الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعروضات الإسلامية تتألق في متحف الأرميتاج الروسي

المعروضات الإسلامية تتألق في متحف الأرميتاج الروسي
23 يوليو 2012
عبر أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان مارس الصُناع والفنانون في أرجاء دار الإسلام من حدود الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً أعمالهم المعتادة في إنتاج ما تحتاجه المجتمعات الإسلامية من أدوات ومصنوعات للاستخدام اليومي في الطعام والشراب والمنازل ودور العبادة وجاءت جميعها وبغض النظر عن رخص أسعارها حافلة بالزخارف والألوان التي تعبر عن جماليات ووحدة الفن الإسلامي وتسابقت المتاحف العالمية على اقتنائها لعرضها في قاعاتها. وإذا كانت أيدي تجار العاديات قد فرقت التحف الإسلامية على أركان الكرة الأرضية فإن العزاء يبقى أنها حيث استقرت تتحدث عن ماضينا وتراثنا الفني التليد. شهدت روسيا في تاريخها الحديث تقلبات سياسية حادة تحولت عبرها من الامبراطورية القيصرية إلى الاتحاد السوفييتي قبل أن ينتهي بها المطاف إلى روسيا الاتحادية أو الاتحاد الروسي ورغم بحور الدم التي أريقت والتبدلات الحادة في العقائد السياسية بقي متحف الأرميتاج نقطة التلاقي الوحيدة في تاريخ هذا البلد الكبير، فكان موضع عناية القياصرة والبلاشفة والقوميين الروس على حد سواء. وقد اكتسب المتحف الذي يعد أكبر متاحف العالم من حيث عدد المقتنيات “أكثر من 3 ملايين تحفة” اسمه “الأرميتاج” من تلك الكلمة الفرنسية التي تعني “الخلوة” عندما قررت الإمبراطورة الروسية “كاترينا الثانية” إنشاء أرميتاج أو خلوة خاصة بها في قصرها الشتوي بمدينة سان بطرسبرج عاصمة قياصرة روسيا حيث كانت تلجأ إليها مع وصيفاتها فراراً من تقاليد البلاط الرسمية التي كانت تكرهها. وكان القياصرة الروس يوفدون السفراء في العواصم الأجنبية لشراء أفضل المجموعات الفنية المعروضة للبيع ولعل أشهرها تلك المجموعة التي كانت بحوزة السير “روبرت والبول”. فبعد أن فشل النائب جون وايلكس في إقناع مجلس العموم البريطاني بشراء المجموعة في عام 1777م ووضعها بمعرض خاص بالمتحف البريطاني نجحت الإمبراطورة الروسية “كاترين العظمى” في شرائها على مدار 20 عاما لتوضع في متحف الأرميتاج. وبعد ثورة أكتوبر 1917م أعلن الأرميتاج ملكاً للدولة السوفييتية وضمت إليه مجموعات المتاحف التي كانت منتشرة في ضواحي العاصمة والمجموعات الخاصة التي أممت فتضاعفت مقتنياته رغم أن الحكومة في عهد ستالين باعت أكثر من ألفي تحفة فنية “برجوازية” من بينها أعمال رافاييل فنان عصر النهضة الشهير. معرض الغنائم يتكون متحف الأرميتاج من خمسة مبان كبيرة تقع كلها على نهر نيفا أقدمها جميعا القصر الشتوي الذي صممه الإيطالي راستريللي واستغرق تشييده عشر سنوات قبل افتتاحه عام 1762م كمقر شتوي للقيصر وقد حول في 1917 إلى متحف كبير، والمبنى الثاني هو “الأرميتاج” الصغير أو الخلوة التي شيدت برغبة من كاترينا الثانية بجوار القصر الشتوي في عام 1764م وهو مشيد بأعمدة رخامية بيضاء وأرضيته من الفسيفساء التي تحتوي أحجاراً كريمة. والمبنى الأحدث هو مبنى الأرميتاج الجديد الذي شيد وافتتح كمتحف في 1852م بأمر من القيصر نيقولا الثاني وهو أجمل المباني الخمسة حيث تم تشييده على عشرة