الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«الناتو-2020»: شراكات متنوعة مكان العمل المنفرد

«الناتو-2020»: شراكات متنوعة مكان العمل المنفرد
23 أكتوبر 2010 23:15
ينتظر أن يعرض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوج راسموسن على قمة قادة “الناتو” المقررة في لشبونة 19 و20 نوفمبر المقبل المسودة الأولى للاستراتيجية الجديدة للحلف (الناتو-2020). وعلى الرغم أن هذه الاستراتيجية لم تحسم بشكلها النهائي بعد بسبب النقاشات المرتقبة حولها، إلا أنها ووفق راسموسين ستأخذ ربما بالكثير من التوصيات التي حددها التقرير الذي أعده فريق من الخبراء الدوليين بقيادة وزيرة الخارجية الاميركية السابق مادلين اولبرايت والتي أكدت في مايو الماضي أن الحلف لن يتمكن من تحقيق هدفه بالحفاظ على أمن وسلامة أعضائه إلاّ إذا تعاون بشكل ديناميكي مع الدول والمنظمات خارج حدوده لاسيما روسيا لبناء نظام أمني تعاوني أوروبي ـ أطلسي يرد على المخاوف المشتركة المتمثلة بالإرهاب والانتشار النووي والقرصنة وتجارة المخدرات، كما دعت الى الاستفادة من التجارب في أفغانستان، من خلال وحدة القيادة وأهمية التخطيط الفعال والتواصل الشعبي والحاجة إلى نشر قوات في مساحات استراتيجية لفترة مطوّلة من الزمن. ولعل اهم ما يميز التوصيات التي جاءت في تقرير الخبراء تشديدها على ضرورة أن يلحظ المفهوم الجديد، أن الحلف لن يعمل بمفرده على العموم، وان الشراكات على اختلاف أنواعها ستتخذ مكانة مركزية في العمل اليومي، وعليه يتعين على “الناتو” السعي لتوضيح علاقاته بالشركاء الأساسيين وتعميقها، وإقامة شراكات جديدة متى كان ذلك مناسباً، وتوسيع نطاق نشاطات هذه الشراكات، وفهم حقيقة أنه يتعين التعامل مع كل شريك وكل شراكة وفقاً للشروط التي تناسبها. واكد التقرير على إبقاء الشراكة الحيوية والالتزام الدفاعي بين جانبي الأطلسي على اعتبار أن علاقة أميركا الشمالية بأوروبا تسمح لكلا الطرفين بتحقيق أهداف لا يمكن أن تنجز بطريقة فردية لا سيما مع استمرار خطر الإرهاب وإمكانية اندلاع صراع بين الدول الكبيرة. وحدد 5 أولويات هي “مواجهة التحديات الاقتصادية واعتماد المرونة في قنوات الاتصال والتعامل المشترك مع التحديات الأمنية، والعمل على بناء أوروبا موحدة وحرّة والمحافظة على كوكب يمكن العيش فيه”. وشددت التوصيات على شراكة أكثر فاعلية ومرونة في حال فشلت قوات التحالف في دحر الإرهاب والقضاء على الفوضى في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان، معتبرة أن هذه المناطق تشكل أكبر خطر مباشر وجسيم على أمن جانبي الأطلسي، والمطلوب منع وقوع أي هجمات وضمان ألاّ تتحول هذه المناطق من جديد الى قاعدة للتهديدات. واكد التقرير التمسك بالفقرة التي تتحدث عن الدفاع الجماعي في المادّة 5 من قانون الحلف، ودعا الى تنسيق دولي أكثر فاعلية وتكاملاً في أفغانستان ومقاربة أوسع تشمل المنطقة بأسرها لإرساء الاستقرار في باكستان. كما اكد ضرورة التزام الحلف ببناء دولة أفغانية مستقرة لا تستخدم كقاعدة للنشاط الإرهابي الدولي، ومواصلة التعاون مع الشركاء لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي. وشدد