الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سبيل الله» دستور ونور وطريق الخير والحق

«سبيل الله» دستور ونور وطريق الخير والحق
28 يوليو 2011 21:07
يشتمل القرآن على الحكمة والصواب وهو طريق الهدى والخير والحق ومن اسمائه “سبيل الله” كما ورد في قول الله تعالى:”ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا اولئك لهم عذاب اليم” سورة لقمان –الاية 6 ، وقال ابن عبـاس: سبـيـل الله: قراءة القرآن وذكر الله، وقال المفسرون والسلف إن سبيل الله في هذه الاية الكريمة هو القرآن وفيه الهداية الكاملة والرحمة الشاملة لمن يحسنون العمل. وقال القرطبي إن لهو الحديث هو الغناء وهو ممنوع بالكتاب والسنة لانه ينبت النفاق في القلب، يتلهى به أهل الباطل واللعب وورد في اسباب النزول ان هذه الآية الكريمة نزلت في النضر ‏بن الحارث، لأنه اشترى كتب الأعاجم، فكان يجلس ‏بمكة، فإذا قالت قريش إن محمدا قال كذا ضحك منه، وحدثهم بأحاديث ‏ملوك الفرس ويقول حديثي هذا أحسن من حديث محمد، وكان النضر يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام ‏إلا انطلق به إلى جاريته فيقول لها أطعميه واسقيه وغنيه ويقول هذا خير مما ‏يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه، وقيل انها ‏نزلت في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الباطل. ولهو الحديث، هو كل ما يلهي عن طاعة الله ويصد ‏عن مرضاته، ليضل الناس عن طريق الهدى إلى طريق الهوى، ويتخذ ‏آيات الله سخرية، أولئك لهم عذاب يهينهم ويخزيهم. وقال الطبري ان ابن ‏عبـاس وعكرمة ومـجاهد، قالوا: ان لهو الحديث هو الغناء، والاستـماع ‏له وكل لهو، لـيصد ذلك الذي يشتري من ‏لهو الـحديث عن دين الله وطاعته، وما يقرب إلـيه من قراءة قرآن، ‏وذكر الله. ‎وقال ابن كثير، ‎لما ذكر الله تعالى حال السعداء، وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون ‏بسماعه، كما قال تعالى: «الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر ‏منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله»، ‏عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله ‏وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب. وقال الضحاك و‏كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله فهو من لهو الحديث الذي ‏يعني الشرك، وبحسب المرء من الضلالة أن يختار ‏حديث الباطل على حديث الحق. قلوب المسلمين إن القرآن الكريم يجمع قلوب المسلمين على حب الواحد القهار، ويصل بين قلوبهم والباقي الأزلي الذي أبدع هذا الوجود، فيعلمهم كيف يؤمنون به بالغيب دون رؤيته، ويكتفون بآثار خلقه وإبداعه على صفحة الكون الفسيح، ويعلمهم التوكل عليه في كل أمورهم، ويزرع فيهم الإيثار والتواد والتراحم والترابط، فتلتقي أرواحهم وترتقـي نفوسهم وتتآلف قلوبهم برباط شفاف نسيجه حب الله والوجل من قدرته سبحانه وتعالى، نسيج متراكب من الخوف والرجاء، من رقة الشعور وعلو الهمة، إنها معان عميقة يتشربها القلب المؤمن من آيات القرآن الكريم فتؤدي إلى نمو المجتمع المسلم نموا طبيعيا نحو القوة والنضج والتقدم المستمر. فكتاب ربنا نور للبشرية جمعاء، ودستور أنزله رب السماء ونبراس يضيء جوانب الأرض والفضاء، فيه نبأ من قبلنا من الأمم وما شرعه ربنا وحكم وما أمرنا باتباعه وألزم، وما نهانا عنه وحرم، ينظم الحياة للبشر ويدل على الخير ويحذر من الشر، ملئ بالأخبار والمواعظ والعبر. فالقرآن هو النور الذي إذا استزدنا منه أضاء عقولنا وقلوبنا، وأضاء مناطق الإحساس والشعور، وكل دروبنا في الحياة، فيه المواعظ الحسنة النافعة، والبراهين الجلية القاطعة، التي تسبق إلى الأفهام ببادىء الرأي، وأول النظر، ويشترك كافة الخلق في إدراكها، ينتفع به كل إنسان، فيه الحث على كل خلق جميل، والتنفير من كل خلق ساقط رذيل . سعادة الدارين هذا القرآن هو الذي أحرزت به الأمة سعادة الدارين، وهو الذي اجتث منها عروق الذلة والاستكانة، فهو الذي رباها وأدبها، فزكى منها النفوس، وصفى القرائح، وأذكى الفطن، وجلا المواهب، وأعلى الهمم، وأرهف العزائم، واستثار القوى، وغرس الإيمان في الأفئدة، وملأ القلوب بالرحمة، وحفز الأيدي للعمل النافع، والأرجل للسعي المثمر، ثم ساق هذه القوى على ما في الأرض من شر وباطل وفساد، فطهرها منه تطهيرا، وعمرها بالحق والخير والإصلاح تعميرا. هذا القرآن نور الصدور، وجلاء الهم والغم، وفرح الفؤاد، وقرة العين، أنار العقول على النور الإلهي فأصبحت كشافة عن الحقائق العليا، وطهر النفوس من أدران السقوط والإسفاف فأصبحت نزاعة إلى المعالي، مقدمة على العظائم. إن القرآن الكريم يخاطب فطرة الإنسان بما في وجوده، وبما في الوجود من حوله من دلائل وإيحاءات، إن بني الإنسان حين يضلون عن سبيل الله يتخبطون في الضلالات، ويتسكعون في الظلمات، ويغرقون في ألوان الشرك، وغياهب الجاهلية، فعقول البشر قاصرة عن أن تدرك طريق الصلاح بمفردها، أو تستبين سبيل الرشاد بذاتها، إنها لا تستطيع أن تجلب لنفسها نفعا، أو تدفع ضررا، ومن ثم فإن القرآن الكريم شامل لجميع متطلبات النفس الإنسانية فيما تحتاج إليه من الأوامر والنواهي، وما يصلحها وما يصلح لها، وما يسعدها وما يشقيها وما يهديها، لذا فهو المنهج الكفيل ببناء الفرد بناء شاملا كاملا، كما أنه يربي الأسرة والمجتمع الفاضل، والقرآن المصدر الذي يستمد منه المسلمون عقيدتهم، ويجدون فيه معالجة لجميع جوانب حياتهم. الروح الامين ويقول الإمام الراحل حسن البنا قد بعث إليكم الملك الجبار، والواحد القهار، كتابا كريما أنزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ليكون لكم من المنذرين، ذلكم هو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ينادي في الناس ليلا ونهارا:»واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا» آل عمران- الآية 103، إن ما نحن فيه من الذل والهوان والمصائب والخسران إنما وقعنا فيه لتركنا شريعة نبينا وانحرافنا عن كتاب ربنا، وقد رسم الله لكم طريق النجاة في كتابه الكريم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©