الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الضربات الجوية الأميركية.. هل تنقذ «الإيزيديين»؟

13 أغسطس 2014 01:10
يوم الأحد الماضي، تمكن الآلاف من الإيزيديين، الذين لفحتهم الشمس وأعياهم الظمأ وأنهكهم السير، من الفرار من الجبل الذي كانوا عالقين فيه طيلة أسبوع، قاصدين منطقة كردستان العراقية في الشمال بعد أن تمكنوا من الهرب من المقاتلين المتطرفين بفضل الضربات الجوية الأميركية، كما يقول البعض. كان الجوع والعطش والتعب قد بلغ منهم مبلغه عندما عبروا ببطء جسراً ضيقاً يمتد فوق نهر دجلة على الحدود العراقية- السورية حاملين معهم ما تمكنوا من حمله من أغراضهم القليلة، وكان بعضهم حفاة الأقدام وبعضهم الآخر في ثياب النوم لأنهم فروا للنجاة بأرواحهم ليلا. وكان ذلك الجزءَ الأخير من رحلة كابوسية لم يكتب للبعض فيها النجاة – وقد لا ينجو فيها كثيرون غيرهم أيضاً، وذلك نظراً لأن الآلاف مازالوا عالقين في الجبل، إما لأنهم محاصَرون في قراهم من قبل مقاتلي «داعش» أو لأنهم بكل بساطة أضعف من أن يقدروا على المشي، حسب شهادات من تمكنوا من الوصول إلى مركز «فيش خابور» الحدودي العراقي النائي. هذا في حين مات آخرون وهم يحاولون الوصول إلى بر الأمان، حيث خروا صرعى على الطريق على الجبل الصخري المقفر من شدة الجوع والعطش. ويقول بركات غانم حسن، 75 عاماً، الذي مشى مدة يومين برفقة زوجته وحفيدهما ابن الثلاث سنوات: «لقد مررنا على أشخاص ماتوا على الطريق». الطفل، الذي أصابه المرض أثناء الرحلة وكان ممداً على الأرض، كانت شفتاه مشققتين من شدة الجفاف الذي أصاب جسمه الصغير. وكان قد انفصل عن والديه وسط محاولة الفرار من المقاتلين المتقدمين. ولا يعلم بركات ما إن كانا من الناجين. النزوح سببه هجوم لـ«داعش» يوم الأحد الماضي على بلدة سنجار الواقعة شمال شرق العراق، حيث يعيش عشرات الآلاف من أفراد الطائفة «الإيزيدية» الذين لطالما تعرضوا للاضطهاد. فقد فروا للنجاة بأرواحهم إلى جبل سنجار، ما خلق كارثة إنسانية استأثرت باهتمام العالم، ودفعت الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التدخل؛ حيث كانت عمليات إلقاء الطعام والماء من الجو متبوعة بضربات جوية، ومن ذلك أربع ضربات يوم الجمعة الماضي، استهدفت مواقع «الدولة الإسلامية» في محيط الجبل. هذه الهجمات الأميركية ساعدت بعض «الإيزيديين» على الفرار على الأقل، حسب زعيم حسن حرموش، 66 عاماً، الذي يقول إن الضربات دمرت مواقع المقاتلين الذين كانوا يسدون طرق الهرب. وكان «حرموش» قد قاد زوجته وأبناءه الستة وحفدته السبعة للهرب من أعلى الجبل ليلا، حيث عبروا الحدود إلى منطقة تخضع لسيطرة الأكراد في سوريا ومنها إلى شمال العراق. ويقول: «لقد تمكنا من الفرار بفضل الطائرات التي فتحت لنا الطريق». حرموش كان من بين نحو 50 ألف «إيزيدي» فروا من هجوم «داعش» على سنجار الأحد الماضي، بعد أن دخل المقاتلون المدينة وهددوا بقتل كل من لم يعتنق الإسلام. وقد اضطر لحمل زوجته على ظهره طيلة الطريق لأن رجليها كانتا أضعف من أن تحملانها. توقفت العائلة عند قطعة أرض جرداء مقفرة، وقد تمكن أفرادها من النجاة أثناء محنتهم التي دامت ثلاثة أيام بفضل تقاسمهم الماء القليل الذي كان معهم حيث كانوا يشربون كميات صغيرة في غطاء الزجاجة بالتناوب. أما المواد الغذائية الذي ألقتها الطائرات الأميركية، فقد حطت بين المكان الذي كانوا يختبئون فيه ومواقع «داعش» ولم يستطيعوا الوصول إليها. فلم يأكلوا شيئاً طيلة ثلاثة أيام. وبعد أن فرّقت الضربات الجوية مقاتلي «داعش» يوم الجمعة الماضي، وصل مقاتلون أكراد سوريون من «حزب الاتحاد الديمقراطي» – الذي يتبع لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي يوجد مقره في تركيا – لتأمين ممر إلى سوريا، ومنها إلى العراق، كما يقول. غير أن الجميع لم يكونوا يقوون على القيام بالرحلة. ويقول «حرموش» في هذا الصدد: «لقد اضطررنا لترك بعض الأشخاص خلفنا. فالعجزة والمرضى – لا يستطيعون المشي وسيموتون». وقد طلبت منه صديقة للعائلة، وهي امرأة مسنة، أن يأتي بالمساعدة، «ولكنني لا أعرف من سيقدم لنا المساعدة». حجي قاسم أحمد، 29 عاماً، غادر من دون والديه المسنين، وزوجته، وابنته الرضيعة، التي ولدت على الجبل قبل ثلاثة أيام لأنهم كانوا أضعف من أن يتحملوا مشاق الرحلة. ويقول متوسلا: «قولوا لأميركا أن تساعدهم»، وهو نداء كرره كثيراً الأشخاص الذين لديهم أقارب مازالوا عالقين في الجبل. وقد شرع «حزب العمال الكردستاني» في مرافقة «الإيزيديين» إلى بر الأمان قبل ثلاثة أيام، ولكن اللاجئين الذين كانوا يتقاطرون بأعداد صغيرة صاروا يتدفقون جماعات بعد أن مكّنت الضربات الجوية الأميركية العالقين في أقصى الجنوب بمحاذاة الجبل من المغادرة. ويقول مسؤولو الحدود الأكراد إنه بحلول بعد ظهر يوم الأحد كان أكثر من 30 ألف قد عبروا خلال الـ24 ساعة السابقة، وإن كان من الصعب التأكد من ذلك بالنظر إلى الحشود الكبيرة التي توافدت على المنطقة الجرداء. غير أنه من الصعب أيضاً الجزم بشأن عدد من بقوا في الخلف. فالأمم المتحدة قدرت أن 50 ألف إيزيدي هربوا من سنجار. إلا أن ثمة أيضاً قرى في الجبال، متناثرة عبر شريط مقفر بطول 100 ميل من القمم التي تمتد عبر الحدود العراقية- السورية. ومازال الآلاف ممن يعيشون على الجهة الجنوبية عالقين ومحاصرين من قبل المتطرفين، وبعضهم مازال يواجه خطر الموت، كما تقول دوناتيلا روفيرا من منظمة العفو الدولية والتي تضيف: «لقد أصبح الوضع يرقى إلى وضع طوارئ بالنسبة لمن مازالوا هناك». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©