الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس في رمضان تزدهر بحلقات حفظ القرآن وحفلات الخطبة وختان الأطفال

تونس في رمضان تزدهر بحلقات حفظ القرآن وحفلات الخطبة وختان الأطفال
26 يوليو 2013 21:04
تعددت الألوان والأعراق والألسنة بتعدد البلاد والشعوب، فاختلفت العادات والتقاليد عبر دول العالم الإسلامي التي يعيش فيها أكثر من مليار نسمة في شتى قارات العالم، ولا يجمعهم إلا الإسلام تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وفي رمضان من كل عام، يتحول المسلمون في شتى ربوع الأرض إلى كتلة واحدة عملاقة، تهيمن عليها روحانيات الشهر الفضيل، فيؤدي الجميع العبادات نفسها من صيام وصلاة وإقبال استثنائي على فعل الخير ونزعة أقوى للتسامح والتواصل مع الآخرين. لكن رمضان بسماحته، يعطي أحبابه في مشارق الأرض ومغاربها فرصة عظيمة ليضع كل مجتمع بصمته ولمساته المستمدة من عاداته وتاريخه على طقوس استقبال ومعايشة الشهر الفضيل. وتنشر «دنيا الاتحاد» على مدى الشهر سلسلة حوارات مع العديد من زوجات سفراء الدول العربية والإسلامية في الإمارات، لإلقاء الضوء على عادات وتقاليد شعوبهن خلال رمضان. صحيح أن معظم دول العالم الإسلامي تكاد تتشابه أحوالها في رمضان، من حيث الطقوس والعادات، غير أن تونس تبقى حالة خاصة جداً بأجواء من الحميمية والدفء تغمر البيوت، وحلقات حفظ القرآن، وبتفضيل كثيرين من أهلها إقامة حفلات الخطوبة وختان الأطفال في ليلة القدر. كما أن المطبخ التونسي يظل متميزا بأطباق متنوعة لذيذة ، يهوى كثيرون إعدادها خلال الشهر الفضيل. وتختلف تلك الأطباق بحسب قرب المنطقة من البحر أو بعدها عنه. تقول السيدة آمنة بالطيب حرم السفير التونسي لدى الدولة «تعم الفرحة كل الولايات التي تختلف أزياؤها ومأكولاتها من ولاية لأخرى مع الحفاظ على بعض القواسم المشتركة، وكل ولاية لها تحضير خاص بها، هذا التحضير الذي يبدأ عادة قبل 3 أشهر من حلول رمضان، بحيث تجهز المواد الأساسية لبعض الشوربات مثل «الحلالم » وشوربة الفريك والحلويات، والتوابل والمكسرات والحبوب لصنع الخبر في البيت، وهذه المواد توجد في كل منزل تونسي من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب، وتسهر ربات البيوت على تجهيزها بأنفسهن». وتوضح بالطيب في حوار مع «الاتحاد» أن النصف الأول من رمضان وما تسبقه من أيام تستغرق النساء في التحضير، بينما يحتل النصف الثاني من الشهر الكريم مكانة خاصة عند التونسيين، بحيث تبدأ تحضيرات من نوع آخر، منها تجهيز الحلويات في البيت للعيد والتسوق واختيار اللباس التقليدي للأطفال، مؤكدة أن الأطفال يتلقون عناية خاصة في ليلة النصف وليلة القدر، بحيث تكثر مناسبات الختان، إلى جانب تقديم الهدايا للعروس ليلة القدر، ويسمى ذلك «الموسم» تبركاً بالشهر الكريم، وتيمناً بأيامه الفضيلة. وتفيض المائدة الرمضانية التونسية بالعديد من أنواع الحلويات والشوربات والمأكولات التي تتغير بتوالي أيام الشهر الكريم. ومن أهم الحلويات التي تحضر يومياً على المائدة الرمضانية الزلابية والمخارق والدرع، والذي يقدم على شكل حلويات التي تتخذ أشكال نجوم وهلال، تيمناً بالشهر الكريم، ويحضر مشروب الدرع على المائدة الرمضانية التونسية بقوة، ويعتبر قاسما مشتركا بين كل الموائد الرمضانية على امتداد مساحتها الجغرافية، كما يحتل المسفوف مكانة بارزة خلال الشهر الفضيل ، وهو عبارة عن الكسكسي يضاف إليه ماء العطرشة ومسحوق السكر وجميع أنواع المكسرات، ويعتبر التمر