الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحمائية» لن تُخفّض العجز التجاري الأميركي

30 يناير 2018 00:13
أعلنت إدارة دونالد ترامب هذا الأسبوع عن رسوم جمركية جديدة على الألواح الشمسية والغسالات. وقد أشارت إلى أن المزيد قادم. وتهدف هذه الإجراءات إلى الحد من العجز التجاري الأميركي – لا سيما، العجز المتزايد مع الصين -- ما يعود بالنفع على الاقتصادي الأميركي. وبدلًا من التسليم بافتراضات واشنطن بشكلها الظاهري، يتعين علينا، بدلًا من ذلك، التفكير في الكيفية التي تؤثر بها الحمائية التجارية على تدفقات رأس المال. ويتجاهل صُناع السياسات إلى حد كبير التأثير غير المباشر للتدخل التجاري على رأس المالي. ولكن ما يحدث لرأس المال سيحدد في نهاية الأمر كيف تؤثر هذه الإجراءات على الاقتصاد. فلننظر في حالة الصين. إذا كانت الإجراءات الحمائية قد أدت في الواقع إلى تراجع الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة، فإن هناك بوجه عام ثلاث طرق لإمكانية حدوثه. أولًا، من الممكن أن تظل التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الولايات المتحدة دون تغيير. ومن الممكن أن تنخفض أو أن تزيد. في الحالة الأولى، سيظل العجز التجاري الأميركي مع العالم دون تغيير لأن جزءاً من عجزه مع الصين سينتقل ببساطة إلى دول أخرى. وقد يبدو هذا غير بدهي، ولكن إذا أرسل المصدرون الصينيون رؤوس أموال إلى الولايات المتحدة بنفس القدر الذي كان يحدث من قبل، فإن الآثار المترتبة على الاقتصاد – على الدولار وسعر الفائدة ومعايير الإقراض وما إلى ذلك -- ستبقي على العجز مرتفعاً كما كان، من دون تغيير في معدلات الدين أو البطالة في الولايات المتحدة. وفي الحالة الثانية، إذا أدت الإجراءات الحمائية إلى تعطيل صادرات الصين من رؤوس الأموال، فإن عجز رأس المال والفائض التجاري لديها سيتراجع، وكذلك الحال مع فائض رأس المال الأميركي والعجز التجاري. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى انخفاض العجز التجاري الإجمالي في الولايات المتحدة، والذي يعززه إما انخفاض الدين أو تراجع البطالة. وفي الحالة الثالثة والأخيرة، قد تؤدي الإجراءات الحمائية إلى زيادة صادرات رأس المال الصينية إلى الولايات المتحدة. وفي هذه الحالة، حتى لو تراجع الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة، فإن عجز أميركا مع الدول الأخرى سيرتفع بنسبة أكثر من ذلك، ويعززه هذه المرة ارتفاع الدين أو ارتفاع البطالة. ويبدو أن قدراً كبيراً من الجدل حول سياسة ترامب التجارية يغفل نقطة أن الآثار الاقتصادية لأي إجراء تجاري يعتمد على كيفية تأثيره على رأس المال. ويرجع ذلك إلى أن صُناع السياسة يفترضون أن تدفقات رأس المال تستجيب ببساطة إلى التغييرات في التجارة. وعلى الرغم من أن هذا كان صحيحاً بالنسبة لمعظم التاريخ الحديث، إلا أنه لم يعد كذلك - ولم يكن كذلك لأكثر من خمسة عقود. على مدى عقود كانت تدفقات رأس المال صغيرة للغاية، وتتألف أساساً من تمويل التجارة، مع تكيف حساب رأس المال تلقائياً مع التغييرات في الحساب التجاري. وقد جعل هذا من السهل التنبؤ بعواقب الإجراءات الحمائية: فهي ستخفض عجز التجارة الثنائية، وبالتالي العجز الكلي. بيد أنه لم يعد يعمل بهذه الطريقة. فتدفقات رأس المال العالمية أصبحت الآن ضخمة، وتقودها أساساً قرارات مستقلة لملايين من المستثمرين في الولايات المتحدة وخارجها. ونظراً لأن حسابات رأس المال والتجارة يجب أن تظل متوازنة مع الصفر، فإن التأثير المباشر للتدخل، مع ذلك، يظل عادة متضمناً تحت الآثار غير المباشرة على تدفقات رأس المال. فما هي العواقب المترتبة على السياسة الحالية؟ ربما تؤثر الإجراءات الحمائية بشكل مباشر على التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم. ولكن إذا ارتفعت تدفقات رؤوس الأموال الأميركية، يجب أن يرتفع عجزها التجاري الإجمالي. هذا لأن ارتفاع التدفقات الداخلية سيؤدي إلى إجراء تعديلات في الاقتصاد -- وربما يتضمن ذلك انخفاض معدلات بطاقات الائتمان، وتعزيز في قوة الدولار، وضعف معايير الإقراض، وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع أسواق الأصول – ما قد يتسبب في انخفاض المدخرات بشكل تراكمي، وإجبار العجز الكلي على الارتفاع، حتى مع تراجع العجز مع الصين. لماذا من الممكن أن تؤدي الإجراءات الحمائية إلى زيادة تدفقات رأس المال في الولايات المتحدة؟ في حالة أن تؤدي إلى زيادة عدم اليقين المالي والاقتصادي في الصين، فإنها من الممكن أن تؤدي إلى زيادة هروب رأس المال الصيني بشكل حاد. ومن خلال رفع آفاق النمو الأميركية، فإنها أيضاً ستعزز تدفقات رأس المال إلى الولايات المتحدة. إن أسواق رأس المال في الولايات المتحدة عميقة، ومرنة ومفتوحة بالكامل، ما يجعل من السهل بالنسبة للدول التي ترمي إلى تشغيل الفوائض التجارية في استثمار وفوراتها الزائدة هناك. ونتيجة لذلك، اضطرت الولايات المتحدة إلى استيعاب ما يقرب من نصف المدخرات الزائدة في العالم. *أستاذ العلوم المالية في كلية جوانجوا للإدارة في جامعة بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©