الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب بلا «ديوان».. العرب بلا «ديوان»..

العرب بلا «ديوان».. العرب بلا «ديوان»..
13 أغسطس 2014 20:00
* سيظل الشعر أفق العرب إذا ما ظل العرب على صلة بقيم الحياة * رغم أنها الأكثر قراءة وانتشاراً إعلامياً لا يمكن للرواية أن تكون ديوان العرب * الشعر كان ديوان العرب عندما كان الشعر هو الفن الوحيد الممارس * لم يعد هناك ديوان للعرب وهذا شيء إيجابي ربما يخدم تطور ثقافتهم الحديثة ------ بين فترة وأخرى، تطفو على السطح مقولات ثقافية عامة، تتردد هنا وهناك، في الأوساط الثقافية وفي الوسائل الإعلامية المختلفة، لعل من بينها القول الذي يسمعه المرء باضطراد على ألسنة الكتاب والناشرين من أن الشعر ليس مرغوباً من القراء، وأنهم يقبلون على قراءة الرواية أكثر. . وربما يذهب كثيرون إلى أبعد من ذلك، فيقولون: الشعر لم يعد ديوان العرب، هذا كان ماضياً، أما الآن فالرواية هي ديوان العرب، تؤرخ وتوثق وتكتب وترصد وتحلل وتعلق على كل ما يجري في حياتهم. . لم يعد الشاعر فتى القبيلة الذي يدافع عنها. . كانت تلك مرحلة مضت، تطلبت حضور الشعر على هذا النحو الواسع، أما اليوم فنحن نعيش زمن المدنية، وهو زمن الرواية بامتياز. . . . -------- هل صحيح أن الشعر يتراجع أمام الرواية؟ أيهما بات يشكل ديوان العرب وذاكرتهم: الشعر أم الرواية؟ سؤال يفضي إلى حساسية ثقافية بين جنسين أدبيين كلاهما مهم بلا شك، لكن كيف ينظر المثقفون اليوم إلى سؤال كهذا؟ جلباب جمالي يطرح عبد الحق ميفراني (شاعر وناقد من المغرب) سؤالاً على السؤال: «دعونا في البداية نسأل السؤال ذاته: هل مازال الشعر ديوان العرب؟، وكأن الشعر يحتاج منا دائما لإعادة صياغة هذه التركيبة العجيبة والسحرية في آن. وكأن القصيدة تضم جراح هذه الذات المتخمة بتراجيدياتها التاريخية، وكأن العرب اصطفوا صفا واحدا كي يوحدوا صيغة السؤال في وقت لا نصطف إلا في صف الويلات». وهو يرى أننا «لن نحتاج لإعادة تركيب نفس الصياغات والمقولات النقدية الأساس، والتي خيمت بشكل يدعو إلى التخمة على الوعي النقدي العربي، ما دمنا استسهلنا لازمة إعادة السؤال بالشكل الذي يدعونا إلى التذكير الدائم بأن لحظة الشعر الحقيقية هي لحظة طرح السؤال العميق لا إعادة لبس جلباب جمالي أدبي يحضر بقوة المنجز». ويعتقد ميفراني أن الشعر «يحتاج منا إلى الكثير من التسامح وإلى الكثير من القسوة على الذات كي نتمكن من إعادة صياغة هذا العالم بالشكل الذي نحلم به في استعاراتنا، في شذراتنا، في قصائدنا المهموسة، وفي إنصاتنا إلى نبض الحياة. العالم السحري الذي لن يطأه أي جموح وأي انشطارات اللهم ذاتنا المنجرحة بوشائج الدهشة، سيظل الشعر أفق العرب إذا ما ظل العرب على صلة بقيم الحياة الحبلى بقيم الإنسان. هذا المغيب أصلا في أقانيم هذه التركيبات الهجينة من الحروب البلاغية الصغرى لكن في الآن نفسه لا يمكن لأي منجز نصي آخر أن يحيد عن الشعر، إمبراطوريته المثلى. فحبذا لو توجنا القصيدة امبراطوريتنا الوحيدة كي يمكننا حينها أن ندفن جميع الويلات والإمبراطوريات وهذه الخسارات