي بأن يحقق في فترة ولايته العودة إلى طاولة مجلس الأمن.. ذلك الحلم الذي دفعت كندا من أجله الكثير وجهدت الدبلوماسية الكندية لإقناع دول العالم بجدارتها به. والكنديون يعلمون أن ما أنفقه رئيس حكومتهم في قمتي الثماني وقمة تورنتو للعشرين قبل أشهر قليلة الذي كان وما زال محل جدل ونقاش من قبل أغلبية الرأي العام، إنما كان هدفه أن يكسب تأييد دول العالم لطلبه الحصول على مقعد غير دائم في عضوية المجلس. ولما انهزمت كندا أمام البرتغال، كانت غالبية التعليقات والتحليلات السياسية تذهب في اتجاه ما عبرت عنه واختارته عنواناً رئيسيّاً: إن المجتمع الدولي لم يرفض أو يسقط كندا ولكنه رفض "كندا هاربر"، وسياساته الخارجية والإهانات التي وجهها للأمم المتحدة منذ أن كان زعيماً للمعارضة، وما زال يمارس تلك السياسات الهوجاء المشحونة بالأيديولوجيا اليمينية، مثلما انحاز إلى سياسات بوش، وكذلك تأييده "الأعمى" لإسرائيل وانفراده بقطع المعونة المالية التي قررها للفلسطينيين المحاصرين التي تصرف بمعرفة لجنة الأمم المتحدة المسؤولة، وإعلانه الأهوج إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد اللبنانيين في الجنوب حين قال: "إن كندا تعتبر أي اعتداء على إسرائيل اعتداء عليها". وقد توافقت معظم تعليقات وافتتاحيات الصحف على عشر قضايا كانت فيها مواقف حكومة "هاربر" محل استياء ورفض معظم الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، وفي قلبها ومقدمتها موقفه مما يسمى بقضية الشرق الأوسط. وكذلك أيضاً تقليصه للعون الكندي إلى الدول الفقيرة (إفريقيا) وتراجع حكومته (بل رفضها ومعارضتها) للاتفاق الدولي حول قضية الاحتباس الحراري (اتفاقية كيوتو)، وكان لكندا الدور الرئيسي في المؤتمر الذي انعقد في اليابان وخرج ببرنامج والتزام بمعالجة قضايا البيئة التي يوليها المجتمع الدولي اهتماماً كبيراً. ومثلما يفعل عادة فريق كرة قدم فاشل انهزم في مباراة مصيرية، بتعليق أسباب هزيمته أمام الفريق المنافس في عنق حكم المباراة ورفض الإقرار بفشله الذي صنعه بقدميه.. فقد خرج أيضاً "هاربر" بعد صمت طويل من الهزيمة ليلقي وزر فشله على المعارضة البرلمانية وخاصة زعيم حزب "الأحرار" المعارض.. فقد زعم أن أغلبية الدول التي منحت تأييدها للبرتغال، بنت موقفها على تصريح نُسب للزعيم المعارض تساءل فيه -قبل التصويت- إن كانت كندا بسياساتها ومواقفها التي يقودها "هاربر" يمكن أن تحظى باحترام وثقة المجتمع الدولي؟ ما دامت بلداً منقسماً على نفسه ولا تحظى حكومته باحترام وثقة بعض مواطنيه! والحقيقة أن كندا كانت تحظى باحترام وثقة المجتمع الدولي عندما كانت تؤدي "دورها التاريخي" في الأمم المتحدة، وقد حظيت بتأييد غالبية الدول -حتى في سنوات الحرب الباردة- ست مرات ولم يرفض المجتمع الدولي طلبها لشغل مقعد في مجلس الأمن سوى عندما قدمته الآن حكومة هاربر المحافظة التي لا تحترم المجتمع الدولي كما ينبغي. وقد رأى المجتمع الدولي في "كندا هاربر"، كندا أخرى غير تلك التي كانت مبادرة دائماً في لعب دور "الحكم النزيه" في الصراعات والخلافات الدولية وكانت آراؤها ومقترحاتها تحظى في نهاية الأمر برضا الجميع. وإذا أرادت كندا أن تستعيد مكانتها القديمة، فعليها أن تعود وأن تعتصم بالأسس والاستراتيجية الأولى: أن تعارض الظلم والعدوان وتدافع عن الحق والسلام وتتحمل مسؤولياتها الدولية في مكافحة الفقر والأمراض والأوبئة التي تفتك بملايين من البشر الضعفاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©