الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء يرحبون بقوانين تجريم الإفتاء دون علم

العلماء يرحبون بقوانين تجريم الإفتاء دون علم
14 أغسطس 2014 20:10
أيد علماء الدين القرارات التي اتخذتها عدد من الدول العربية والإسلامية باستصدار قوانين تمنع الإفتاء بدون علم وتمنح رخصة خاصة للمؤهلين للإفتاء بحيث يمتنع كل من لم يتم تأهيله بالشكل الشرعي المنضبط، خاصة بعد ظهور عشرات الفتاوى الشاذة والغريبة، الأمر الذي أدى إلى إثارة البلبلة بين المسلمين ولم يعد معها المسلم البسيط قادرا على التمييز بين الغث والسمين بداية رحب الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، بإمكانية صدور قانون لتجريم الإفتاء دون علم، مؤكداً أنه كثيراً ما نادى بصدور مثل هذا القانون، خاصة في ظل تفشي آفة التكفير في بعض المجتمعات الإسلامية، فالأمة تعاني من الشقاق والاختلاف وفي ظل هذه الأجواء وجد كل طرف في تكفير الأطراف الأخرى وسيلته الوحيدة للانتصار وهنا لابد أن يهب العلماء ويعملون على وأد تلك الفتنة في مهدها والتأكيد على أن علماء الدين هم فقط المؤهلون لحفظ الشريعة وحماية أركانها وليس أدعياء العلم الذين انشغلوا بالسياسة ويحاولون إلباس آرائهم السياسية رداء الدين. ويضيف د. واصل: لا بد أن نعي جميعاً أن الإفتاء دون علم جريمة، فنحن لا نسمح لغير الطبيب أن يفتح عيادة ولا لغير المهندس أن يفتح مكتب استشارات هندسية، فلماذا نسمح لغير المتخصصين في الشريعة أن يتصدوا للإفتاء، والغريب أننا نرى أن لكل علم قانون يحميه إلا العلم الشرعي، فليس له قانون، فهذا حق ينبغي أن نسلم به فليس كل شخص مؤهل للإفتاء وعليه فنحن نوافق على تجريم الإفتاء دون علم، ولكن على الجانب الآخر لا ينبغي أن يؤدي صدور مثل هذا القانون إلى ممارسة الكهنوت فنحن نحتاج إلى أمر وسط يسمح بالخلاف المعتبر ويمنع الخلاف الشاذ وإبعاد أدعياء العلم الذين يوظفون رؤاهم سياسياً ويلقون بالناس في أتون الفتنة. شروط المفتى ويقول الشيخ محمد زكي، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: ما يحدث في الساحة الدينية يؤكد أن الأمة كلها في حاجة لقوانين تجرم الإفتاء دون علم لأنه ليس كل إنسان مسلم صالح للفتوى، فالمفتي له شروط تحدث عنها الفقهاء فالله تبارك وتعالى يقول في محكم آياته: (. . . فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة النحل: الآية 16»، وأهل الذكر المقصود بهم الذين تخصصوا في الشريعة الإسلامية، فالمفتي هو المخبر عن الحكم الشرعي فيما سئل عنه في أمر واقع من غير إلزام ولهذا يشترط في المفتي، أن يكون مسلماً صحيح الإسلام عاقلاً بالغا، شديد الفهم، عالماً باللغة العربية، عارفاً بآيات الأحكام من القرآن الكريم، عارفاً بالحديث وبالناسخ والمنسوخ وبالقياس، وأن يكون ثقة مأموناً منزهاً عن أسباب الفسق، رصين الفكر متيقظاً على دراية بمواضع الإجماع والاختلاف، وكل هذه الشروط أجمع عليها العلماء والفقهاء، بالإضافة إلى مكملات لها يجب أن تتوافر فيمن يتصدى لإفتاء المسلمين، وهي أن يكون ذا نية صالحة له علم وحلم ووقار وسكينة وأن يكون قوياً على ما هو فيه وعلى معرفته، صاحب دخل يغنيه عن الاحتياج للناس وأن يكون عارفاً بأحوال المستفتي، وألا يتسرع بالإجابة وألا يجامل أحداً في فتواه وأن يطابق قوله فعله، وإذا جهل الحكم في مسألة، فليس له أن يفتي فيها. ويجب على أجهزة الإعلام وعلى منظمي الندوات والمحاضرات الدينية ألا تتعامل في أمور الفتوى مع من لا تتوافر فيه هذه الشروط، فإذا اختل شرط واحد كان الذي اختل فيه هذا الشرط غير صالح للإفتاء ويكون هناك نوع من المساءلة القانونية لمن استقدمه ليفتي الناس، ومن أجل هذا فنحن في حاجة إلى قوانين تجرم التصدي للإفتاء إلا لمن