التي لن تنتهي فقط عند حافة الشعر يجد الشعراء نافذة وحيدة على الحياة». ويرى القاص والروائي العماني محمد العريمي أن الشعر «ظل يتربع على عرش الأدب العربي طوال تاريخ أدبنا المدون، بيد أن مكانته تراجعت مع ظهور فن الرواية وتعزز مكانتها بظهور عمالقة الأدب العربي وفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب، ولعل التوجه الحداثي في الشعر الذي ينطبق عليه المثل الروسي «خرج من القرية ولم يصل إلى المدينة» ساهم في تقدم الرواية وأصبحت أكثر قربا من القارئ». الرواية تكتسح رغم أنها «متعصبة» للشعر، حسب قولها، تعترف الشاعرة التونسية إكرام بن حميدة أن «الرواية اليوم تكتسح الساحة الأدبية والثقافية بامتياز»، مضيفة أن «الرواية لها حضور مميّز وقوي ولها ترويجها، وتسويقها، وأثرها، فقد غيرّت معايير كثيرة حول المكانة التي يحتلها الشعر اليوم، فقد توارى الشعر الذي يعتبر سيد الفنون، وربما ساهمت الزحمة التي تشهدها الساحة الشعرية في ذلك». مع ذلك، تؤكد بن حميدة أنه «لا يمكن الإقرار اليوم بتراجع الشعر مقارنة بالرواية، فللشعر مكانته وتميزه وتفرّده، والشاعر قادر على خوض كل تجارب الكتابة من أجناس مختلفة كالرواية ومسرح والقصة (!)، فالنفس الشعري يزيد سحر الرواية وتفرّدها ويزخرفها لتصبح أكثر تشويقا فيساهم الشعر في إضافة عبقرية للرواية». ورغم أنها مقتنعة بأن مقولة الشعر ديوان العرب صالحة لكل زمان ومكان، وأن عصر الحداثة لم يقتل الشعر نهائيا بل بالعكس استلهمت الرواية من الشعر الصور المبتكرة للاستقطاب والإغراء، إلا أنها تقرّ بأن «للرواية الحظ الأوفر إعلامياً، وأنها جعلت الروائي يشع إعلاميا أكثر من الشاعر، وذلك من خلال استقطاب إعلامي واسع مقارنة بالشعر الذي مهما قيل فهو فقد جزءاً من جماليته وتقنياته نظرا للزحمة الشعرية الحالية». وفي مقاربتها للسؤال توضح الفارق بين الشعر والرواية بقولها: «الشعر في أكثر حالاته اهتم بفكرة أو إحساس أو شعور وبذلك اختصر وأوجز رغم إلمامه بكل المواضيع. أما الرواية فقد فاقت مواضيعها لتطرق عوالم بأكملها، فهي لا تقف عند حدّ، وقد طوعت حياة المفكر والأديب والفيزيائي والطبيب و. . . و. . . وعالجت مجالات عملهم، وتوسعت أكثر في الإحاطة بمواضيع سهلة، مباشرة، مصرّح بها معنى ومبنى، عكس ما يكون في الشعر من تكثيف وتلميح واختصار. الشعر مرتبط بالخيال وعلاقة الشاعر باللغة أقوى وأكثر متانة وقسوة وشدّة. الروائي يأخذ الواقع كما هو وذلك حسب قدرته على تطويع المفردات ليحدثنا عن اليومي. ربما ساهم النقد اليوم في تضخيم الرواية على حساب الشعر الذي يبقى صداه أكثر عمقاً (ربما لكوني اكتب القصيدة بحب كبير وارتباطي بالشعر بدأ مذ طفولتي لذلك بعض التعصب مشروع). الرواية تستقطبك وتغريك بشكل آخر، والنقد فتح آفاقا وأبوابا لكونها عملا عصريا مرتبطا بمدنية الدولة وبالتحضر، على أساس الشعر بدا مع البدو في الصحراء منذ العرب القدامى، وقد تراجعت الصحراء لصالح المدينة فكانت الرواية وما تأخذك إليه من صراع مع الحياة وإشكالياتها من خلال عوالم جديدة. الشعر كان تعبيرا عن حياة البادية واليوم الرواية