الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حلم إنسان

2 سبتمبر 2006 00:53
من منا لا يحلم؟ من منا من لم تتسلل الأحلام خفة وعذوبة إلى حياته؟ لا يوجد إنسان على ظهر هذه البسيطة لم يحلم ولو لمرة واحدة في حياته، هل تتذكر أيام الطفولة، وكيف كنت تحلم أن تكون طبيباً أو شرطيا؟، وإذا مرت طائرة فوق منطقتكم كنت تبدل أحلامك أمام أصدقائك من أبناء المنطقة بأن تصبح طياراً تطير فوق كل مناطق العالم، هل تتذكرين أيام الطفولة وكيف كنت تحتضنين لعبتك بين يديك، وترضعينها من حليبك، وتخيطين لها الأثواب، وتشاركينها اللعب وتصحبينها للنوم معك في سريرك، وتنادينها بأحب الأسماء إليك، وتخربينها بأسماء بناتك وأبنائك في المستقبل، وأنها ستكون رفيقة العمر على مدى الحياة، وما أن تأتي لعبة جديدة في الأسواق إلا وتهرعين لاقتنائها لتكوين عالم الدمى المتجدد في حياتك وفي غرفتك ولتكبر مساحة أحلامك معهن، وعندما نكبر وتزداد سنوات العمر في انسياقها بنا نحو مسارب الحياة المتعددة في كل عام ينقضي من أعمارنا التي نعلم بدايتها ونجهل تاريخ انتهاء رحلتنا فيها، كل أحلامنا تلك شابها شيء من منطقية الحياة التي عشنا في ظلال عقولنا بها أياما بهية من حياتنا الجميلة، ومن خلال هذا العقل زاولنا فنون التفكير واتخاذ القرارات على اختلاف أنواعها وأشكالها، وما فتئنا نشاور ونستشير ونحاور ونتحاور بكل أبجديات العقلانية التي نعيها أو نتعلمها مما يحيط بنا، فما أعظمها من نعمة حين يكون لك عقل واع، فيه يقظة وحكمة وذكاء وفطنة، تسترشد به في بعض أمورك في الحياة، وتشعر بعظمة هذه النعمة تتحدث بحرية دون أن يتحدث عن سواك ويختار لك ما تعبر به عن أبسط احتياجاتك اليومية، هذا هو حال بعض المرضى النفسيين ممن يعانون من حالات الانفصام أو الاكتئاب الشديد أو التخلف أو·· أولئك هم من تغيب عن عقولهم المنهجية والعقلانية، فيتصرفون أحيانا بغرابة تثير الضحك، وأحيانا أخرى تثير الرعب وتنشر الفزع، وبالرغم من ذلك تجدهم من أصفى قلوب العباد، فلا يحقدون ولا يكرهون ولا يحسدون ولا يغارون، وإن أساءوا فلا يقصدون لأن العقل ذهب في رحلة ولا يعرف متى سيعود منها وإن عاد فلا يستطيع استيعاب الأحداث التي وقعت منه أثناء غيابه، تجدهم أحيانا من أكثر المبدعين تميزاً في كتاباتهم وفي رسوماتهم أو حتى بعض اختراعاتهم، وتتعجب لو أن هذا العقل ظل يقظاً ككثير من العقول المتوفرة بشدة لبني البشر، ماذا سيكون شأنهم في الحياة، وسبحان الذي يهب كل إنسان ما يستطيع أن يعيش به في أحسن حال يعلمه الله ويجهله الناس! فإلى كل الذين تهجرهم عقولهم أحيانا نقول: معكم نعرف قيمة العقل وبم نشعر بمنطقية الحياة حين تساعدوننا على الوقوف بجواركم، وتبتهجون بنا إلى جانبكم، وتبتسمون لكل ما نقدمه لكم، وتثقون بما نطمح اليه فيكم من دوام الاستقرار على أفضل حال، وإلى كل من يتذكركم بزيارة أو بدعاء أو بكلمة، نعم القلوب قلوبكم التي اتسعت لهم في زحام الحياة الذي لا يدع للإحساس متسعا أو مجالا فمعكم يسعد الوجدان، وبعقولكم التي تتفكرون بها وتديرونها من أجل التخفيف عنهم، فنعم العقول هي التي تعلم الدنيا أن: الإنسان بلا إنسان ليس بإنسان· عبرة: وإذا خلا قلب الفتى من رحمة فاقرأ عليه من الضياع بيانا فاطمة الظاهري
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©