الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خصخصة المطارات بين حسابات العوائد والأخطار الأمنية

27 أغسطس 2006 00:26
إعداد - عدنان عضيمة: في الوقت الذي كان فيه المسافرون في مطارات بريطانيا يهرعون بذعر شديد في كل اتجاه خوفاً من هجمات مفترضة للإرهابيين عقب اكتشاف مخطط مزعوم لتفجير طائرات أميركية فوق الأطلسي، كانت ''سلطة المطارات البريطانية'' BAA قد تحولت بشكل مفاجىء إلى هدف لانتقادات الخبراء والمحللين· ومن المعروف في هذا الصدد أن هذه الهيئة لا تمتلك الإمكانات اللازمة لفرض المقاييس والإجراءات الأمنية الصارمة؛ كما أنها غير مهيأة للحلات الطارئة التي تتطلب التفحص الدقيق لملايين الحقائب والطرود الجوية كل يوم· وينقل تقرير نشرته صحيفة هيرالد تريبيون عن ويلي والاش المدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية البريطانية قوله: ''لا تمتلك سلطة المطارات البريطانية القدرة على التعامل مع أساليب وطرق التحقيقات الأمنية، ولا حتى على متابعة عمليات التفتيش الدقيقة المتعلقة بالحقائب في مطار هيثرو· ولهذا السبب وجدنا أنفسنا مجبرين على إلغاء معظم الرحلات المبرمجة للإقلاع منه حتى في الحالات التي كان فيها الركاب داخل الطائرات المستعدة للإقلاع''· وكتب لهذا الوضع أن يثير الكثير من التساؤلات الجديدة حول ظاهرة النقل السريع لملكية المطارات العالمية من الدولة إلى الشركات الاستثمارية الخاصة· وفيما كان من المتعارف عليه أن تبقى المطارات ضمن أملاك الدولة بسبب حساسية العمليات الجوية، أصبحت خصخصتها هي الاتجاه السائد في العديد من دول العالم؛ وحدث هذا بالفعل بالنسبة للعديد من المطارات العالمية الكبرى التي أصبحت ملكاً لأثرياء كبار أو شركات عالمية نافذة· أخطار الخصخصة وكانت حقوق وأصول ''سلطة المطارات البريطانية'' بيعت مؤخراً لمجموعة صناعية إسبانية تدعى ''جروبو فيروفيال'' Groupo Ferrovial فيما تقرر أن تتكفل شركة خاصة بإدارة العمليات الأمنية في كافة المطارات البريطانية في المستقبل القريب· ولقد بدأت هذه الشركة التي لم يتم الإعلان عن اسمها حتى الآن بتأسيس وتشييد منشآتها· وكان الهدف من خصخصة المطارات يكمن في خفض التكلفة من أجل زيادة العوائد· ويبقى السؤال المطروح في هذا الصدد: من الذي يكون في وسعه تقديم خدمات أمنية أفضل، السلطات الحكومية أم الشركات الخاصة؟· يقول دافيد بنتلي المدير الإقليمي للطيران في مركز طيران آسيا الباسيفيكي: ''لا شك أن الجواب عن هذا السؤال ليس بسيطاً''· ووفقاً لبعض المقاييس الأمنية، فإن أمن المطارات لم يسجل أي تحسن يذكر منذ عمدت الحكومة الفيدرالية الأميركية إلى بسط سيطرتها عليها في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك· وأما في حالة ''سلطة المطارات البريطانية'' فلقد برزت مشكلة عجز الشركة التي تمتلكها عن مواجهة المشاكل الأمنية المتصاعدة باعتبارها شركة خاصة غير معنية بصيانة الأمن الوطني للبلاد، ولا تندرج هذه المهمة في صلب اختصاصها· ويقول دونكان بونفيلد مدير الاتصالات في ''سلطة المطارات البريطانية'' في تعليقه على هذا الموقف: ''إن خصخصة وتمليك المطارات لا تمثل الحل المناسب لأن الأمن يبقى دائماً (المهمة رقم 1) لأية شركة تنشط في مجال صناعة الطيران· ولايمكن لأحد أن يرتكب أي خطأ في هذا المجال''· ثم إن الانتقادات التي تنهال على ''سلطة المطارات البريطانية'' تعود أيضاً لأسباب خطيرة أخرى غير تأخير الرحلات أو إلغائها؛ حيث كان أحد المعتقلين في الأحداث الأخيرة ويدعى أمين طارق، موظفاً في ''سلطة المطارات البريطانية'' بصفته ضابط أمن· وفضلت سلطات مطار هيثرو التزام الصمت حول أسباب توقيفه مما قد يوحي بأن يكون الجهاز الأمني المتخصص بأمن المطارات في بريطانيا مخترقاً من قبل الجماعات الإرهابية· ولقد بدأت الحكومة البريطانية بتبنّي فكرة خصخصة المطارات ووضعها في أيدي الشركات غير الحكومية منذ أعوام عقد التسعينات؛ وكتب لهذه الفكرة أن تحظى بالشعبية والتأييد الواسعين في السنوات الأخيرة بالنظر لما يترتب عنها من زيادة كبيرة في فعالية الخدمات وسرعة الإنجاز ودقة الجدولة وتحديد مواعيد الإقلاع والهبوط· وسجلت الشركات التي تمتلك المطارات في العديد من دول العالم أرباحاً طائلة وخاصة بعد أن نشطت في مجال ابتداع باقة من الخدمات الجديدة ونجحت في تخفيض تكاليف تشغيل الأنظمة المختلفة إلى أدنى الحدود· المستفيدون ويقول التقرير أن خصخصة المطارات يعد إطاراً جيداً لعمل من النوع الذي يوزع الفوائد والعوائد الجمة على كل الأطراف الشماركة فيه؛ ومن أهم هذه الأطراف البنوك وشركات الاستثمارات المالية والاستشارية وشركات التأمين· وبهذه الطريقة يمكن للحكومة أن تضمن عوائد صافية سائلة جاهزة للاستغلال في بقية المشاريع الاجتماعية والإنمائية· ويضاف إلى كل ذلك ما يلاحظ من أن المستثمرين في إدارة المطارات غالباً ما يكونون من الشركات العالمية الكبرى؛ ولا زال هذا القطاع الاستثماري يجتذب العديد من مثل هذه الشركات وعلى رأسها ''جروب فيروفيال'' و''ماكواري'' وغيرهما· ويعني ذلك أيضاً أن امتلاك حقوق استثمار المطارات العالمية الكبرى أصبح مجالاً ملائماً للاستثمارات المالية الكبرى·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©