التونسي «دقلة النور» أهم ما يوضع في المسفوف. جلسات التشنشينة تقول آمنة بالطيب أن المائدة التونسية في رمضان لا تخلو من حلويات المناسبات السعيدة والأفراح، خاصة في جلسة ما بعد الإفطار بعد صلاة العشاء والتراويح التي يتم تناولها خلال ليالي رمضان الذي يكثر فيه تبادل الزيارات بين الأقارب والأحباب، ويحلو في مثل هذه السهرات تقديم أكواب الشاي بالصنوبر والشاي الأخضر المنعنع والقهوة المطحونة خصيصاً للشهر الكريم، حيث تعقد النساء جلسات خاصة يتسلين فيها بحل الفوازير، ويجتمع الرجال أيضا في جلسات خاصة بهم في جو تسوده الألفة والمحبة، وهو ما يطلق عليه «التشنشينة»، وتستغل بعض النساء هذه الجلسات في تجهيز «الحلالم» التي تستعمل في الشوربات خلال شهر رمضان. أما الحلويات فيحضر منها كعك الورقة التي يعتقد أنها من ميراث الحضارة الأندلسية، و»المقروط»، وينتمي لمدينة القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية التي أسسها عقبة بن نافع، ويصنع المقروط من التمر والسميد، مؤكدة أن التنوع في الحلويات والملابس التقليدية يرجع لتعاقب الحضارات على تونس. الشوربات من الساحل للداخل كبقية دول العالم العربي والإسلامي فإن الشوربات تعتبر من الأساسيات على مائدة الإفطار الرمضاني، خاصة شوربة الفريك، والحلالم. ومن أشهى المأكولات التونسية طبق البريك الذي يتصدر المائدة في كل البيوت وبصفة يومية، وهو عبارة عن نوع من الفطائر تصنع من أوراق الجلاش، وتتشابه مع السمبوسة، ولكنها فطائر كبيرة الحجم تحشى بالدجاج أو اللحم في مختلف المناطق غير الساحلية مع إضافة البصل والبقدونس المفروم والبطاطا وتقلى بالزيت، وبعد تناول البريك يأتي دور الحساء، خاصة «حساء الفريك» باللحم أو الدجاج ثم تأتي الأطباق الأساسية الأخرى من الخضراوات واللحوم المختلفة والتي تطبخ عادة في تونس بزيت الزيتون. ومن الأطباق الأخرى الشعبية التي توجد على مائدة الإفطار التونسية «الطواجن» بأنواعها المختلفة، والطاجين طبق شعبي مميز، وتختلف صناعته من منطقة لأخرى، وهو عبارة عن كيك مالح يصنع من الجبن الرومي أو الموزاريلا مع البيض والبهارات وبعض الخضراوات ونوع من اللحوم، وتمتزج كل هذه الأنواع وتخبز في الفرن، أما أهم السلطات على المائدة التونسية فلها أنواع كثيرة ويتم تقسيمها إلى سلطة مشوية وسلطة نيئة، والسلطة المشوية هي القاسم المشترك في كل البيوت التونسية وتتكون من الفلفل والطماطم. دور زوجة السفير اعتادت حرم السفير التونسي آمنة بالطيب، خاصة خلال الشهر الكريم، استقبال بعض أفراد الجالية التونسية، معتبرة ذلك جزءاً من عملها كزوجة سفير، ومن جانب آخر يدخل في إطار مسؤوليتها الاجتماعية والإنسانية، وتقول «نحاول تجميع الجالية التونسية حول إفطار رمضاني في جلسة روحانية أو سحور، بحيث يرتدي أفراد الجالية الزي التقليدي، ويختار البعض الحضور بأزياء تقليدية عصرية، أدخلت عليها لمسات عصرية. والجبة مثلاً كانت طويلة اليوم أصبحت تتكون من قطعتين خفيفتين، بحيث تم تخفيفها من حيث الشغل اليدوي والإكسسوارات». ومن جهة أخرى أكدت بالطيب أنه يسود التعاون والتكافل بين الجالية التونسية خلال هذا الشهر الفضيل، وتوضح:» نحاول قدر الإمكان مد يد المساعدة لبعض الناس من الجالية المتعففين، كما نقيم حفلتي ختان لأولادهم ليلة النصف وليلة القدر، ونساعد من يرغب في الخطبة، بحيث نحاول أن نخلق جواً رمضانياً يحاكي أجواء رمضان في بلدنا تونس من دون أن يشعر أحدهم باغتراب، من خلال التفاف الجميع حوله، والمساهمة في