الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيهم أفضل للتلميذ الأهل أم الباص أم السائق

أيهم أفضل للتلميذ الأهل أم الباص أم السائق
26 أغسطس 2006 02:35
كثرة انشغال الأب في الزمن الحاضر فرض نوعا من البعد عن الصغار؟ معارك الباصات تؤدي إلى تمزق الملابس والإصابات الجسدية الجسيمة في معظم الأحيان فتحية البلوشي مع كل إشراقة عام دراسي جديد يبدأ مشوار يومي صباحي يقوم به الطفل، حاملاً او جارا حقيبته إلى مدرسته· أحيانا ينتظر الباص المدرسي وعندما يدلف اليه يغوص في زحمة الصغار ولا يجد معظم الوقت كرسيا يجلس عليه، يضع حقيبته على أرضية الباص ويترك جسده النحيل يتمايل يمنة ويسرة مع اهتزازات الحركة· أحياناً، يجلس الطفل في سيارة المنزل محتضنا حقيبته ليكمل نومه فوقها تاركا السائق ينتهي من شرب ''الشاي'' ليوصله الى المدرسة· كلهم صغار يودون الوصول الى المدرسة في الوقت المحدد· الا أنهم يصلون اليها مع أشخاص مختلفين· البعض يحرص على أن يتأكد من دخول أطفاله إلى المدرسة كل صباح، والبعض الآخر يتركهم ليذهبوا بالحافلة محملين بالدعوات الطيبة وبتحذير من العراك والمشاغبة· لكن هذه الدقائق البسيطة، من البيت الى المدرسة تحمل الكثير من التقريب بين الطفل ومن يقوم بتوصيله· تجده يفضي عن حلمه الذي رآه في نومه في رحلة الذهاب، ويثرثر عن تفاصيل اليوم الدراسي بأكمله في طريق العودة· تلك الدقائق يتحدث فيها الطفل عن أشياء كثيرة تجول بداخله واستماع الأب أو الأم له بإنصات يجعلهما أكثر اطمئنانا على هذا الصغير وعلى طريقة تفكيره وأسلوب نقاشه· واجب مفيد صادق عبدالله والد لصغار في الابتدائية يوصلهم كل صباح بسيارته إلى باب المدرسة، ويقول: مدرسة الصغار بجوار مقر عملي، لذا أحرص على إيصالهم والعودة بهم من المدرسة بشكل يومي فهذا يزيد من اطمئناني عليهم ويشعرني بالرضا عن دوري تجاههم كأب· ويضيف: في البداية أخذت الموضوع على أنه نوع من الواجب الأبوي، لكني مع الوقت أدركت حجم خسارة من لا يوصل ابنه الى المدرسة· نقاش الصغار وحكاياتهم تجعلني أقترب من عالمهم أكثر وأكثر، ويساهم تواجدي اليومي معهم في السيارة خلال هذا المشوار القصير في تهذيب سلوكياتهم وتغيير الكثير من المفاهيم لديهم، بخلاف أني صرت أعرف أصدقاءهم وأوصلهم أحيانا مع صغاري إلى منازلهم مما ساهم في تقوية علاقتي بأهل أصدقاء أبنائي· ويعتقد صادق أن كثرة انشغال الأب في الزمن الحاضر فرض نوعا من البعد عن الصغار لكن مشوار التوصيل الصباحي للمدارس يساهم بشكل فعال في تقريب المسافة بين الأب وأبنائه خاصة إن كانوا مراهقين، ويساعد بشكل كبير في خلق علاقة صحية متوازنة بين الطفل والأب· أخاف من الباص ألفت سامي أم جربت الباص المدرسي لإيصال صغارها لكنها سارعت بعد فترة بسيطة لإلغاء اشتراكهم في الباص وفضلت إيصال الصغار بنفسها الى المدرسة، تقول ألفت: جربت أن يذهب الصغار مع أقرانهم في الباص، وكنت أقصد من ذلك أن أساهم في تنمية اعتمادهم على الذات بعيدا عن ملازمتي شبه الدائمة، لكني لم أستطع الاستمرار في ذلك· كانت ابنتي الصغيرة تضطر لقطع شارع مزدحم بالسيارات من أمام البيت للجهة الأخرى فقط لأن السائق لم يكن يرغب بالاستدارة باتجاه بيتنا، وصدمت بأن مشرفة الباص توافقه على ذلك· رأيت المشرفة مرة تخرج يدها وتنادي الصغيرة