الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوميات الحب والحرب

26 أغسطس 2006 23:47
يوميات الحرب تتشابه·· في كل مكان·· هكذا علمتني كلماتها القصيرة الموجعة، راهبة إيطالية قابلتها قبل عشرين عاماً·· كنت على أعتاب المراهقة·· وقد علمتني دماء الشهداء الطاهرة في عائلتي على مر تاريخ بلادي الدامي معنى الكرامة·· كانت تسمعني بهدوء وتقول لي ''عشت طفولتي كلها مشردة·· تلك الحرب العالمية الثانية اللعينة، أضاعت أبناءنا·· وتركت أمهاتنا الشابات أرامل·· لا يملكن حتى الابتسامة في وجوهنا·· كن يصنعن لنا عرائس من القماش البالي لنلهوا بها وسط الركام، كل عرائسنا كانت تحمل ملامح حزينة ككل شيء·· حولنا·· إن الحرب يا ابنتي لا ترحم حتى الجماد· كانت كارثة العبارة المصرية المنكوبة قبل شهور أصابتني بحالة من الوجوم وتفاصيل الحادث تزيد عصارة الآلام والأشجان داخلي لدرجة جعلتني أتوقف عن الكلام·· كنت أظن أن صمتي·· ربما يكون احتجاجي الخاص·· ربما تحت السماء يومض فرح·· ها هي الأيام تمطرنا بالحزن·· وسط الأحزان·· فرحة بعودة المقاومة·· تلك الفكرة النبيلة التي لن تموت أبداً سلاما ''اتشي جيفارا'' فقد عادت روحك ترفرف علينا من جديد· لم يكن فارس أحلامي يوما ما يتشابه، وفرسان أحلام البنات، كنت دائما ابحث عن رجل من طراز خاص·· رجل أمضي معه رحلة الحياة وفي كل يوم يزيد رصيدي وزادي معه إلى الآخرة·· رجل يعرف أني امرأة·· مجرد امرأة مسكينة تحتاجه·· يأخذ بيدها في الدنيا ويمنحها السلام في الآخرة·· وتجسد الفارس أخيراً·· آه ما أسعد زوجتك سيد ''حسن نصر الله''· وسط أنباء الحروب والحصار وموت الأطفال·· كانت زيارتي الأخيرة للقاهرة لم أصدق حجم حزن المصريين على إخوانهم في فلسطين ولبنان·· الجميع هناك واجم يطل من وجوههم الغضب والتعاسة·· لا أحد يبتسم لا أحد يشتري لا أحد يبيع·· تركت العاصمة الحزينة إلى العلمين·· في إحدى القرى السياحية الهادئة·· صديقي الوحيد كان الكاتب العظيم ''خيري شلبي'' ورائعته ''زهرة الخشخاش وصفحاتها التي تتعدى الأربعمائة صفحة انتهت سريعاً من يدي·· إنها من أجل وأعظم ما قرأت، خيري شلبي هو خليفة نجيب محفوظ بلا منازع· لم أشاهد فيلماً واحداً في السينما حداداً على أرواح ضحايانا·· ولم تلفت نظري أي عناوين·· ومع اقتراب شهر رمضان·· وتخمة المسلسلات التي ستنفجر في وجوهنا جميعاً أنني أحذر من جميع كتاب الدراما التلفزيونية، ارحمونا من السخافات والأفكار المهترئة، فلدينا اليوم قضية حقيقية وملحمة رائعة من لحم ودم لا نريد أن نرى سواها ملء عيوننا· كلما أردت شراء كتاب تخذلني المكتبات، لقد ذهبت اليها كلها للبحث عن المجموعة الكاملة للكاتب التركي ''عزيز نسين'' و''خيري شلبي'' لم أجد سوى نجيب محفوظ ويوسف ادريس وطه حسين، حاولت جاهدة أن أفهم المسؤول أن هؤلاء العمالقة لم يكتبوا حرفاً جديداً منذ ثلاثين عاما وأكثر وأنهم صاروا من كلاسيكيات الأدب المصري بصمت ولا يرد ·· ارجوكم لطفاً·· أتمنى أن أرى أحدث إصدارات لكل الكتاب البارزين في عالمنا العربي·· فأنا لا أستطيع العيش من دون كتاب في يدي· فاتن الحديدي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©