الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"كوليت افيتال" ثورة على ذكورية الحرب

2 سبتمبر 2006 01:13
السعد عمر المنهالي: لم يتناول اللبنانيون والاسرائيليون الذين طالعوا خبر لقاء النائب اللبناني ''وليد جنبلاط'' بالنائبة الإسرائيلية ''كوليت افيتال'' في فرنسا والحوار الذي دار بينهما بنفس الطريقة،، ففي حين قامت الدنيا على جنبلاط بسبب هذا اللقاء والذي أكدته النائبة فيما أنكره، كان الحال مختلفا مع النائبة التي استطاعت أن توجد لها مكانا على الساحة الإعلامية داخل إسرائيل في وقت تحتاج فيه لتسليط إعلامي أكبر يدعمها في هدفها المنشود· فبالرغم من أن اللقاء كما تقر النائبة ''كوليت'' كان عرضيا وللمرة الأولى، فإنها أكدت في حديث للإذاعة الإسرائيلية أن النائب ''وليد جنبلاط'' قال أمامها ''كلاما قاسيا عن الرئيس السوري بشار الأسد، كما أن عداءه لنصرالله واضح، وهو يعتبر الأسد ماكرا وفاسدا وكاذبا وغير مستقيم، ولم يترك وصفا نابيا إلا واستخدمه ضده''، وهي عبارات كافية لأن تتداولها وسائل الإعلام كما ستتداول اسمها ! ولدت ''كوليت أفيتال'' في العاصمة الرومانية ''بوخاريست'' في الأول من مايو عام ،1940 لم تكد تدرك فيها سنوات مراهقتها الأولى إذ هجرتها مع عائلتها التي قررت الرحيل إلى أرض الميعاد ''إسرائيل'' عام 1950 بعد عامين من إعلان الدولة العبرية، وهناك تلقت تعليمها في الجامعة العبرية فدرست الأدب الإنجليزي كما حصلت على شهادة في العلوم السياسية، الأمر الذي شرع لها أبواب العمل في السلك الدبلوماسي في مرحلة مبكرة من حياتها العملية· سنوات الدبلوماسية التحقت ''كوليت'' أواخر الستينيات بوزارة الخارجية الإسرائيلية -التي كانت تعمل بها سابقا أثناء دراستها كسكرتيرة لتغطية نفقاتها الدراسية- ساعدها بكل تأكيد تمكنها من لغات أجنبية عدة بحكم إتقانها اللغة الرومانية الفرنسية والإيطالية والإنجليزية والبرتغالية من العمل في البعثات الدبلوماسية للدولة العبرية، بعد أن استلمت عددا من المهام الإدارية في الوزارة كمديرة لقسم المعلومات والاتصالات، سيما وان حالتها الاجتماعية لم تكن عائقا أمام التزامها بمهام عملها في الخارج، فعملت كملحق إعلامي في سفارة إسرائيل في بروكسل، ثم كقنصل بالوكالة في بوسطن، ثم أصبحت سفيرة لبلادها في البرتغال منذ عام 1988 وحتى عام ،1992 ثم قنصل عام في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية حتى عام ·1996 عادت ''كوليت افيتال'' للعمل والاستقرار في إسرائيل بعد أن عينت نائبة لإدارة شؤون غرب أوروبا في الخارجية، غير أن وزير الخارجية -آنذاك- ''آرييل شارون'' أقالها من عملها بتهمة تسريب معلومات عام 1998 بعد أن كانت تحتل ثالث أهم مقعد في الخارجية الإسرائيلية!· تركت ''كوليت'' منذ ذلك الحين عملها الدبلوماسي مجبورة فاتجهت للسياسة مستغلة عضويتها في حزب العمل الإسرائيلي ليرفعها إلى مصاف العاملين في السياسة العامة بعد أن أخذتها الدبلوماسية بعيدا عن الداخل الإسرائيلي، وبالفعل استطاعت أن تحقق نجاحا دفع بها لتحتل أحد مقاعد الكنيسيت الإسرائيلي الخامس عشر في نوفمبر عام 1999 ومن ثم السادس عشر في يناير 2003 والسابع عشر في ابريل عام ·2004 شغلت ''كوليت'' خلال عملها بالكنيسيت العديد من اللجان كالدفاع والمالية والخارجية وتعويض ضحايا المحرقة وتحسين وضع المرأة، هذا إضافة إلى انشغالها بمهام السكرتيرة الدولية لحزب العمل· عرف عن النائبة العمالية ظهورها خلال السنوات الماضية بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية 2002 ضمن أنصار حركة السلام الإسرائيلية، داعية من وقت لآخر لاتخاذ طريق غير الحرب -التي يتخذها شارون- لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما أنها كانت من الإسرائيليين الذين توجهوا للخارج لنقل وجهة النظر هذه، داعية فيه أنصار إسرائيل في الخارج للعمل على وقف دوامة العنف التي تعانيها إسرائيل والتي تتسبب بعرقلة الكثير من القضايا الحياتية الأكثر أهمية كالتعليم والرفاه والتطوير التي دفعت دون غيرها فاتورة الحرب، غير انها وخلال دعوتها تلك لم تدر بأن حساب فاتورة الحرب لن يتوقف ولايزال هناك الكثير ليدفع! عندما انطلقت الآلة العسكرية الإسرائيلية بقطاعاتها المختلفة في هجومها على لبنان في الثالث