هو أهل لها. ويضيف الشيخ زكي: بلا شك، فإنه لو عوقب من يتصدى للفتوى دون علم لما ظهرت تلك الفتاوى الشاذة التي لوثت عقل المسلم وبلبلت أفكاره تحت ستار حرية الرأي أو الاجتهاد أو ما شابه، فبلا شك، فإن أهم أسباب الفوضى اليوم في عالم الإفتاء يتمثل في عدم وجود قانون رادع يحول دون التجرؤ على الفتوى، فحتى مواثيق الشرف الإعلامي لم تعد تمثل أي أهمية لأنها غير ملزمة أما وجود قانون يجرم الإفتاء دون ترخيص فسوف يكون قادراً على التصدي لهذه الظاهرة، مؤكداً أنه في حالة استصدار مثل هذا القانون ستلتزم الفضائيات، وستخلو من الانفلات. عقوبات رادعة ويقول الدكتور إسماعيل الدفتار، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: إن القانون قادر على تطهير الساحة الإسلامية من الفتاوى الغريبة التي ما أنزل الله بها من سلطان وآخرها فتوى تسليم الزوج لزوجته للمغتصبين إذا شعر أنه سيموت إذا حاول منعهم من اغتصابها، وهي فتوى شاذة بكل المقاييس الدينية والإنسانية، لهذا فيجب على القانون الجديد أن يحصر الإفتاء في العلماء المشهود لهم بالكفاءة العلمية، فمتابعة مسألة الإفتاء أصبح أمراً مهما للغاية، فمن يباشر عملاً بغير إذن عليه أن يعاقب بعقوبة مدنية أو جنائية ولما كانت العقوبات المدنية غير رادعة تتجه الأنظار صوب العقوبات الجنائية، إلا أن المهم هو أن تكون تلك العقوبة ملائمة ومناسبة، فالعلم الشرعي ليس مشاعاً للجميع، ومن الضروري حظر صعود المنبر وحظر الإفتاء على من لا يملك مؤهلات شرعية علمية. ويضيف د. الدفتار: لا بد أن نعي جيداً أن مسألة تدخل سلطة أعلى في الحد من المفتين غير المتخصصين أمر لا غضاضة فيه، بل إن هناك مثالاً بمسألة شهيرة عند الأحناف تعرف بـ «مسألة الحجر على المفتي الماجن»، وهي هنا تجيز للحاكم الحجر أي المنع من الفتوى ليس على من يفتي بغير علم، أو بدون وجه حق، ولكن على كل عالم يخالف بفتاواه ما تعارف عليه العلماء واتفقوا عليه، وأنكر ما تم الإجماع عليه بين علماء عصره وتجاوز في ذلك، وإن أمر مراجعة الفقهاء والعلماء عند إصرارهم على الفتاوى الشاذة أمر قديم وليس مستحدثاً. التجرؤ على الدين ومن جانبه، يؤيد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، القانون المزمع إعداده قائلاً: كنا لا نريد أن نصل لتلك الدرجة التي تجبرنا على إصدار قانون يمنع البعض من إعطاء الرأي الشرعي، ولكن ما يحدث في الساحة يجبرنا على ذلك في ظل تفشي الفوضى في الإفتاء بصورة ليست لها مثيل وأطالب بضرورة صدور تشريع يحدد من هو المفتي ويجرم من لا يحصل على تصريح خاص بالإفتاء وطالما أن من ينتحل صفة طبيب أو محام أو صحفي يتم تجريمه فمن الأولى تجريم من يتجرأ على الإفتاء، فالمفتي هو الناطق باسم الله تعالى على الأرض، فيجب أن ندرك أن فتح مجال الفتوى أمام الجميع بصرف النظر عن مؤهلاتهم وعلمهم أمر ينطوي على خطر حقيقي، يؤدي إلى ارتكاب أخطاء، وإلى ضياع التعاليم الإسلامية، ونشر البلبلة بين المسلمين، ومن ثم يحدث فساداً داخل المجتمع. ويضيف د. الجندي أن المجتمعات الإسلامية في حاجة لمثل هذا القانون لتقنين الاجتهاد وتحديد المجتهد وحماية ثوابت الدين من العبث بها تحت ستار الاجتهاد فالمجتهد لا بد أن يتمتع بضوابط معروفة. والمؤكد أن أولى الناس بالاجتهاد هم المشتغلون بالدراسات الفقهية ويلحق بهذا أيضاً دور الإفتاء والمجامع الفقهية، لأن المستجدات كثيرة وتفتقر إلى من يقول بالحل أو بالحرمة ولا سبيل لذلك فيها إلا من خلال الاجتهاد، وخاصة أن معظم هذه المستجدات لم يرد له ذكر في كتب الفقه القديمة، أما من يتجرأ على الاجتهاد وهو من غير أهل الاختصاص، فينبغي أن يحاسب باعتبار أن تجرؤه هذا جريمة في حق الدين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©