الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ناصر الظاهري: تشكلت من صلصال غير رخو

ناصر الظاهري: تشكلت من صلصال غير رخو
26 أكتوبر 2010 11:31
استضاف فرع أبوظبي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، في مقره في المسرح الوطني الأديب والكاتب الصحفي ناصر الظاهري. حيث تحدث عن تجربته الذاتية والإبداعية والمهنية في المجال الإعلامي، كما فرد جزءاً كبيراً من حديثه للذاكرة، حيث شغف طفولته البكر، وأحلامه الأولى، وأيام الشباب والدراسة، ومشاهداته اليومية في رحلته الكتابية مع "العمود الثامن"، زاويته التي يعكف على كتابتها بشكل يومي منذ تسع سنوات في صحيفة "الاتحاد"، وهو بالإضافة إلى كونه كاتبا، صحفياً له أيضا مجموعات قصصية وروائية عدة. رجل للبيت قبل الأوان قال الظاهري إن رحيل والده المبكر بلور شخصيته بشكل لا يتصور، لأنه وجد نفسه أمام مسؤولية إخوة أصغر منه أقلهم عمراً لا يتجاوز العامين، وقد أدرك بعد رحيل والده أنه أصبح مكشوف الظهر بالفعل، لكنه أمه لملمت ذاك الضياع، وربما كانت لرحلته مع والده من مدينة العين إلى أبوظبي وهو متوجه لإكمال دراسته صدى لذلك، فقد كان في السيارة وهو في الطريق تأخذه صبوات الطفولة ويحن للعودة للبيت، وربما كان والده يعرف أنه سيتركه لمسؤولية أكبر لذلك لم ترضه تلك الدعة من قبل الولد الغض. وصل الظاهري من المدرسة النهيانية القديمة في العين ودخل ليتابع في المدرسة الداخلية في أبوظبي، ليكمل فيه تعليمه الثانوي، وفي الفصل الثالث من الدراسة سيتوفى الوالد ليلبس ثوب الرجولة المبكر. ويستطرد الظاهري أنه وعد الأب الذي رحل مبكراً، بأن يفي بما يمكن الوفاء به من التزامات الدراسة، وظل حريصاً على ذلك طيلة الوقت ما أمكن. ويتابع الظاهري أنه دخل مدينة أبوظبي، الجزيرة الساحلية المختلفة عن مدينة "العين" التي يعرف، حيث كانت رمال العين زعفرانية، بينما رمال شواطئ هذه الجزيرة "خبازية" فبدأت المدينة تضيق به كطفل، لكنه تعود مع الوقت وبدأ يألفها، وقد تعلم في المدرسة الداخلية، وهي مزيج من التعليم العسكري والنظامي اختطه الشيخ زايد "رحمه الله" وقتها، لتخريج أطر وكوادر وطنية متمكنة، ويقول ناصر إن هذه التجربة كانت بالنسبة له تجربة جميلة ومازال يتذكرها فيقف عند الكثير من اللحظات. أهلاً بالأدب.. عن بدايات الكتابة، يقول إنه في المدرسة كان نجيباً في كل المواد باستثناء الرياضيات والحساب، التي كانت نتائجه فيها ضعيفة، وظل يعكز عليهما حتى وصل للثانوية فمد رجلاً على رجل، وقال أهلاً بالأدب، وقد مرسته تجارب النشاطات المدرسية كثيراً، حيث كتب في الصحافة الحائطية، وشارك في الإذاعة المدرسية، وفي المسرحيات التمثيلية ضمن نشاطات الطلبة، كمسرحية "قاضي قرطبة" وغيرها من المسرحيات. وأضاف أنه تابع بعد ذلك دراسته في جامعة الإمارات وتخصص في الأدب الإنجليزي، وكذلك في الأدب الفرنسي، ولم يكن مسلك الإعلام وقتها متوفراً لأنه كان يجد ميلا للتخصص ومتابعة دراسته فيه. محطات.. بعد التخرج من الجامعة قال الظاهري إنه يمم شطر باريس، حيث درس في معهد الصحافة التابع للسوربون، وكان وقتها شغوفا بالمهنية الى حد كبير، فتدرب بعد تخرجه من المعهد في لندن في جريدتي الحياة والشرق الأوسط، وفي بيروت في جريدة السفير والنهار. وعلى المستوى المهنى تولى إدارة الإعلام العسكري وتحرير مجلة "درع الوطن"، كما عمل في جريدة "الاتحاد" لسنتين، ومن الإنجازات المهمة في هذه الفترة إضافة الملاحق، للنشرة اليومية وربما كانت تلك أول تجربة في الصحافة المحلية. كما ظهرت الاتحاد على الانترنت، في العام 1996، وقد كان وقتها الأمور ما تزال في بداياتها بالنسبة للإعلام الإلكتروني. بعد الاتحاد تولى إدارة المؤسسة العربية للصحافة، حيث كان يدير وقتها أكثر من 13 إصداراً، وكانت له فكرة إدخال المجلات المتخصصة، فظهرت المرأة اليوم وشباب اليوم وأطفال اليوم، وتم التعاقد مع مؤسسات متخصصة كوالت ديزني لتعريب مجلات