الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

إرساء دعائم مستقبل مستدام في الشرق الأوسط

إرساء دعائم مستقبل مستدام في الشرق الأوسط
14 أغسطس 2014 20:25
مما لا شك فيه أن بروز منطقة الشرق الأوسط كقوة اقتصادية عالمية مؤثرة استند بشكل أساسي إلى وفرة مواردها الطبيعية، وخاصةً احتياطاتها من النفط والغاز الطبيعي. لكن الموارد الفعلية التي ستشكل الضمانة الحقيقية لاستمرارية مسيرة التنمية الاقتصادية والبشرية في هذه المنطقة تتلخّص في توفر خدمات أساسية حيوية لا غنى عنها، ومما يغفل عنها الكثيرون، ويعتبرونها من البديهيات وهي: المياه والكهرباء. لذلك فالتحدي الذي تواجهه المنطقة في هذا المجال كبير، لأن عدم تلبية الطلب المتزايد على المياه والطاقة، سيشكل عائقاً حقيقياً أمام طموحات التنمية الاقتصادية المستدامة والمستمرة. فما هو الحجم الفعلي لهذا التحدي؟ يقدّر المجلس العالمي للطاقة أن الطلب على الطاقة في منطقة الشرق الأوسط سيتضاعف بحلول عام 2050. ففي أبوظبي مثلاً، تضاعف الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة خلال العقد الماضي، ما أدى إلى زيادة الضغط على شبكة الكهرباء، وجعل من مواصلة توفير موارد الطاقة بشكل آمن وفعّال تحدياً متنامياً. وعلى نحو موازٍ، بلغ إجمالي استهلاك أبوظبي من المياه المحلاة التي تؤمّن مخزون مياه الاستخدام اليومي في الإمارة 1?1 مليار متر مكعب عام 2013، ومن المتوقع أن يتجاوز 1?5 مليار متر مكعب بحلول عام 2030. وتشكل المياه الجوفية ومياه الصرف الصحي المعاد تدويرها موارد مياه إضافية، ويعمل القطاع جاهداً على استخدام المزيد من المياه المعاد تدويرها قدر الإمكان لأغراض الري. وفي الواقع، فإن موارد المياه والكهرباء مرتبطة ببعضها البعض– خاصةً في المناخ الصحراوي لمنطقة الشرق الأوسط. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم إنتاج معظم المياه ضمن محطات الإنتاج المزدوج، التي تولّد الكهرباء وتستخدم البخار الناتج عنها من أجل تحلية المياه التي تصل إلينا. أما حجم الجهود والعمليات والموارد التي تتطلبها مواصلة توفير إمدادات المياه والكهرباء مع ضمان تأمين موارد كافية لتحقيق التنمية للأجيال القادمة كبير جداً. وفي الوقت الحالي، يتم توليد معظم الكهرباء في المنطقة باستخدام الغاز الطبيعي. لكن وبهدف تقليص الاعتماد على الغاز، تستثمر أبوظبي اليوم في موارد الطاقة المتجددة، حيث تستهدف الحصول على حوالي 500 ميجاواط من الطاقة المتجددة، بالاعتماد على تقنيات الألواح الكهروضوئية، والطاقة الشمسية المركّزة. كما تتطلع إلى توليد 300 ميجاواط من محطات حديثة تحوّل النفايات إلى الطاقة بحلول عام 2021. كما سيتم الاعتماد أيضاً على التكنولوجيا الخالية من أو منخفضة انبعاثات الكربون مثل محطات الطاقة النووية. واعتباراً من عام 2017، سيتم البدء بتشغيل أربعة مفاعلات على التوالي، بواقع مفاعل واحد كل عام لغاية عام 2020، بحيث تصبح معاً قادرة على تزويد دولة الإمارات بـ 5?6 جيجاواط من الطاقة على مدى 60 عاماً. لكن مجرد زيادة القدرة على الإنتاج ليس حلاً مستداماً. فترشيد الاستهلاك يلعب دوراً جوهرياً في استدامة قطاع المياه والكهرباء، وهو ما يقتضي تغييراً فعلياً في العادات الاستهلاكية لسكان منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كانت هذه المسألة في الماضي خارج إطار أولوياتهم. وعلى سبيل المثال، يستخدم سكان الإمارات حوالي 250 إلى 550 لتراً يومياً من المياه، وما بين 20 إلى 30 كيلو واط/ ساعة للفرد الواحد يومياً، بالمقارنة مع المعدل العالمي البالغ 170 إلى 300 لتر من المياه، و15 كيلو واط/ ساعة على التوالي للفرد الواحد. كما يعزى القسم الأكبر من أحمال الطاقة في فترات الذروة إلى احتياجات التكييف والتبريد، التي تستنفذ حوالي 65% من الطلب خلال أشهر الصيف. وبالنتيجة، المسار واضح: فالمياه والكهرباء موارد ثمينة، ويجب علينا أن نعتمد أفضل السبل لترشيد استخدام مواردنا على النحو الأمثل، كي نلبّي الاحتياجات المتنامية للسكان والصناعات والأعمال، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان استمرارية مسيرة التنمية. *نائب مدير عام مكتب التنظيم والرقابة، أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©