إنجاح هذه الطقوس». أجمل أيام رمضان ما زالت تحتفظ ذاكرة آمنة بالطيب بأغلى الذكريات عن بعض البلدان التي قضت بها رمضان بحكم تنقل زوجها من بلد لآخر لاعتبارات عمله الدبلوماسي، وقالت إن الإمارات هي بلدها الثاني، ولا تشعر بالغربة خلال تمضية أيام وليالي رمضان في ربوعها. وأضافت أنها عاشت رمضان أكثر من مرة في القاهرة وأن التجربة قريبة من قلبها، بعكس حالها في أندونيسيا، حيث لم يكن عدد التونسيين محدوداً للغاية، بينما تقول إن أقرب رمضان لقلبها قضته في الرباط عاصمة المغرب، حين كان والدها ملحقاً عسكرياً، مؤكدة أن مائدتهم الرمضانية في تلك الفترة كانت أغلب مأكولاتها مغربية. عادات مختلف الولايات وفي جو بهيج سقته روح المحبة ووسط عبق رائحة الفل والياسمين والقرنفل، اجتمعت سيدات تونسيات بلباسهن التقليدي الذي يختلف من منطقة لأخرى على امتداد ربوع تونس، في بيت السفير التونسي المعتمد في دولة الإمارات، حيث استضافتهن عقيلته السيدة آمنة بالطيب في أمسية رمضانية جميلة، حضرتها «الاتحاد». وتقول السيدة أمل التريكي إحدى ضيفات الأمسية الرمضانية إن هناك أكلة شهيرة تقدم يوم العيد، وهي عبارة عن البصل والزبيب، مع أكلة أخرى تتكون من السمك المالح، موضحة أن ذلك يساعد على شرب الماء بكثرة بمزج الحلو والمالح، مما يجعل الجسم يعوض ما فقده من هذه المادة خلال شهر الصيام. وتضيف السيدة حياة من مدينة الصفاقص المعروفة بإنتاج الزيتون واللوز ووفرة الأسماك، أن رمضان يشهد في العادة إعداد الكثير من الحلويات مثل الكعك الأبيض وحلويات الدرع، والبقلاوة وكعك لوز، والملبس الأبيض. ومن جانبها تقول السيدة أسماء محجوب من العاصمة تونس أن أشهر طبق يقدم في العاصمة هو الزلابية يوم عيد الفطر، بالإضافة إلى شوربة الحلالم، ونحو ستين نوعاً من الحلويات. بينما تشير سهاد بدوي، والتي تنحدر من مدينة بنزرت عاصمة الجلاء، والتي تقع على البحر، أن مدينتها تتميز بالأطباق البحرية، حيث يهيمن السمك على المائدة، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الحلويات وطبق الرفيسة. وتقول السيدة نجوى زياتي من قصر هلال من مدينة النسيج وهي مدينة ساحلية، أن المدينة تشتهر بتقديم الكسكسي كل ليلة من ليلة رمضان بأنواع مختلفة، موضحة أن اليوم الأول من رمضان يتم الإفطار في بيت الأخ الكبير من العائلة. من جهتها توضح سلوى شرف الدين من سوسة جوهرة الساحل، والتي تطوعت من خلال هذه الجلسة الرمضانية بتقديم العديد من التشنشينات، لافتة إلى أن رمضان في سوسة يشبه بقية الولايات، لكن تتميز المائدة السوسية بحلوى «النوقة» «والإسفنج» وشوربة الحلالم التي تقدم صبيحة يوم العيد. مواكب خطبة الفتيات في ليلة القدر تزدهر بعض العادات الأسرية في المجتمع التونسي خلال هذا رمضان، ومنها إقامة مواكب الخطبة بالنسبة للفتيات وتقديم الهدايا ليلة القدر للعروس، كما تنقش العروس الجديدة يديها وأرجلها بالحناء، وتقام حفلات ختان الأطفال وتنظيم سهرات تحييها فرق الإنشاد الديني «السلامية» حتى موعد السحور الذي يعلن عنه في بعض الأحياء الشعبية «بوطبيلة « أي «المسحراتي»، أما الأطباق التي تعلن حضورها كل يوم على مأدبة الشهر الكريم فإنها تختلف باختلاف المناطق الممتدة على ربوع الجمهورية التونسية التي تعرف غنى وتنوعاً كبيرين في الموارد الفلاحية التي يدخل في تجهيزها زيت الزيتون، بينما تزدهر حلقات تحفيظ القرآن، والمسابقات الدينية طوال ليالي وأيام الشهر الكريم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©