الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة التمويل تهدد «إمبراطورية الرياح» في بريطانيا

أزمة التمويل تهدد «إمبراطورية الرياح» في بريطانيا
21 يوليو 2012
تعتبر بريطانيا سوق طاقة الرياح البحرية الرائدة عالمياً، ومنذ عشر سنوات أطلقت حكومة المملكة المتحدة حوافز مالية وتنظيمية من أجل تشجيع استغلال ثروات الطاقة المتجددة لرياح الجزر البريطانية العاتية ومياهها الضحلة نسبياً. والنتيجة التي يجهلها كثير من البريطانيين هي أن دولتهم أضحت في مجال طاقة الرياح البحرية مناظرة للسعودية في مجال النفط حيث تبلغ سعة طاقة الرياح البحرية في بريطانيا ما ينتجه باقي دول العالم مجتمعة. في آخر العام الماضي كان لبريطانيا 636 توربينة في 18 مزرعة رياح تشكل ما يتجاوز 2 جيجاوات من السعة القصوى حسب أرقام هذا القطاع، وهو ما يجعل بريطانيا تشكل 55% من سوق طاقة الرياح في أوروبا، وأكثر من ضعف أقرب منافسيها في الدنمارك وأكثر كثيراً من هولندا وألمانيا وبلجيكا والسويد مجتمعة. غير أن الضغوط الداخلية المتصاعدة لتقليص التكاليف مع عدم اليقين في القوانين المنظمة والمعاناة المالية الدولية، تجتمع جميعاً لتجعل من 2012 سنة صعبة لهذا القطاع. ويتوقع أن تتدخل الحكومة البريطانية بحيث تتحكم في تكاليف هذه الصناعة، فمنذ عشر سنوات حين بنيت أولى مزارع الرياح الكبيرة، وإن كانت صغيرة نسبياً، كانت تكاليف الإنفاق الرأسمالي أقل من 1,5 مليون جنيه استرليني لكل ميجاوات. ومنذ ذاك بدأت هذه الصناعة تبني مزارع أكبر وفي مناطق أبعد ومياه أعمق. وبالنظر إلى أن أحجامها زادت فقد ارتفعت أيضاً تكاليف المواد. وبحلول عام 2010 زادت تكلفة الميجاوات إلى أكثر من 3 ملايين جنيه استرليني. وهذا يعني أن مزارع الرياح البحرية بإجمالي سعة 16 جيجاوات المخطط بناؤها لغاية عام 2020 قد تبلغ تكلفتها 48,6 مليار جنيه استرليني وحتى سعة 10 جيجاوات التي يعتقد بعض المحللين أنه سيتم تركيبها خلال السنوات الثماني المقبلة قد تتكلف 30 مليار جنيه استرليني. غير أنه ينبغي مقارنة هذا المبلغ بالمبالغ التي سبق أن أنفقت على قطاعات طاقة أخرى، بحسب اندرو ماك، خبير الطاقة في مجموعة بوسطن الاستشارية “بي سي جي”، الذي قال: “بأسعار 2007 سبق أن استثمر 80 مليار جنيه استرليني في تطوير نفط وغاز بحر الشمال بين عامي 1974 و1984. وبالمقارنة فإن إنشاء مزارع طاقة رياح بحرية طاقتها 10 جيجاوات بحلول 2020 سيكلف المملكة المتحدة نحو 30 مليار جنيه استرليني على مدى ثماني سنوات”. في المقابل، لا تزال بريطانيا تعاني من الركود ومن المفترض أن تلعب طاقة الرياح البحرية دوراً كبيراً في مساعدة الدولة على بلوغ هدف حصولها على 15 في المئة من طاقتها من مصادر متجددة في تاريخ غايته عام 2020. وخلال العام الماضي، أعلنت الحكومة الائتلافية عن تشكيلها فريق خفض تكلفة طاقة الرياح البحرية الذي يرجح أن تعلن نتائجه قريباً. وقال نيك ميديك، من جماعة الضغط المعنية بطاقة الرياح “رينيوابل يوكيه”: “أعتقد أنه من المنطقي أن نتوقع أن تقل التكاليف بحلول 2020” تتطلع أوساط عديدة إلى ذلك لأسباب عدة منها الضغوط المالية التي تواجهها هذه الصناعة. حتى الآن تعتبر مؤسسات منافع الخدمات العامة على رأسها شركة دونج الدنماركية وفاتينفول السويدية، أكبر المستثمرين في طاقة الرياح البحرية. وقال جونار هيرينج، خبير الطاقة المتجددة في “بي سي جي” ببرلين،: “يأتي نحو 80% من الاستثمار من مؤسسات المنافع العامة”. وأضاف هيرينج “في المستقبل ينتظر أن تقل تكاليف بناء مزارع طاقة الرياح لأن حجم الاستثمار المطلوب بالغ الضخامة. ونتوقع ألا تكون مؤسسات المنافع العامة قادرة إلا على تحمل قرابة 25 في المئة من الاستثمارات اللازمة حتى 2020”. وهذا يعني وجوب البحث عن مستثمرين آخرين مثل صناديق الرواتب التقاعدية وشركات المساهمة الخاصة، والاعتماد أكثر على البنوك في تمويل المشاريع. وهذا ليس بالسهل دائماً في صناعة غير مكتملة النضج تكون فيها المخاطر معقدة وجسيمة. وقال هيرينج: “نأمل أن تكتسب صناعة طاقة الرياح البحرية ما يكفي من الخبرة لتقليل مستوى المخاطرة إلى درجة يتقبلها المستثمرون، وهذا هو التحدي الذي نواجهه”. وأبدت بعض صناديق الرواتب التقاعدية الحراس للخوض في صناعة طاقة الرياح البحرية غير أن البحث عن شروط تمويل مصرفية مقبولة لم يعد بالسهولة التي كان عليها من قبل. وقال جون وود، الشريك في مكتب “نورتون روز” القانوني: “أضحى تمويل المشاريع صعباً. في السابق اعتدنا على تسديد ديون المشاريع في جدول زمني يمتد لخمسة عشر عاماً”. وقد تقلصت هذه الفترة إلى ست أو سبع سنوات ما زاد من صعوبة الأمر حين يستلزم الأمر تجديد التمويل. ولا يزال يتعين على مطوري مزارع الرياح البحرية بالمملكة المتحدة التعامل مع أجواء تنظيمية وقانونية يرى عديد من المعنيين أنها مقلقة. ففي ظل إصلاحات سوق الكهرباء الكاسحة التي تطرحها الحكومة أمام البرلمان، يجب استبدال إطار حوافز الطاقة المتجددة القائمة بمجموعة من حزم دعم الأسعار من أجل تشجيع الاستثمار في المصادر المتجددة وغيرها من المصادر منخفضة الكربون. ورغم أن إطار الإصلاحات العام معلوم إلا أن المستثمرين يريدون معرفة المزيد عن دعم الأسعار وعن طريقة تطبيق ذلك على كل شكل من أشكال الطاقة وهو ما ينتظر الكشف عنه العام المقبل. ويتساءل البعض عما إن كان في مقدور المملكة المتحدة تحقيق أهداف طاقتها المتجددة لعام 2020، ومنهم ستيفن ريجبي من “نورتون روز”، الذي تساءل: “هل أهداف 2020 قابلة للتحقق؟”، مضيفاً “أعتقد أنها كذلك ولكن ليس من الواضح الطريقة التي سنحقق بها ذلك”. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©