الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هولندي ومسلم... ما المشكلة؟!

22 يوليو 2012
كان لي حوار قبل بضـع سنوات مع طفلتين مسلمتين تبلغان حوالي السادسة والسابعة من العمر في مسجد في مدينة روتردام. سألتاني بلغة هولندية طليقة عما إذا كنت تركية. شرحت لهما أنني هولندية، وأنني في الواقع تحولت إلى الإسلام. بعد فترة من الحديث قالت إحداهما: "إذن لنعد إلى الفترة التي كنتِ فيها ما تزالين هولندية..."! إن هذه العبارة البريئة تكشف واقعاً محزناً: هؤلاء الأطفال الذين ولدوا ونشأوا في هولندا تمت "برمجتهم" ليفكروا بأن الناس لا يمكن أن يكونوا هولنديين وكذلك مسلمين. ويشعر العديد من المسلمين الذين ولدوا ونشأوا في هولندا بالعزلة وبأنهم غير مرحّب بهم في المجتمع، وهو أمر واضح في حوار كهذا مع الفتاتين. يمكن لهذا الشعور أن يؤدي إلى التصوير النمطي ويغذي شعوراً بالانفصال بين المسلمين وغير المسلمين. وعلى رغم ذلك، ومن خلال عملي كمديرة لمنتدى المنظمات الإسلامية، المنظمة الإسلامية المكونة من مساجد ومنظمات إسلامية في المنطقة المحيطة بروتردام، فإنني متفائلة حول مستقبل الاندماج والتعايش والتسامح في هولندا. وكما كان الحال بالنسبة للعديد من المسلمين في الغرب، فقد شكّلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر نقطة تحول للمسلمين في هولندا أيضاً، حيث جرى فجأة تعريف أناس كانوا يُعتَبرون عمالاً ضيوفاً أو مهاجرين أو أقليات عرقية على أنهم مسلمون. ولا يوجد شيء اسمه جالية مسلمة هولندية أحادية الكيان.ويشكّل المسلمون في هولندا مجتمعات متنوعة عديدة، وهم غير منظّمين ضمن أية مؤسسة دينية محددة. ومن بين سكان هولندا البالغ عددهم 16 مليون نسمة تقريباً، هناك حوالي 900 ألف مواطن هولندي مسلم لهم جذور في إندونيسيا وسورينام والمغرب، ومؤخراً من البوسنة والصومال وأفغانستان والعراق، ضمن دول أخرى عديدة. وثمة مشاكل اجتماعية مثل انعدام معرفة اللغة الهولندية بطلاقة والأعداد الكبيرة من التلاميذ الذين يتركون الدراسة ومعدّلات البطالة والجريمة المرتفعة وانخفاض معدل المشاركة السياسية، ما زالت مرتبطة أحياناً بـ"المسلمين". ولأن هذه القضايا تمس مجموعة سكانية معظمها من المسلمين، فإن العديد من الهولنديين قد يرون أنها ذات علاقة متأصّلة في الإسلام، بل ويقتنع بعضهم بأن كون المرء هولندياً ومسلماً أمران لا يجتمعان. وحتى نثبت أن كون المرء هولندياً ومسلماً أمران يجتمعان معاً، يتعامل منتدى المنظمات الإسلامية مع قضايا ذات علاقة: الفجوة بين المسلمين وغير المسلمين، والنظرة تجاه الإسلام، والمشاكل الحقيقية داخل المجتمعات. يشكّل العمل على المشاكل القائمة داخل الجالية المسلمة جزءاً آخر من مهماتنا. وعلى رغم أنها لا تحصل بشكل حصري داخل هذه المجتمعات، كما لا يتسبب الإسلام فيها، إلا أننا نعتقد أن من الأهمية بمكان أن نمارس النقد الذاتي وأن نتعامل مع القضايا الحقيقية. وعندما يعود الأمر إلى التعامل مع هذه القضايا فإننا نستخدم منظوراً إسلامياً للتأكيد على الرسالة الجوهرية للدين الحنيف. ونثبت من خلال عملنا كذلك أن القيم الجوهرية التي يحملها العديد من الهولنديين، كقيم التسامح والمساواة واحترام حقوق المرأة والاستقلال الشخصي، وحرية الاختيار، هي أيضاً جزء من التقاليد والثقافة الإسلامية العريقة. إن الثقة أمر أساسي في العمل الذي نؤديه، وهي موردنا الأساسي. ونستطيع من خلال البناء على علاقاتنا مع منظمات إسلامية أخرى أن نشرك العديد من الأطراف. فـعملنا "ليس فقط بالأقوال وإنما بالأفعال"، كما يقول مأثور شعبي في روتردام. نستخدم من خلال حملة كهذه أعمالاً راسخة لنثبت لكل من المسلمين وغير المسلمين أنه لا يوجد تعارض بين كون المرء مسلماً وهولندياً في الوقت نفسه. ماريان فورثورين مديرة منتدى المنظمات الإسلامية في رينموند - هولندا ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©