يبدو أن موجة الأعمال الدرامية التلفزيونية السورية المتخصصة بالعشوائيات والقاع الاجتماعي والإثارة، قد بدأت تفقد بريقها لدى المشاهد السوري والعربي، ولاسيما مع لجوئها إلى المبالغة وتقديم صورة غير حقيقية عن واقع اجتماعي متدهور ينخره الفساد الأخلاقي، ولا يمت بصلة إلى واقع المجتمع السوري، مما جعل هذه الأعمال تفقد مصداقيتها لدى المشاهد، الذي بات يبحث عن دراما تشبه حياته، لا مكان فيها للعصابات والمخدرات والإيدز وغير ذلك من المبالغات الخيالية التي أغوت المنتجين المتأثرين بأفلام “الأكشن” الأميركية عن شوارع شيكاغو الخلفية!.
المخرج المبدع حاتم علي الذي ظل بعيداً عن هذه الأجواء طوال السنوات الماضية، يعود اليوم بإحساسه المرهف إلى الرومانسية التي يتعطش لها المشاهد، ليعيد الدراما السورية إلى الأعمال الاجتماعية المتزنة التي تناقش الواقع الاجتماعي وتقترب من الجمهور في ملامستها لحياته الحقيقية.
وقد بدأ منذ أيام تصوير المشاهد الأولى من مسلسله الجديد “الغفران”، الذي تصفه الشركة المنتجة “عاج” في بيان لها بأنه “حكاية رومانسية عن الحب والفراق”، وتضيف: “لقد طغت في الدراما التلفزيونية مؤخراً نزعات تصوير القبح، ولاسيما الفساد والأمراض الأخلاقية والاجتماعية، والتسلط والقهر والعاهات النفسية والتطرف والسقوط في هاوية الرذيلة، مما أرهق المشاهدين وسد في وجههم بوابة الأمل على عالم متزن وهادئ”، ويستدرك بيان الشركة ليقول: “إن الرومانسية في العمل لن تكون نقية مصفاة من شوائب الكآبة وتدابير القدر، التي كثيراً ما تقود إلى مآسٍ، ولكنها مآسٍ من نوع آخر”، ويخوض العمل في موضوع “السعادة”، وكيف يفهمها الناس وهل ينجحون في الحصول عليها؟.
المسلسل الجديد من تأليف حسن سامي يوسف، وتمثيل نخبة من نجوم الدراما السورية منهم باسل خياط وعدنان أبو الشامات وسلافة معمار وقيس الشيخ نجيب وتاج حيدر ورامي حنا ونجلاء الخمري. ويتوقع أن ينتهي تصويره خلال ثلاثة أشهر.
النجاحات الكبيرة التي حققها حاتم علي في عدد من الأعمال الضخمة مثل “أبواب الغيم” و”ثلاثية الأندلس” و”حرب البسوس” و”التغريبة الفلسطينية” وغيرها، لم تشفع له أمام النقاد الذين يعتبرون أنه صاحب النكهة الأكثر تميزاً في الأعمال الاجتماعية، وقد حقق في هذا المجال نجاحاً لا يقل أهمية عن تلك النجاحات، فهو من قدم مسلسل “الفصول الأربعة” بجزأيه و”أحلام كبيرة” و”عصي الدمع”، وغيرها من الأعمال اللافتة، ويعبر كثير منهم عن تفاؤله بهذا العمل الجديد، فهل ينجح “الغفران” في تحويل أنظار المنتجين إلى الدراما التلفزيونية الدافئة التي تستطيع العائلة أن تشاهدها مجتمعة؟.
عدد اليوم
