الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا: مهمة دولية لا تحتمل التأجيل

سوريا: مهمة دولية لا تحتمل التأجيل
22 يوليو 2012
القنبلة التي قتلت أعضاءً في الدائرة الداخلية للرئيس السوري يوم الأربعاء الماضي يفترض أن تهز أيضاً سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا. فموت صهر الأسد والمؤتمن على أسراره آصف شوكت، إلى جانب ضباط أمنيين كبار آخرين، يشكل بداية النهاية بالنسبة لنظام ذبح 15 ألف شخص على الأقل. وهي لحظة تدعو إلى عمل غربي حاسم. ولكن قبل قنبلة الأربعاء، كان المجتمع الدولي منشغلاً بشيء غير ذي أهمية -ما إن كان ينبغي تجديد مهمة بعثة الأمم المتحدة للمراقبين في سوريا التي انقضت يوم الجمعة، علماً بأن الجهد الأممي، الذي يقوده كوفي عنان، يفتقر إلى أي سلطة لإرغام الأسد على التوقف عن قتل المدنيين أو التنحي لصالح حكومة انتقالية واسعة. وفي هذه الأثناء، أكدت كل من روسيا والصين أنهما ستستعملان حق النقض "الفيتو" ضد منح المهمة الأممية قوة من خلال فرض عقوبات في حال رفض الأسد التعاون. والحال أنه بدون سلطة حقيقية، فإن مهمة عنان غير ذات أهمية. ويقول الصحفي السوري في المنفى إياد شوربجي، الذي يجري اليوم حوارات يومية عبر "سكايب" من واشنطن: "إنني على اتصال مستمر بالقادة على الميدان"، مضيفاً: "وفي ما يتعلق بـ(المقاتلين)، فإنهم تجاوزوا دبلوماسية كوفي عنان. ذلك أن القرارات الحقيقية لن تتخذ في نيويورك، ولكن على الأرض أو في دمشق". وهذا صحيح. كان شوربجي نجماً شاباً صاعداً في سوريا، وكان يملك مجلة ودار نشر قبل الثورة؛ بل سبق له أن أجرى حواراً صحفياً مع زوجة الأسد، أسماء، مرتين. غير أنه عندما بدأت الانتفاضة، وكتب حول القمع الوحشي الذي يرتكبه النظام في حق المدنيين، اعتقل وتعرض للضرب. وبالكاد تمكن من الهرب حياً إلى الأردن المجاورة. وتظهر قصته الشخصية لماذا تحولت انتفاضة سلمية إلى العنف تحت القمع الحكومي. واليوم، يقول شوربجي، "يشعر الثوار بأنهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم من خلال المعركة". كما أنهم ينظرون إلى مهمة عنان كستار يمكِّن الحكومات الغربية المترددة من تأخير أي قرار بشأن ما إن كان ينبغي منح مساعدة عسكرية للثوار. والحال أنه لم يعد ممكناً إرجاء هذا القرار. والواقع أن ثمة العديد من الأسباب التي يمكن تفهمها والتي تفسر لماذا تتردد إدارة أوباما في مساعدة الثوار عسكرياً. ذلك أن الأميركيين، الذين ما زالوا عالقين في أفغانستان، وبالكاد انسحبوا من العراق، لا يرغبون في التورط في نزاع آخر في الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، فإن المعارضة السورية منقسمة وغير منظمة، ولا أحد يعرف من سيمسك بدفة الحكم بعد الأسد. كما أن المسؤولين الأميركيين يترددون في تسليح المعارضة بسبب حالة عدم اليقين حول من سيتلقى الأسلحة؛ ذلك أن القتال قد يجذب جهاديين أجانب، وحتى أعضاء في تنظيم "القاعدة". غير أن الدبلوماسية، التي تعرقلها موسكو، وصلت إلى طريق مسدود. وكلما ترددت الولايات