بأعلى صوتها كي تسرع الى الباص، بينما كانت ابنتي تخطو بتردد بسب حركة السيارات في الشارع، ومنذ ذاك اليوم أبعدت ابنتي عن زحمة الشوارع ولا مبالاة المشرفات والسائقين وبدأت أوصلها بنفسي الى المدرسة· وتتابع ألفت: بالإضافة إلى القلق الذي كان يلازمني بشكل شبه يومي على أطفالي، كان هناك المرض· فزحمة الصغار في الباص تجعلهم أكثر عرضة لتلقي الفيروسات المختلفة والإصابة بأمراض الصدر والأنفلونزا، وقد تخلصت من هذا القلق مع استلامي مسؤولية التوصيل· وتؤكد ألفت: يحتاج الأبناء في مختلف مراحل العمر الى الصبر والمتابعة وصداقة الوالدين، هذا المشوار يمثل نوعا من التواصل بين الأم والأبناء، فهم يحكون لي كل تفاصيل اليوم ويخبرونني عن كل جديد يريدونه قبل أن ينسوه، وأتمكن كذلك من لقاء أصدقائهم الصغار وأمهاتهم، وبالتالي أعرف من يخالط أبنائي وأتعرف على أهاليهم فأتمكن بسهولة فيما بعد من جعل الصغار يزورون بعضهم في المناسبات الاجتماعية ويتعرفون ببعض أكثر لتقوى بينهم الصداقة والروابط الجيدة· مر لابد منه ''الباص تعب ومشاكل وصداع··· لكن ما باليد حيلة''· هكذا بدأ عبيد عبدالله علي الحديث عن قصة أبنائه مع باص المدرسة وأضاف: لأن أبنائي لا يدرسون في مدرسة واحدة، يصعب علي إيصالهم جميعا إلى مدارسهم فأعتمد على الباص المدرسي أغلب الأحيان· باصات المدارس الحكومية لا وجود للمشرفين فيها لمتابعة الطلاب والتدخل في حال اشتباك بعضهم، وهذا ما يجعل أغلب العام الدراسي يمر على الصغار وهم في شجار، إما بسبب الكراسي في الباص أو بسبب مشكلة حصلت في المدرسة، ويكمل الصغار شجارهم عليها في الباص، أغلب الصغار يتعرضون للإصابات بسبب الشجار بين الكراسي، هذا بخلاف تمزق الملابس بسبب وجود حواف مدببة في بعض الباصات القديمة أو عدم وجود إسفنج على الكرسي بسبب تخريب الطلاب من أعوام سابقة· وعن باصات البنات يتحدث عبيد قائلا: تقل نسبة الشجار في الباص بين الطالبات، ونادرا ما تشتكي فتاة بسبب شجار في الباص مع صديقاتها، لكن الخوف يكون هاجسا ملازما لأن البنات ينتهي دوام مدارسهن في الثانية والنصف بعد الظهر، وبسبب مرور الباص على الكثير من البيوت قبل أن يصل إلى بيتي تتأخر الفتيات كثيرا عن العودة للمنزل، فيصلن أحيانا في الثالثة والنصف أو أكثر، والمشكلة إن حصل عطل بالباص صباحا ولم يأت ليقل الفتيات للمدرسة أو تعطل ظهرا فتنحبس الفتيات داخل الباص أو ينزلن في مكان بعيد ليبحثن عن هاتف يمكنهن من الاتصال بالأهل· كل ما ذكره عبيد يجعله أحيانا يوصل الصغار بنفسه للمدرسة، لكنه رجل له الكثير من المشاغل ولا يستطيع الالتزام بهذا الواجب يوميا، ولم ينف أنه فكر باستقدام سائق ليقل الصغار، لكن خوفه من سلبيات السائق جعله يعتمد على الباص الحكومي أكثر ويقول: قد يكون السائق حلا جيدا، لكني أخاف على صغاري فتيانا وفتيات من السائق، سمعت عن بعض الصغار الذين تعلموا شرب السجائر على أيدي السائقين، ووصلتني العديد من القصص عن سائقين خطفوا الصغيرات، كل هذا زرع الخوف في قلبي وجعل الباص أكثر أمانا على صغاري من السائق الخاص، كما أني لا أتردد في إيصالهم بين فترة وأخرى أو أخذهم من المدرسة كلما استطعت لأن ذلك يشعرهم بالفرح ويجعلهم يفخرون بي أكثر بين أقرانهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©