لفئات عمرية محددة، لسد النقص على مستوى المواد الموجهة لبعض الفئات الثقافية والعمرية في سوق المطبوعات العربية. العمود الثامن حول عموده اليومي، الذي ينشره في جريدة "الاتحاد" قال الظاهري إن كتابة العمود اليومي، هي كتابة تستنزف وجع الأديب، ويجد نفسه يكتب، لأن الكتابة في نفس الوقت هي البلسم لذاك الوجع، ولو سئل إن كانت الكتابة قدراً أم اختياراً اقول انها اختيار قدري. وقد بدأت الكتابة الأدبية قبل الصحفية بالنسبة لقلمه، لأن الكتابة الصحفية تجعله كطائر كسير الجناح، أما الكتابة الأدبية فتتركه كطائر يحلق، فالكتابة اليومية بالنسبة لناصر الظاهري كانت فرحاً، ومع الوقت أصبحت وجعاً جميلا كما يقول، فهو كاالصياد في لهاث يومي وراء الفكرة، وطبعا ليس في كل يوم هناك صيد وفير، لذلك يتحين الفرص، وكلما اقتنصها أضفي عليها طابعاً إنسانياً في كتاباته. وذكر أن عمر "العمود الثامن" وصل اليوم إلى تسع سنوات، وهو في كتابات العمود، لايكتب عن المناسبات الا في اطارها الانساني، لان العمود له ايقاع يومي، ولانه كما يقول مثل دراوشة الله لا يكتبه إلا في مراحله الأخيرة، حين يكون السهم في آخر القوس. وأضاف الظاهري أن العمود الصحفي لابد أن يكون مشاغبا، وهناك قاموس إنجيزي يعرف كاتب العمود الصحفي بأنه يجب أن يكون من يصنع الضجيج. وعن اختيار اسم "العمود الثامن" قال إنه عزفا كنوع من الشغب بعيدا عن الرقم التقليدي المقدس (الرقم 7)، فاختار الرقم الذي يليه، كما يحمل أيضاً نوعا من الخبث المهني، لأن الأعمدة في العادة ثمانية، فاخترت الثامن، ربما تواطؤا، ليصادف مكانا مهما كالصفحة الأخيرة. وأهم ميزة للعمود انه يؤرخ، فهناك معلومات ربما تقدم إفادات لباحثين يستنطقون زمنا أو مكانا أو معلومات أو معطيات في وقت ما. لكن أهم من ذلك، من الضروري دائماً أن يكون هناك رقيب لكتاباتتنا هذا الرقيب هو الضمير. الولع بالسينما.. لم ينسى الظاهري، في حديثه في استنطاق ذاكرة الطفولة، همسها وأحلامها والصور العالقة، لذلك يقول إنه كان شغوفا ومازال بالسينما لدرجة أنه قد يسافر من مدينة لأخرى، حتى يتابع فيلما لم يشاهده من قبل، ويرجع سبب ذلك إنه كان يحب أن يكون مخرجاً سينمائياً، وفد ولد كل ذلك الشغف في فترة طفولته، حينما كانوا أطفالا يلعبون في مدينة "العين" يكتشفون متع البصر، ويتذكر مشاهداته السينمائية الأولى لأفلام مختلفة، كفيلم "عنترة" وأفلام تاريخية أخرى جميلة مازالت عالقة في ذاكرته. إضافة إلى السينما، وبهجتها، يقول إنه في ذلك الوقت لم يكن يوجد في بيته سوى راديو صغير ذو بطاريتين، ليعرف لاحقاً تلفزيوناً بالأبيض والأسود..وبعد ذلك بالملون، وقد شكل ذلك التعدد الكثير في رؤيتيه للأشياء، كما أن الكتاب لم يكن بعيداً أيضاً. وأهم من ذلك كله حروف الله، حيث درس القرآن على محموعة من "المطاوعة"، يتذكر منهم "المطوع" الكندي، وسالم العماني، ذي الرجل الخشبية، وكان وقتها كتلميذ يتناول وجباته اليومية في المدرسة النهيانية القديمة في مدينة العين. مجلة "الهدهد" ويعكف الظاهري الآن على مشروع ثقافي رفقة أحد أصدقائه، يتمثل في مجلة دولية متخصصة اسمها "الهدهد"، وهي جريدة باربع لغات، هي العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية، ويقع مقرها الرئيس في لندن، بينما تمتلك ورشة عمل ثانية بمراكش في المغرب، حيث العمالة الرخيصة، والقرب من الفضائين الثقافيين الفرنسي والإسباني، ويشغل رئاسة النسخة الفرنسية من هذه المجلة صحفي فرنسي، كما يشغل رئاسة النشرة الإسبانية صحفي إسباني، وقد وفر ذلك لناصر راحة على مستوى أداء الطاقم المهني، كما ساعدهم لأن كل نشرة مستقلة عن الأخرى في اهتماماتها ومحتواها وتوجهاتها. وهذه المجلة مجلة متخصصة كما تهتم بنقل الثقافة وفئاتها المستهدفة بدرجة أولى هم بالأساس في أوربا وفي أمريكا الاتينية، ونفكر بإصدار نسخة منها باللغة الفارسية في وقت قريب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©