على أهمية التخطيط الفاعل والدبلوماسية العامة ووضع مقاربة مدنية وعسكرية شاملة والحاجة إلى نشر القوات على مسافة استراتيجية لفترة زمنية طويلة. ودعت التوصيات الغرب الى تطوير استراتيجية مزدوجة مع روسيا يحدد مسارها الأول الفوائدَ المترتبة على علاقات أكثر إنتاجية ويؤكد الثاني على أن هذه العلاقات لا يمكن أن تعتمد على التخويف والتأثير وإنما على احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وتمسك التقرير بضرورة التزام “الناتو” بالشراكة مع روسيا على اعتبار أنها وسيلة لرعاية الأمن في المنطقة الأوروبية والأطلسية، واكد استمرارية عمل مجلس الناتو وروسيا على انه المنتدى الرئيسي للاتصالات بين الجانبين لمنع نشوب الأزمات وتحليل الأحداث ومناقشة الأفكار والاتفاق على أعمال مشتركة للتعامل مع القضايا ذات الاهتمام المشترك. مؤكدا أن الحلف لا يشكل تهديداً عسكرياً لروسيا ولا يرى في روسيا تهديداً عسكرياً. وأكدت التوصيات على رغبة “الناتو” في بناء نظام أمني تعاوني في منطقة أوروبا والأطلسي يشمل تعاوناً أمنياً مع روسيا وانتهاج سياسة الحوار والتركيز على الفرص المتاحة للتعاون لصون المصالح المشتركة مثل منع انتشار الأسلحة النووية والحدّ من التسلّح ومحاربة الإرهاب والدفاع الصاروخي والإدارة الفاعلة للأزمات والعمليات السلمية والأمن البحري ومحاربة الاتجار بالمخدرات. ونوه التقرير إلى أهمية منظومة الدفاع الصاروخي في الردع المستقبلي للتهديدات الصاروخية الصادرة عن إيران وربما دول أخرى، وذلك لسببين الأول هو أن هذه الجهود منطقية بالنظر إلى مرحلة الإعداد اللازمة لنشر قدرات الاعتراض، والثاني هو أنه في حال أخفقت الدبلوماسية وامتلكت إيران أسلحة نووية، يرجح أن يكون الرد الدفاعي خياراً أكثر قبولاً وفاعلية من الردّ العسكري الهجومي. ولكن مع ذلك تم ترك الباب مفتوح على إلغاء هذه المنظومة في حال نجحت الدبلوماسية لدى جانبي الأطلسي في منع إيران من حيازة أسلحة نووية. وأكدت التوصيات على متابعة التزامات قمة بوخارست 2008 المتعلقة بدراسة سبل دمج مواقع الدفاع الصاروخي الأميركي في أوروبا بخطط “الناتو” الحالية، وتطوير خيارات لهيكلية دفاع صاروخي شامل وتوسيع غطائه بحيث يعم كافة أراضي الدول الحليفة وشعوبها وليس الأراضي التي يغطيها النظام الأميركي فقط، والعمل مع الولايات المتحدة على ضمان المشاركة الروسية في هذه المنظومة. واعتبر التقرير منظومة الدفاع الصاروخي مهمة عسكرية أساسية لمواجهة خطر هجوم صاروخي بالستي إيراني محتمل، وقال إن قرار الرئيس الاميركي باراك أوباما بنشر دفاع صاروخي مرن على مراحل يشكل مظلّة أكثر فاعلية وسرعة وموثوقية من الاقتراحات السابقة، وأنها ستعمم على أعضاء الناتو بشكل كامل، مع فتح باب المشاركة أمام سائر الحلفاء وكافة الشركاء المراد حمايتهم بالإضافة الى التعاون الشامل في منطقة الحلف بين الناتو وشركائه، لا سيما روسيا. وشددت التوصيات على دعم الهدف البعيد المدى المتمثل في التوصل إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، لكن مع التشديد على ضرورة المشاركة الأوروبية في أي قرار أميركي يسبق سحب