عشر من يوليو الماضي ،2006 لم يتجرأ أي من جناح اليسار ودعاة السلام على التفوه بما قد يعطي انطباعا وكان هناك من إختلاف حول القرار العسكري، وقد جاء موقف ''كوليت أفيتال'' من حرب لبنان حذرا للغاية كباقي السياسيين الإسرائيليين، إذ لا مجال لإعلان حالة الاختلاف في حين أن الجنود الاسرائيليين يحاربون داخل الأراضي اللبنانية، غير أن موقفها ظهر أكثر وضوحا عندما اعتبرت -في مقال ورد في صحيفة ''كريستيان مونيتور'' في الحادي عشر من أغسطس- أن فرصة إسرائيل ستحقق هدفها في نزع سلاح حزب الله واسترجاع الجنديين المختطفين -في الثاني عشر من يوليو 2006- في حالة الاستجابة لقرار دولي لوقف إطلاق النار بواسطة الأمم المتحدة، وذلك بدل قرار توسيع الحرب الذي كانت الحكومة الإسرائيلية قد صوتت عليه قبل ساعات من القرار الأممي ·1701 حروب·· وفضائح المثير بالفعل أن قرار الحرب لم يكن محل انتقاد بشكل مباشر من النائبة الإسرائيلية، غير أنها بطريقة أخرى كانت كباقي أعضاء الكنيست هجوما على الوجوه الرئيسة التي أدارت الحرب، وذلك بعد سيل الفضائح التي أخذت في استثارة الرأي العام الإسرائيلي والتي دفعت بعضا من نواب حزب العمل -شريك كاديما في الحكومة الائتلافية- من خفض موازنة الدولة لتغطية نفقات الحرب· لقد كانت ''كوليت'' من الوجوه الرئيسية المطالبة بإجراء تحقيقات مع رئيس الحكومة ''يهود اولمرت'' ووزير دفاعه ''عمير بيريتس'' لسوء إدارتهما المواجهة مع حزب الله، بالإضافة الى نقدها ''دان حالوتس'' رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بعد قيامه ببيع كمية من اسهمه قبل ساعات من الحرب، وإصرارها على ان هذا التصرف يعد: ''خللا خطيرا في أولوياته،، عندما يكون أمن اسرائيل على المحك، فبينما كانت البلاد تحترق، كل ما التفت إليه هو محفظة استثماراته''، كما انها لم تتردد في نقده للطريقة التي استخدمها باعتماده بشكل كبير على القوات الجوية أثناء ضربه للبنان!· لم تتوقف تصريحاتها عند هذا، بل كانت أكثر بروزا في الإعلام عندما ظهرت بشكل رئيسي في هجومها على ''موشيه كاتساف'' الرئيس الاسرائيلي إثر خلفية الفضيحة الأخلاقية حول تهمه بقيامه بالتحرش الجنسي بموظفتين في مكتبه مستغلا سلطته في ذلك، وهي تهمة يعتقد أنها لو ثبتت ضده سيزج بموجبها السجن لسنوات طويلة، وهو ما تأمله النائبة ''كوليت'' التي أعلنت رغبتها في ترشيح نفسها لمكانه في حالة استقالته وإدانته· الحاجة لأنثى تبدو فرص النائبة اليسارية ضعيفة إذا ما قورنت بباقي الأسماء المرشحة لخلافة ''كاتساف''، كما أن استطلاعا قامت به احدى الصحف الإسرائيلية قد دفع بـ ''كوليت'' إلى ذيل القائمة المرشحة (شمعون بيريز، الحاخام اسرائيل لاو، روبي ريفلين، اهرون براك، دافيد ليفي، بنيامين بن اليعيزر)، غير أن الرهان على هذا لا يزال مبكرا، سيما وان النائبة التي بدأت تستغل الإعلام جيدا تملك من المقومات ما تجعلها على أقل تقدير ليست في ذيل القائمة، كما فعلت عندما ذكرت قصتها التي استغلت والتي حدثت أثناء خدمتها العسكرية عندما حاول أحد الضباط التحرش بها، وحسب ما تقوله، انه هددها في حالة رفضها انها ستعاقب، وبالفعل فقد عوقبت بأكل القاذورات وغسيل الصحون، وأخذت وقتا طويلا فيما بعد في الحصول على حكم ضده!! ما أن أعلنت ''كوليت افيتال'' عن رغبتها في الوصول إلى منصب رئيس الدولة حتى توالت التقارير الصحفية في الصحف الإسرائيلية حول احتمال أن تصل امرأة إلى هذا المنصب، وعلى الرغم أن المنصب يعد تشريفيا كما انه لا يتمتع بأي حصانة، فقد أشارت بعضها أن الوقت لا يزال مبكرا على أن ترأس إسرائيل امرأة، وان ما يقال على انه يجب أن تحصل المرأة على فرصة أمر غير منطقي إذ يجب عليها أن تجد لنفسها مكانة بجهودها وإنجازاتها! ورغم هذا، فالحوار الدائر الآن لا سيما بعد الحرب على لبنان يدور حول عقلانية القرار الذي راح ضحيته جنود إسرائيليون، إذ يرى البعض بذكورية القرار السياسي وفقدانه للبعد الإنساني، فقادة الحرب يتجاهلون تماما أثناء توجههم لساحة المعركة مشاعر الشعب المرتبطة بحياة أبنائه، إذ لا يمكن إرضاء العامة في الوقت الذي يهتم فيه القائمون على القرار السياسي فقط على المستقبل دون النظر إلى الأجساد التي تسحق في الطريق·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©