صارت كلاما جديدا لهذا المدني، الذي فرّ من قيوده إلى قيود أخرى وقضايا أخرى وهموم أخرى تزدحم بها منعطفات يومية. ربما الشعر حالة قارة ذاتية أو جماعية والرواية حالة تتبدل، وفيها يقع المزج بين حياة الفرد والجماعة فلا يمكن وصفها والتحدث عنها في بضع قصائد لكن ربما اكتمالها والتحدث عنها روائيا يكون أكبر». كان زمان. . يوضح الناقد المصري محمد الزيات أن الشعر كان قديماً ديوان العرب «عندما كان الشعر هو الفن الوحيد الممارس، وكان كذلك نظرا لطبيعته الشفوية، ولكن الملاحظ في العصر الحديث أن الرواية أخذت تزاحم فن الشعر، خاصة كونها مدونة كتابية وكذلك لخصائصها التي تحيط بأبعاد عدة وأزمنة مختلفة، ومواكبتها للمتغيرات الاجتماعية والسياسية، وعروجها على التاريخ، واستيحائها شخصياته وأزمنته وإسقاطها كل ذلك على الواقع المعاش ومعاناته. الرواية العربية أحرزت تقدما كبيرا في فترة زمنية قصيرة نسبيا، بسبب التغيرات الاجتماعية والسياسية التي صادفت الزمن الحديث، فضلا عن الأبعاد الذاتية والمعرفية والتناول الإشكالي للواقع. كل هذا وغيره غير متوافر للشعر حتى وإن صار مكتوبا لأنه باختصار ليس معنيا بذلك». ويقول الكاتب والإعلامي الليبي جلال عثمان في رده على السؤال: «أولا يجب معرفة عن أي عرب نتحدث، فهذا السؤال قد يبدو منطقيا في زمن ازدهار اللغة العربية، زمن يضع التباهي بالكلمة في مرتبة الانتشاء بنشيد قصير. السؤال قد لا يبدو صعبا عندما كانت القبائل العربية تشد الرحال لبعضها البعض لتبادل التهاني بميلاد شاعر. الشعر/ الرواية كلاهما واحد وإن كانت الرواية أفضل حالا لأنها أكثر استعصاء على المحاكاة والتقليد. في السابق كان الشعراء يتعذرون بمقص الرقيب وسلطة الحاكم وتأويل رجال المخابرات كوسيلة كبح لجام الإبداع ولكن سرعان ما صفع الإنترنت هذه النظرية، ورغم أنه لا ضفاف لحرية الإبداع في الشبكة فكثير من الشعراء ظلوا يواصلون التجديف في الضحل. الشعر هو وليد اللغة وكثير من الشعراء اليوم لا يعرفون ابسط قواعد اللغة». وفيما تذهب الروائية المصرية ياسمين مجدي إلى أن «الديوان الحقيقي هو الذي نحفظ فيه ميراث حياتنا، فيتمكن من الإبقاء على (حواديت) وحكايات ومشاعر أناس كانوا هنا ومضوا. حينما تفعل الرواية ذلك تكون الديوان، وحينما يفعل الشعر ذلك يكون هو الديوان». . ترفض الشاعرة الأردنية باسمة غنيم أن تطرح الرواية باعتبارها ديوان العرب، وتضيف: «لا نستطيع أن نُقرر أن ديوان العرب هو الرواية فالأساس قديماً هوَ الشعر، وبدايات العرب من العصر الجاهلي والأمويّ والعباسي. . . الخ هو الشعر، فكيفَ علينا أن ننسى هذا كلهُ لنقرر ببساطة من هوَ ديوان العرب؟! أو أن نقول إن الرواية هي الديوان وهيَ التي أتت من ثقافة الغرب!؟ نعم الرواية قد أثبتت وجودها في العصر الحديث بوجود كتّاب كُثُر أبدعوا فيها، وكانَ لها دورها الرائد في الثقافة، ومع هذا لن نستطيع أن نقرر فالقرار صعب حتى مع انتهاء زمن المُعلقات ووجود الشعر الحديث». الرواية جنس المرحلة يعلق الشاعر والصحفي الليبي صابر الفيتوري: «لا أدري ما الذي يعنيه كون الشعر ديوان العرب أو أن الرواية هي التي حلت محله، أو أن القصة هي ديوان العرب، وهي من سترث هذا الشرف العظيم!. إن مسألة التجنيس الأدبي والرجوع إلى البناء على المنطلقات الفكرية التي ولدت فوق صفحات الصحافة لا تعني لي الكثير، ما يهمني النص المتوثب، والذي يصعق البشرية كونه نصا يتوهج بروح الإنسان، وينطلق من بيئته ويغوص في فضاء أبعد، ويمكن لذلك النص مهما كان نوعه أن يختم بالامتياز، وأن يوثق المرحلة باقتدار، وأن يعبر عن أحلام الأمة باقتدار. الخوف من ضياع الإرث لا داعي له إذ يمكنك أن تحفظ تاريخ شعب بأكمله بداخل (فلاش ميموري). من جهتي، لا أحبذ أن يكون لنا فن واحد وإلا سنأخذ على عاتقنا استصدار قرار يحظر سائر أجناس الأدب». وعند الحديث عن إقبال المتلقي على صنف أدبي بعينه لا يخفي الفيتوري قلقه على مصير الشعر، يقول: «لكن من ناحية إقبال المتلقي على صنف أدبي بعينه فلا أخفيك صرت أخاف على الشعر من الضياع، فخلال العقدين الماضيين لم يبرز شاعر يستطيع أن يصل إلى حدود الإقليمية ربما، مع انه صار بلا ضوابط وأطر، والأسماء الشعرية العربية التي برزت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كالبياتي وأدونيس ومحمود درويش ونزار قباني ما زالت قارّة في الأذهان، ومؤسسة للتكوينات الثقافية دون أن يأتي بعدها اسم كبير جديد. . ثم إن الثقافة العربية انحازت بشكل كلي إلى الثقافة الوطنية، وتنامت أعداد المنشورات التي تخدم هذا الغرض. أما الرواية فهي جنس المرحلة والروائيون العرب لهم حضورهم العالمي مثل: عبدالرحمن منيف ومحمد شكري وإبراهيم الكوني ونجيب محفوظ وآخرون كثر، وتترجم أعمالهم حتى إلى اللغات الميتة لا إلى الحية فقط. مما استغربه فعلاً هذا الإقبال الملفت الذي تناله الرواية في حين أن الرواية جنس أدبي طويل ويحتاج من المرء وقتا أطول لكتابته ولقراءته في آن، ونحن في عصر السرعة. هذا تناقض كبير يثبت بشكل ملفت أن الوقت ليس للشعر، ربما لأن الرواية تغني عن الشعر إذا احتوت على لغة شعرية وألق روحي متوهج، وربما لأن الفقراء هم من يجدون وقتاً للقراءة وهذا حال المثقفين». من جهته، يعلن الشاعر العراقي علي البهادلي انحيازه للشعر، بقوله: «كان الشعر سيد الموقف والحدث في حياة العرب اليومية، فهو المدونة الأساسية لتسجيل ما يطرأ من حوادث عبر تاريخهم، إضافة إلى أنه البوق الإعلامي والسلاح الأكثر مضاء من حد السيف بالنسبة لكل قبيلة، فهو الفاصل الرئيسي في الهجاء والمدح، وهو الفاعل الأكثر تأثيراً في إذكاء الحماسة في نفوس رجال القبيلة، حين يستعدون لغزو قبيلة ما أو للدفاع عن قبيلتهم بوجه إحدى القبائل. إضافة إلى موضوعته الرئيسية في التغزل بالحسان، وإبداع صور لا يستطيع غير الشاعر الإتيان بها، لِما يمتلكه من حس مرهف للجمال وقدرة فائقة على خلق صور لا تخطر على بال الإنسان العادي، ولذلك كان الرجال والنساء يعشقون الشعر لأنه يلبي حاجاتهم الروحية وفق ما يشتهون، ولذلك نرى العصر الجاهلي زاخراً بالشعر والشعراء وخير دليل على ذلك أنهم وضعوا (المعلقات السبعة) المعروفة في أقدس مكان بالنسبة إليهم ألا وهو (الكعبة المشرفة) مما يوضح أن