الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا تخسر معركة الخبرة أمام أميركا والدول النامية

28 أغسطس 2006 01:08
إعداد - أيمن جمعة: منذ قمة برشلونة عام 2000 والاتحاد الأوروبي حدد لنفسه هدفا اقتصاديا واضحا·· أن يصبح تكتلا اقتصاديا قائما في الأساس على العلم والمعرفة والثروة البشرية· وتقوم هذه الاستراتيجية على افتراض انه مع انضمام مئات الملايين من العمال الى الاقتصاد العالمي، فانه يتعين على الاتحاد الاوروبي الذي يتمتع بقوة عمل ماهرة ''نسبيا'' ان يحافظ على هذه الميزة التنافسية من خلال تطوير برامجه التعليمية والتدريبية· وفتحت صحيفة ''فاينانشال تايمز'' نقاشا حول ما اذا كانت القارة الاوروبية فعلا تضخ عمالة ماهرة في السوق الدولية ؟ أم انها فشلت في ذلك ؟ ويقول جان بيساني فيري مدير ''معهد برويجيل للابحاث الاقتصادية'' ومقره بروكسل ''رصدت جامعة برينستاون العريقة تراجعا في كفاءة العامل الاوروبي في مختلف المجالات بداية من المبرمجين مرورا بخبراء الطلب ووصولا الى المحللين·'' وأثارت هذه التصريحات ما يمكن وصفه بالهلع وسط مجتمع الاعمال الذي يؤمن بان عدم التصدي لهذا التراجع يعني ''الموت'' لأن الاقتصاد حاليا يعتمد بشكل أساسي على الخبرات والعلماء لدفع مسيرة التنمية والتطور والقدرة على المنافسة في عصر العولمة· والمشكلة هنا لا تتعلق بما اذا كانت الجامعات في الدول النامية تستطيع تقديم خريجيين أكفاء·· فهي بالطبع تفعل ذلك·· ولا تتعلق بما اذا كان هؤلاء الخريجون يستطيعون منافسة الخريج الاوروبي والاميركي·· المسألة تدور حول قدرة الدول الصناعية بصفة عامة على المحافظة على ميزتها التنافسية فيما يتعلق بالايدي العاملة الماهرة في سوق العمل· وهناك احصائيات خاصة بالتعليم جمعتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي والبروفيسور روبرت بارو من جامعة ''هارفارد'' وجونج وا لي من ''جامعة كوريا''، والتي تقدم تقييما عاما لتوزيع الثروة البشرية في أنحاء العالم· وتقدم هذه الاحصائيات ثلاث حقائق رئيسية·· الحقيقة الاولى·· متوسط ثقافة وتعليم وتدريب الشاب في الاتحاد الاوروبي بصفة عامة هي أقل من نظيره في الدول الصناعية الاخرى، فهو يدرس ما يقل مجموعه بعامين او ثلاثة أعوام عن سنوات دراسة الشاب الاميركي وما يقل بعام عن سنوات دراسة الشاب الياباني· وربما يكون السبب في ذلك ان الدراسة الثانوية تبدأ عادة في سن متأخرة مقارنة بباقي دول العالم· وتكمل نسبة كبيرة من الاوروبيين التعليم الاساسي لكن اقل من 20 % منهم يكملون التعليم الجامعي مقارنة مع 40 % في اميركا واليابان· الحقيقة الثانية·· العالم يلحق بسرعة باوروبا والغرب· وعالميا فان ربع البالغين الذين يستطيعون الوصول الى التعليم العالي يوجدون في اميركا مقابل 20 % في البرازيل والهند وروسيا والصين وأقل من 25 % في دول الاتحاد الاوروبي الخمس والعشرين· الحقيقة الثالثة·· اوروبا أفضل في المباني والالات من العقول· وربما تتضح ملامح هذه الحقيقة من ثنايا الفجوة الواضحة بين نوعية المنتجات التي تصدرها أوروبا وتلك التي تخرج من اميركا واليابان· فالصادرات الاميركية على سبيل المثال لها اليد العليا فيما يتعلق بالبضائع والسلع التي تتطلب خبرات ضخمة مثل المنتجات فائقة التقدم التكنولوجي، بينما يمهر الاوروبيون في المنتجات التي تتطلب رؤوس اموال كبيرة وخبرات متوسطة مثل الكيماويات والسيارات· واذا فشلت اوروبا في تحديث مؤسساتها التعليمية وتضخ مزيدا من الاستثمارات في تطوير الثروة البشرية فان القارة العجوز تخاطر بضياع سطوتها الاقتصادية· ويقول بيساني فيري ''هناك ادراك للمشكلة لكن لا توجد ضغوط لمعالجتها· الرخاء الاوروبي لن يستمر الى ما لا نهاية اذا لم تتم زيادة الاستثمار في الثروة البشرية·'' ويشير تقرير صدر مؤخرا للبنك الدولي الى انعكاسات هذه ''الازمة'' على ملامح الحرب المسعورة التي تخوضها المانيا وهي قاطرة الاقتصاد الاوروبي لاجتذاب العقول الماهرة· فهي تقبع بين صدارة الدول المستقطبة للعقول الماهرة من الدول النامية· كما انها في الوقت نفسه تعاني من ''نزيف الخبرات'' خاصة الى اميركا، وهي حقيقة يؤكدها ان أربعة من أصل خمسة علماء ألمان حاصلين على جائزة نوبل في الفيزياء والطب فضلوا الهجرة الى اميركا والاستقرار فيها بشكل نهائي· ويقول بيساني فيرني ''اذا فشلت اوروبا في تحديث مؤسساتها التعليمية ولم تضخ مزيدا من الاستثمارات لتطوير الثروة البشرية، فانها تخاطر بضياع سطوتها الاقتصادية· يجب ان يعلم الجميع ان الرخاء الاوروبي لن يستمر الى ما لا نهاية اذا لم تتم زيادة الاستثمار في الثروة البشرية·''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©