الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حمدة خميس تكتب الشعر بنبض القلب والأحلام الإنسانية

حمدة خميس تكتب الشعر بنبض القلب والأحلام الإنسانية
21 يوليو 2012
بخفة ورهافة وهمس قادم من الأبعاد الغامضة في روح الإنسان، وروح المرأة الشاعرة، تكتب الشاعرة حمدة خميس قصائد مجموعتها الجديدة “وقع خفيف”، الصادرة حديثا، بالاشتراك بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وتقع المجموعة في 110 صفحات من القطع المتوسط، وعدد كبير من العناوين الأصلية والفرعية، وتنوع في القصائد لجهة الطول في المقطوعات التي قد تطول أحيانا، وقد لا تتجاوز السطور الخمسة أو أقل أحيانا أخرى. الشعر عند حمدة خميس ليس كلاما، وليس صراخا، وليس صوتا حتى، بل هو الصمت، هو “نبض القلب، ونزق الأحلام/ تعزفه المعاني على قيثارة الأيام”. ومن قلب هذا الشعر يتولد ما يمكن أن تسميته بـ “قصيدة الشك” التي تنهض في مواجهة اليقين، هذه الثنائية التي تشعر بحضورها الطاغي في عدد كبير من نصوص هذا الكتاب، ومن كتابات الشاعرة عموما، إلى جوار ثنائيات عدة تلعب عليها الشاعرة وتصوغ منها علاقات تعبر عن رؤيتها للحياة في صورها الأنقى. بين التأمل العميق في الفكرة والوصف المشهدي لأحوال ومعايشات، وبين أسئلة صادمة ومختلفة، تتنقل الشاعرة كفراشة في حديقة مفتوحة للدهشة والصدمة، وهي منذ البداية تبدأ الديوان بإهداء تقول فيه “إلى علي بن صقر/ جدي ومعلمي، في وضح النهار يصهر الذهب/ في بوتقة الروح، ولهب الأصابع المبدعة، وفي المساء المطمئن/ يصهر الكلام/ في بوتقة المعاني!”. ثم تستعير صوت الصوفي عبدالجبار النفري “أجلسني وقال لي”، ويختلط الصوتان، الجد والنفري، لتقدم الشاعرة ملخص فكرة شعرية مفادها أن: ليس الكلام يا صغيرتي ذا قيمة إذا لم ينصهر كالذهب في بوتقة المعنى الكلام والمعنى ثنائية أساسية يرتكز عليها الكثير من مكنونات القصيدة هنا، فهي تتكرر في صور عدة، وخصوصا في القصيدة الأولى التي تحمل عنوان “فضة الكلام ذهب المعنى” الموزعة على مجموعة من المقاطع تحمل جميعها هذه الثنائية: جميل أن تستمعي إلى الكلام لكن.. أن تنصتي للمعنى تلك هي الجوهرة أو قولها في مقطع آخر وبالاتجاه ذاته: الكلام الكثير كالمناجم كثيرها أحجار وفي قليلها تكمن ذرات الذهب أو المقطع التالي وغيره من المقاطع التي تكرس قيمة المعنى: انتبهي! المعنى دوماً أخطر من الكلام! الحب محور أساسي آخر في المجموعة، حب تمنحه الأنثى غالبا، أنثى تعكس صورة الأنثى التي هي الأصل في الحياة، بل هي هنا صانعة الحياة و”ربة التكوين”، الحب الشامل لحب الحياة بكل ما فيها من بشر وشجر، لكن النساء حين ينهضن لإعادة صياغة العالم يصنعن المعجزة، كما هو الحال في قصيدة “المرأة” مثلا، حيث “هي مائدة السهل/ وعنفوان الجبال/ هي اكتناز الماء/ بلغط الأطفال/ هي الضياء مجللا/ بنشوة التكوين/ هي الزغاريد/ وأنفاس الصباح”. وفي مقطع آخر من قصيدة المرأة، بعنوان “حنين” نقرأ شكلا آخر من الحب، ربما كان يقوم على الأمومة أكثر من أي شيء آخر، لكن هنا ثمة اختلاطا في المشاعر الإنسانية، إذ نقرأ هذا المشهد: على نجمتين ينام فتاك الصغير ويهجس أن النهار يحنّ على خطوه في مساء الهجير ويحلم أنك أنت التي كنت بدءا تكونين في الصعب متكأً وسرير لا مجال لاختزال هذا الديوان ومكنوناته في محاور محددة، فهو مفتوح لتجارب الحياة والحلم، ولكننا لا ننسى الإشارة إلى الحس الوجودي الإنساني، ذي النكهة الإنسانية الطاغية في العلاقة مع الكون والوجود، علاقة تتضح في الرغبة بالرحيل والمغامرة الحسية والمعنوية، كما في قصيدة “توق”، بحثا عن الحنان الذي “يشرئب/ فتنة ناضجة/ حيث للأحلام/ حرير الزغب/ حيث لا ينام الشعاع/ إلا خلسة/ في يقظة الهدوء/ حيث أنا والشعر/ نهران يثرثران/ بلا ضفاف/ أو زهرتان توشكان/ أو ذهب خفيف”.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©