الشعر كان بالنسبة إليهم مقدساً، في حين لا نرى للرواية من أثر فاعل وواضح في اهتماماتهم إلا بشكل ثانوي، لأنها تقريباً كانت ممثلة بالأساطير التي ذكرها القرآن الكريم (أساطير الأولين) وهي أساطير معادة ومكررة عبر التاريخ، حيث لا جديد ولا إبداع فيها آخر، عكس الشعر الذي كان دائماً فاعلاً ومتجدداً وثورة، كما نرى ذلك في العصرين الأموي والعباسي حيث كان الخلفاء والأمراء وحتى نساء البلاط يقربون الشعراء ويغدقون عليهم بالجوائز والأموال السخية جداً، ولا نرى للرواية في هذين العصرين من أثر إلا في ما ظهر من (حكايات ألف ليلة وليلة) ورغم أهميتها وذيوع صيتها إلا أنها تبقى دون مستوى الشعر، مما يميز الشعر ويجعله (ديوان العرب) بشكل واضح ومتميز». سؤال لا شرعي يعتبر الشاعر الليبي صالح قادربوه سؤالاً من هذا النوع سؤالاً غير مشروع بل ودعائي، ويوضح ذلك بقوله: «ثمة أسئلة كثيرة قفزت على طاولة الجدل الثقافي العربي داخل منظومته الدائرية تحاول إحداث حالة من التفكير لكنها لا تتجه اتجاها موازيا للمنتج، فعدد الأسئلة أصبح أكبر من مشاريع الإنجاز الإبداعي، ومن بين هذه الأسئلة ذلك الباحث عن هوية ما من خلال مكتسبات الحكي والسرد العربيين القائل: (هل الشعر هو ديوان العرب أم الرواية؟)، والحق إن إطلاق كلمة ديوان بالمعنى الذي قصد به في التحدث عن الناس، أي التعبير عنهم وعن أحلامهم وآمالهم وحياتهم وأساليب عيشهم، لم تنجزه الرواية العربية بعد ولم يعد دورا أساسيا للشعر العربي الحديث فمن هنا يكون هذا السؤال لا شرعيا أو يلفظ أقل إيذاء (لا منطقي) خاصة أن العرب - المتلقين – لم يرتبطوا تماما بالرواية العربية التي ما زالت رغم كل شيء مشروعا حديث الولادة. وقد عبرت الرواية كثيرا عن المشروع السياسي أكثر مما عبرت عن أحلام وحياة الناس، والشعر الحديث بدأ ينحاز لألعاب اللغة وتعالى كاتبوه على حساب أن يكون هوية للقارئ العربي، فمن هنا يبدو ذلك السؤال عن أيهما الديوان الشعر أم الرواية سؤالا دعائيا ذا أهداف صحفية إعلامية بالأساس». ويضيف: «هناك أسئلة تبدو أكثر أهمية بل وأكثر جدوى من مثل النقاش حول مشاريع قائمة وطرق كتابة مستحدثة وعن الترجمة وغيرها، بينما سيظل سؤال (الديوان) يتراجع حتى يتلاشى شيئا فشيئا لأنه سؤال جاء في ظروف معينة، والتبس بكثير من العوامل غير النصية ولا النقدية، بل اندرج في شأن الاهتمام الصحفي وهواة البيانات والاستطلاعات الموضة. لم يعد الشعر هو ذلك المنبر العشائري أو الشعبي على حساب أفكار الشاعر الخاصة، ولم تصل الرواية بعد لأن تكون أهم من الشعر في مدونة الثقافة العربية. . لكن الناس يحبون أحيانا الغنائية والسرد لأنها تجد لها ما يبرر قبولها من الناحية الوجدانية والخيالية وليس بصفتها ديوانا لهم، بل كونها حالات ضرورية أحيانا لمواصلة الرحلة دون أن يكون لذلك أي مرجعية من الإحساس القومي أو غيره وإنما كما يحتاجون أحيانا للموسيقى أو السينما أو المسرح. . لم يعد هناك ديوان للعرب وربما كان ذلك شيئا إيجابيا ويخدم تطور مشاريع الإبداع في ثقافتهم الحديثة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©