الأسلحة النووية الأميركية من أوروبا الى جانب السعي الى حمل روسيا على القيام بخطوات مماثلة. واكدت ضرورة دعم “الناتو” الكامل للجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية، وضمان التعامل مع الموادّ النووية بطريقة آمنة وسليمة، وتحقيق تقدم نحو عالم خال من الأسلحة النووية. ودعا التقرير إلى إيجاد توازن أفضل بين مهمات الحلف في الداخل والخارج في التعامل مع التحديات الأمنية الحالية والمستقبلية، وتوسيع إطار المهمات والتواصل مع الشركاء على نحو أفضل وبناء إجماع جديد على التحديات التي تواجه الأمن وسبل مواجهتها وتعديل عملية نشر القوات واتخاذ القرارات. وتمسك التقرير بمحافظة الحلف داخليا على قوته الردعية والدفاعية، والمساهمة في جعل أوروبا موحدة وحرّة تنعم بالسلم، وخارجيا بالعمل على منع وقوع الأزمات والرد عليها في حال وقوعها، وبالمشاركة في عمليات إحلال الاستقرار بالتواصل مع الشركاء العالميين، وتعزيز قدرات الإنذار المبكر والدفاعات الجوية الصاروخية، وتطوير نشاطات مكافحة الإرهاب، وإدارة نتائج أي هجمات أو كوارث طبيعية واسعة النطاق، والدفاع عن الشبكات الإلكترونية وأمن الطاقة. كما شددت التوصيات على الحيلولة دون وقوع أزمات والردّ عليها في حال وقوعها، ومراعاة ضرورة تشكيل قوة إرساء الاستقرار وإعادة الإعمار لتكون مكون دعم أمني متكامل ومتعدد الأطراف للمساهمة في تنظيم العمليات التي تعقب انتهاء الصراع، وإقامة شراكة استراتيجية حقيقية مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. واكد التقرير دور الحلف كمصدر أساسي للاستقرار في عالم متقلب مليء بالمفاجآت، معتبرا أن المبادئ الديمقراطية التي جمعت شمله لا تزال صالحة، وان الدور الذي يضطلع به في صون الوحدة والأمن والحرّية في منطقة أوروبا والأطلسي لا يزال مستمراً. لكنه حذر في الوقت نفسه من بروز أخطار جديدة ومطالب متعددة الجوانب بتنفيذ عمليات معقدة في عصر تعتبر فيه الردود السريعة حيوية وحاسمة من حيث تعددها. وأكدت التوصيات حاجة “الناتو” إلى مفهوم استراتيجي جديد لأن العالم قد تغيّر بدرجة كبيرة منذ سنة 1999 عندما جرى إقرار المفهوم الحالي، وبعد اعتداءات 11 سبتمبر التي أظهرت وجود صلة فتاكة بين التكنولوجيا والإرهاب، وأبرز الحاجة إلى تقاسم معلومات الاستخبارات وإلى التخطيط الدفاعي المعقد. ونوه التقرير للمرة الأولى الى ضرورة أن يتيح تطوير المفهوم الجديد فرصة لتعريف الشعوب بالحلف وما يمثله عبر تسليط الضوء على مساهماته الكثيرة في الاستقرار والسلام الدولي، وإلا فشل في المحافظة على المساندة الشعبية وعلى الدعم المالي الذي يتعين عليه امتلاكه لأداء مهماته الأساسية إضافة الى توضيح ما ينبغي للحلف القيام به تجاه كل حليف وما ينبغي لكل حليف القيام به تجاه الحلف. ودعا التقرير الحلف الى التعامل مع أخطار ذات طبيعة أكثر تفجراً وأقل قابلية للتكهن منها العمليات الإرهابية، وانتشار التكنولوجيات النووية وتكنولوجيات الأسلحة المتطورة الأخرى، والهجمات الإلكترونية التي تستهدف نظم الاتصالات الحديثة، وتخريب خطوط أنابيب الطاقة، وعرقلة خطوط التموين البحرية الحساسة. واكد على ضرورة