الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم العربي وتحديات الفجوة المعرفية

العالم العربي وتحديات الفجوة المعرفية
23 فبراير 2009 00:44
بفعل النزاعات التي تعصف به، وتفشي البطالة، والإحباط، إضافة إلى الصور المروعة التي تنعكس عنه، فإن للعالم العربي -المؤلف من اثنتين وعشرين دولة- الكثير مما يثير أحزانه· وعلى رغم ذلك تحقق دوله تقدماً سريعاً -وإن لم يكن كافياً- في بناء مجتمعات ربما تستطيع حجز مكان جيد في الاقتصاد العالمي وتحقيق آمال مواطنيها· وسيتحدد مصير المنطقة بأسرها بمدى الفشل أو النجاح الذي تحققه المجتمعات العربية في مساعيها هذه· كما يتوقع للمنطقة أن تواصل تأثيرها على الأمن القومي الأميركي لعقود مقبلة· وكانت الأمم المتحدة قد نشرت قبل خمسة أعوام تقرير التنمية البشرية بشـــأن بناء مجتمع المعرفة· وقد توصل ذلك التقرير الذي حظي بقــراءة واسعــة وأثار كثيراً من الجدل، إلى ''نقص معرفي'' وصف بأنه يهدد التنمية البشرية والنمو الاقتصادي، إلى جانب تهديده لطاقات المجتمعات العربية المستقبلية· وخلال الأسبوع الماضي، أصدرت ''مؤسسة بروكينجز'' دراسة جديدة باللغة العربية، جرى فيها تقييم ما تغير وما لم يتغير في واقع المنطقة منذ عام 2003 الذي نشـــر فيـــه تقرير التنميــة البشريـــة المذكور· وربما طغت باستمرار أنباء الاضطرابات السياسية على عناوين الصحف الرئيسية ذات الصلة بالمنطقة، إلا أن أخبار التقدم في مجالات التعليم والعلوم والصناعة والإصلاح الاقتصادي، تحتل هي الأخرى حيزاً معقولاً من إثارة الاهتمام· فخلال السنوات الخمس الماضية، حدث توسع ملحوظ في خدمات التعليم· وللمرة الأولى تجاوزت درجات طلاب الصف الثامن في الأردن في مادة العلوم، متوسط الدرجات العالمي للمادة نفسها· كما تمكنت المرافق الجامعية التي بنيت حديثاً بدولة قطر، من استيعاب عدد أكبر من الطلاب في كل عام دراسي خلال المدة نفسها، بما في تلك المرافق فروع الجامعات العالمية الرفيعة المستوى التي افتتحت فيها· وفي الوقت نفسه ارتفع معدل النشر في المجالات العلمية والتكنولوجية· كما ارتفع تسجيل براءات الاختراع في تسع دول عربيــــة من بين التي شملهـــا تقريـــر عام ·2003 وتستثمر المبادرات الجديدة الخاصة في المنطقة، مثل ''مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم'' في دولة الإمارات العربية المتحدة، مليارات الدولارات في مجالي البحث العلمي والتعليم· ويزداد استخدام التكنولوجيا الحديثة والهواتف النقالة وشبكة الإنترنت· وبين الأعوام 2003-2005 ارتفعت صادرات التكنولوجيا المتقدمة إلى كل من الأردن والمغرب والمملكة العربية السعودية· وتوظف مصر اليوم ما يزيد على 40 ألفاً من اليد العاملة من المصريين والأجانب العاملين في الشركات المستثمرة في تكنولوجيا المعلومات· كما ازدهرت اقتصادات المنطقة بأسرها خلال الفترة نفسها، بما فيها الدول غير المنتجة للنفط· وفي إطار تقييمه للمناخات الاستثمارية العالمية، وضع البنك الدولي مصر في خانة الدولة الأولى عالمياً من ناحية الإصلاحات، بينما أشار في المنحى نفسه إلى كل من المملكة العربية السعودية وتونس والكويت وجيبوتي· وعلى رغم هذه البوادر الإيجابية، إلا أن الصورة ليست زاهية ولا وردية كما قد يبدو للبعض· فهناك مناطق أخرى في العالم تتقدم بوتائر أسرع مما يفعل العالم العربي· فعلى مستوى قياسات إجمالي الناتج المحلي، تفوق جهود البحث العلمي والتنمية في دولة مثل آيرلندا، الأردن بما يقارب الـ300 في المئة· وفي الجامعات المغربية تدرس نسبة 18 في المئة تخصصات مختلفة في مجال العلوم والهندسة، بينما تصل نسبة هؤلاء في الجامعات الماليزية إلى حوالي 40 في المئة· كما ارتفع عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في مصر، إلا أن هذا الارتفاع يكاد لا يقارن بمستواه في كل من بيرو وسلوفاكيا· وبالمثل ارتفع حجم الاستثمار والإنفاق على القطاع التعليمي في دول المنطقة، غير أنه لا يزال أدنى من المقاييس العالمية· ولا يزال أداء طلاب العالم العربي ضعيفاً جداً في الاختبارات الدولية التي تعقد في مادتي الرياضيات والعلوم· أما الجامعات فلا تزال تهيئ خريجيها على نحو ضعيف للغاية للالتحاق بأسواق العمل المحلية· وفي الوقت نفسه يلاحظ انخفاض معدلات محو الأمية، حيث تقدر بحوالي 83% في سوريا و59% في اليمن، و56% في المغرب· كما لا تزال الصلة ضعيفة للغاية بين العلوم وأسواق العمل، ما يعني إعاقة التطبيق العملي للمعرفة العلمية· تضاف إلى كل هذه السلبيات مشكلة هجرة العقول، وندرة المؤسسات العلمية، وإجهاد الأساتذة الجامعيين بارتفاع الضرائب المفروضة على دخلهم الشخصي، وهو ما يقتطع قسطاً كبيراً من الوقت المتاح لهم لنشاط البحث العلمي· إلى ذلك تزايدت نسبة التحاق الفتيات بالتخصصات الجامعية العلمية والهندسية، إلا أن القليلات جداً منهن يعملن في مجال تخصصهن· كما لا تزال الاقتصادات العربية تعتمد اعتماداً كبيراً على الموارد الطبيعية والتكنولوجيا المستوردة والاستثمارات الهامشية الصغيرة التي لا تتطلب مهارات مهنية عالية· وعلى رغم ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة، إلا أن المديرين التنفيذيين يشكون من نقص الكفاءات البشرية، باعتباره عائقاً رئيسياً أمام الابتكار· وإلى ذلك تلوح تحديات الزيادة الديموغرافيـــة، وخاصـــة أن نسبة الشباب دون سن الخامسة عشرة تصل في المجتمعات العربية إلى حوالي 35 في المئة، وهو ما يطالب العالم العربي بإنشاء 100 مليون وظيفة جديدة بحلول عام ·2020 كريستين إم· لورد زميلة بمؤسسة بروكينجز ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©