أعمدة على شكل تماثيل ضخمة لعمالقة يحملون على أكتافهم الكرة الأرضية وقام بتصميم التماثيل ونحتها المثال الروسي ألكسندر توربينييف. ويعمل بالمتحف 1500 شخص منهم 160 عالماً وخبيراً في الفنون والآثار يعملون في معهد خاص بالمتحف ويتولون صيانة وترميم المقتنيات والبحث عن معروضات جديدة ودراسة المقتنيات وتقديم المعلومات عنها للزوار الذين يتجاوز عددهم 5 ملايين زائر سنويا. وتحتوي مباني الأرميتاج الخمسة على 350 قاعة عرض تعرض فيها 15 ألف لوحة فنية و12 ألف تمثال و600 ألف قطعة أثرية وأكثر من مليون قطعة من المسكوكات والأسلحة وعشرات الآلاف من أندر الأيقونات المسيحية بينما تختزن بقية المقتنيات في مخازن خاصة. وتضم معروضات الفن الإسلامي بعضاً من أندر التحف الإسلامية التي آلت لملكية المتحف بطرق عدة منها الشراء وأيضاً بطريق الإهداء من الحكام المسلمين فضلا عن الغنائم التي حصلت عليها جيوش روسيا القيصرية في حروبها ضد كل من تركيا وإيران وأثناء غزوها لمناطق آسيا الوسطى. وفضلاً عن النسخ النادرة من المصحف الشريف والمخطوطات العربية والإسلامية وخاصة الموضحة بالصور يقتني الأرميتاج مجموعة متميزة من النسيج الإسلامي من أبرزها قطع من نسيج “التابستري” أو الأقمشة المزخرفة بالنسج وهي من إنتاج مصر خلال القرون الهجرية الأولى وتعرف لذلك باسم “القباطي” ومنها قطع من الصوف وأخرى من الكتان الذي نسجت زخارفه بالصوف أو الحرير. تحف إسلامية وهناك أيضاً مجموعة كبيرة من التحف الزجاجية الإسلامية المموهة بالمينا المتعددة الألوان وأغلبها ينتمي لعصر المماليك في مصر والشام. أما مجموعات الخزف الإسلامي بالأرميتاج فهي ثرية للغاية وتجمع بين تحف من إنتاج أقصى الشرق الإسلامي في تركستان الشرقية وأخرى من إنتاج إيران وتركيا ومصر فضلاً عن الخزف الأندلسي. ومن أهمها أطباق من الخزف المينائي المتعدد الألوان والذي اشتهرت إيران بإنتاجه في عصر السلاجقة وبلاطات خزفية من إنتاج قاشان والري وقدور من خزف البريق المعدني الأندلسية ومن أهمها قدر من طراز “الهمبرا” تمت صناعته بغرناطة وهو يحتوي على عبارات دعائية بالخط الكوفي تمتزج بزخارف نباتية متداخلة الأفرع والأوراق. وفي عام 208م نظم الأرميتاج معرضاً عرف باسم “العالم الإسلامي من الصين إلى أوروبا” وعرض فيه 300 من أنفس مقتنيات المتحف من الفنون الإسلامية تعود للفترة الواقعة بين القرنين السابع والتاسع عشر للميلاد. واحتوى المعرض الذي أقيم بقاعة نيقولاي أربعة أقسام تاريخية بالأول منها معروضات للفترة من القرن الهجري الأول وحتى غزوات المغول وشمل الثاني الفترة من بداية غزوات المغول إلى القرن العاشر الهجري بينما كانت معروضات القسم الثالث للفترة الواقعة بين القرنين العاشر والثالث عشر الهجريين أما القسم الأخير فخصص لإبراز معالم العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بين العالم الإسلامي وروسيا، فعرضت الغنائم التي حصلت عليها جيوش روسيا في حروبها ضد تركيا وإيران وممالك آسيا الوسطى وأيضاً الهدايا الدبلوماسية ومن أبرزها “خيمة بخارى” التي نصبت وسط المعرض وهي هدية قدمها “عبد الأحد خان” أحد الحكام المسلمين في أوزبكستان للقيصر الروسي ألكسندر الثالث في عام 1893م.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©