المحافظة على القوة وعلى التضامن اللازمَين لردع العدوان، والسعي في الوقت نفسه لإيجاد بيئة سياسية أكثر استقراراً على المدى البعيد. وأعادت التوصيات التأكيد على أن الغاية المركزية لـ”الناتو” هي صون حرّية كافة أعضائه وأمنهم بالطرق السياسية والعسكرية، وتجسيد الصلة بين طرفي الأطلسي التي يرتبط أمنُ أميركا الشمالية بموجبها بأمن أوروبا بشكل دائم، والتشديد على أن أمن سائر الحلفاء لا يتجزأ، وان أي هجوم على دولة عضو يعتبر هجوماً على الجميع. كما اكد على الاستقلال السياسي للأعضاء وعلى توزيع الأدوار والمخاطر والمسؤوليات فضلاً عن المنافع بالتساوي واستخدام الصلات بالدول والمنظمات الأخرى للمساعدة على منع نشوب الأزمات والتخفيف من وطأتها، والحرص من خلال المهمات الأمنية الأساسية على احترام المصالح الأمنية المشروعة للآخرين، والسعي للتوصل إلى حلول سلمية للنزاعات وفق ميثاق الأمم المتحدة. واكد التقرير على الالتزام الأساسي لـ”الناتو” المتمثل بالدفاع الجماعي، ودرء العدوان المسلح عن الدول الأعضاء عبر مؤازرتها بالقدرات العسكرية الأساسية فضلاً عن التخطيط للحالات الطارئة وإجراء المناورات المتخصصة وجهوزية القوات وتأمين الوسائل اللوجستية الأكيدة اللازمة للمحافظة على ثقة الحلفاء. واذ استبعد التقرير تعرض دول “الناتو” لأي هجوم عسكري مباشر في المستقبل المنظور، الا انه دعا للإبقاء على التأهب المطلوب لمواجهة تهديدات أقل تقليدية بينها هجمات بأسلحة الدمار الشامل، والتعرض لضربات إرهابية، ونصح بتحديث مقاربة الدفاع عن أراضي الحلف مع تعزيز القدرة على تحقيق الانتصار في العمليات العسكرية وفي المهمات الأمنية الأوسع خارج الحدود. ودعت التوصيات دول الحلف الى التشاور على نحو أكثر انتظاماً وإبداعية بموجب المادّة الرابعة من القانون الأساسي باعتبارها أداة مهمة لمنع وقوع الأزمات وإدارتها في حال وقوعها بدون الحاجة إلى انتظار بروز تهديد وشيك كما هو موصوف في المادّة الخامسة. كما تمسكت بسياسة الباب المفتوح المتعلقة بتوسيع عضوية “الناتو” الذي بات يضم 28 عضواً بعد أن كان عدد أعضائه 16 باعتبارها آلية التقدم نحو أوروبا موحَّدة وحرّة تسهم في ضمان أغلب عناصر الأمن الجماعي للدول الأعضاء. واكد التقرير على ضرورة تلازم الأولويات الدفاعية مع مجموعة متفق عليها من القدرات والإصلاحات الأساسية الجديدة أو المطوَّرة، والمساهمة في بيئة دولية أكثر أمناً، والردّ على الحالات الطارئة غير المتوقعة في الزمان والمكان المناسبَين. وشدد على ضرورة تسريع الجهود الرامية إلى الردّ على خطر الهجمات الإلكترونية بحماية نظم الاتصالات والقيادة، ومساعدة الحلفاء على تطوير قدراتهم على منع وقوع هذه الهجمات وعلى التعافي منها، وتطوير مجموعة من القدرات الدفاعية الإلكترونية الرامية إلى الكشف والردع الفاعل. وبانتظار المسافة الزمنية بين 2010 و2020، قال التقرير إن الحلف سيحتاج طوال الوقت إلى إبقاء عين ساهرة على الأخطار التي يمكن أن تنشأ قريباً من دياره، مع تركيز بعيد النظر على كيفية الردّ على الأخطار التي ربما تبرز في أماكن بعيدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©