المتحدة في مساعدة المعارضة، كلما ازداد احتمال تحول الحرب إلى نزاع طائفي دموي ينتج حكومة مناوئة للولايات المتحدة، وربما تكون حكومة إسلامية. ولذلك، فإن الأمل الوحيد لتجنب ذلك الكابوس يتمثل في إقناع الأسد (والروس) بأنه لا أمل له في هزيمة الثوار، ومن ثم فإن عليه أن يلجأ إلى موسكو. وفي الوقت الراهن، تتلقى المعارضة أموالاً (غير كافية) من أجل اقتناء الأسلحة. وأولئك الذين يمنحون الأموال لديهم أكبر تأثير على الوجهة التي يصل إليها المال. ولكن العديد من القادة الميدانيين السوريين يشتكون من أن المقاتلين الإسلاميين يتم تفضيلهم على العلمانيين. وعلى رغم أن لدى الولايات المتحدة عدداً صغيراً من مسؤولي الـ"سي آي إيه" في تركيا الذين يساعدون -على ما يقال- في تحديد من ينبغي أن يحصل على المال داخل سوريا، إلا أن نشطاء سوريين يقولون إن ذلك الحضور محدود جداً إلى درجة لا يتوقع أن يُحدث معها فارقاً. والواقع أن تفجير دمشق يتيح فرصة مواتية للغرب من أجل تغيير الاتجاه؛ ذلك أن تغييراً في سياسة الولايات المتحدة يمكن أن يشجع المزيد من المسؤولين داخل النظام على مغادرته. وقد سألتُ الصحفي شوربجي عما تحتاجه المعارضة الآن، فقال لي: "لا أحد يريد جنوداً أميركيين على الميدان". ولكن الثوار يريدون تحركات أميركية ملموسة، وليس خطابات فقط، تُقنع الأسد (وموسكو) بأن واشنطن تسعى فعلاً إلى خلعه. وفي هذا الإطار، تريد المعارضة من حلف "الناتو" خلق مناطق يحظر فيها الطيران داخل سوريا، بمحاذاة الحدود التركية، مناطق لا تستطيع المروحيات والدبابات السورية مهاجمتها مخافة أن يتم إسقاطها. وفي حال قاوم "الناتو" التحليق في الجو، فهناك خيارات أخرى وفي مقدمتها: ضمان حصول قادة الثوار على الأسلحة التي يحتاجونها، وخاصة الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات. وإذا وفرت الولايات المتحدة الأموال وكثفت الاتصالات مع قادة الثوار، فإن الأسلحة سيتم توزيعها بشكل أكثر عدلاً وستصل إلى عدد أكبر من المقاتلين العلمانيين. أما في ما يتعلق بالمخاوف من أن تصل هذه الأسلحة إلى الأيادي الخطأ، فإن المتمردين يشيرون إلى أن الدبابات والمروحيات السورية متقادمة أو آخذة في التقادم وأنهم لا يحتاجون إلى أسلحة متطورة لإسقاطها. ويقول شوربجي إن "رفض الولايات المتحدة تقلد دور قيادي" يُقنع الأسد بأن واشنطن لا ترغب في رحليه في الواقع. كما أنه إذا قام الأميركيون بإحالة الأسد على المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فإن ذلك سيكون له تأثير كبير. وخلاصة القول إنه كلما استمرت هذه الحرب، كلما ازدادت نتيجتها المحتملة سوءاً، ومن ذلك خطر أن يعمد الأسد من فرط يأسه إلى استعمال أسلحة كيماوية ضد شعبه. ولذلك، فقد حان الوقت لتقوم واشنطن بتقصير أمد هذا النزاع عبر منح الثوار دعماً ملموساً وقوياً. وإذا كانت الإدارة الأميركية تريد أن يكون لها رأي في شكل حكومة ما بعد الأسد، فعليها أن تتدارك الوقائع على الميدان بسرعة! ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©