الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف ننقذ النظام المالي؟

23 فبراير 2009 00:44
في هذه المرحلة الاقتصادية العصيبة يبرز الأمل والشعور بالتفاؤل كأول ضحية للأزمة المالية بعد انخفاض منسوبهما ليس فقط لدى الأميركيين، بل في العالم أجمع يمكن تلمس ذلك بوضوح من خلال سيادة المشاعر السلبية وطغيانها على الوضع الاقتصادي، فمنذ التصريحات الأخيرة لوزير الخزانة الأميركية ''تيموثي جيثنر'' لم تتوقف أسهم المؤسسات المالية عن التراجع والانهيار بعد الانحدار الحاد في مؤشر ''داو جونز'' واستمرار تكبده للخسائر· وقد أصبح الأمر أكثر خطورة اليوم مع انتقال الأزمة إلى باقي دول العالم وتسربها إلى الاقتصاد العالمي لتنعكس تداعيتها المخيفة على مدخرات المواطنين والثروات الوطنية للدول، حيث تشير بعض التقديرات إلى خسارة كبيرة تبلغ 40 تريليون دولار تكبدها العالم خلال الفترة الأخيرة جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة· هذا التدمير المتواصل للثروات الوطنية جمد إقبال المستهلكين على الإنفاق وعطل نشاط الشركات المتعطشة للسيولة لتنتقل الضائقة من القطاع المالي إلى الاقتصاد الحقيقي ولتؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين من خلال تقلص سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة، فكيف نوقف الانهيار المتواصل ونضع حداً لهذا التداعي الخطير؟ لتجاوز المشكلة وكسب الرهان، أتقدم باقتراح أعتقد أنه قادر على وقف النزيف: أن تتعهد الحكومة بشراء ضعف أسهم البنوك المعروضة حالياً في أسواق الأوراق المالية حتى لو تطلب الأمر شراءها بضعف متوسط سعرها وذلك لفترة لا تقل عن خمس سنوات· ومع أن الخطوة موجهة بالأساس للمستقبل لمنع النظام المالي من الانهيار، فإن التأثير الفوري لا يقل أهمية، خاصة وأنها ستقلب ديناميكية سوق الأسهم الحالية وستصوب الاختلالات في التعاملات دخل الأسواق المالية، كما أنها، وهذا هو الأهم، ستساعد البنوك والمؤسسات المالية على توفير رؤوس الأموال الخاصة وتأمين السيولة الضرورية لاستئناف نشاطها الائتماني· والتأثير الآخر لهذا التدخل هو الرفع من قيمة الأسهم في السوق المالي بفضل الضمانات الحكومية، لكن ميزة شراء الأسهم ستتضح أكثر بعد انتهاء الأزمة الاقتصادية، حينها ستجد الحكومة نفسها وكأنها استثمرت أموال دافعي الضرائب في مشروعات مربحة على المدى البعيد· هذه الأجواء الإيجابية سرعان ما ستنتقل من قطاع البنوك إلى باقي المجالات الاقتصادية، وهكذا سيتفاجأ المستهلكون، وخاصة المتقاعدين، بارتفاع نسبة استثماراتهم السابقة وبتنامى ثرواتهم التي ضختها الحكومة سابقاً لإنعاش المصارف وإنقاذ البنوك، كما ستعالج شركات التأمين اختلالاتها الداخلية وتتعافى من شح السيولة الذي أعاق نشاطها في الفترة الأخيرة وأوصل العديد منها إلى حافة الإفلاس· ولا ننسى أن المصارف نفسها ستكون أول المستفيدين من شراء الحكومة لأسهمها لأنها ستصبح قادرة، بفعل تبدد مخاوف المستثمرين، على تأمين رؤوس الأموال الخاصة، فلحد الآن امتنعت البنوك عن الحصول على أموال خاصة بسبب الأسعار الحالية المرتفعة التي سترهق موازناتها الداخلية، كما أن المستثمرين المحتملين مترددون في ضخ أموال خاصة خوفاً من استمرار تردي الوضع المالي في ظل الحديث عن تدخل الدولة وتأميمها للقطاع البنكي· فتعهد الحكومة بدعم أسهم البنوك دون التدخل في إدارتها والتعامل معها كأنها استثمارات بعيدة المدى، سيعيد الثقة إلى النظام المالي وسيوقف انهياره· لكن ما تكلفة هذه الخطوة بالنسبة لدافع الضرائب الأميركي؟ الحقيقة أن التكلفة ستكون منعدمة، إذ من غير المرجح أن تطول الأزمة لأكثر من خمس سنوات، لاسيما في ظل خطة الإنقاذ التي أقرها البيت الأبيض، كما أن معظم أسهم الشركات ستسترجع قيمتها بأكثر مما كانت عليه وهو ما سيعظم من أرباح الاستثمارات الحكومية، بحيث إذا تجاوزت أسعار السوق التكلفة التي تكبدتها الحكومة عند شرائها الأسهم لن يدفع المواطن الأميركي سنتاً واحداً· وبالطبع ستكون هناك بعض القضايا المرتبطة بالتنفيذ وكيفية التعامل مع البنوك كل على حدة بالنظر إلى تباين احتياجاتها المالية، لكننا في النهاية بحاجة ماسة إلى هذا المقترح الذي سيعيد الثقة في نظامنا المالي وسيجنبنا المزيد من التدهور والخسارة· ريكاردو كباليرو عميد كلية الاقتصاد بجامعة ماساشوسيتس الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©