الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند ورأسمالية «المحاسيب»!

16 أغسطس 2014 00:05
بعد مرور أحد عشر شهراً من ممارسات المضاربين المتناحرين التي أضرت بالعملة الهندية، يقوم «راجورام راجان»، محافظ بنك الاحتياطي في الهند، بملاحقة خصوم آخرين أكثر قوة هم الرأسماليون من المحاسيب في البلاد. وقبل ست سنوات، كان «راجان»، كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي سابقاً، يحذر من مشكلة المليارديرات في الهند. كما أشار مراراً وتكراراً إلى أن الهند تلي روسيا في عدد المليارديرات الذي يتضاعف لكل تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي. ومعظم هؤلاء لا ينتمون لرجال الأعمال العصاميين، ولكن لديهم صلات وثيقة بالقلة الحاكمة التي كانت تستغل عمليات الخصخصة وبرامج الدعم الضخمة وغير الفعالة التي تقدمها الحكومة لبناء ثروات هائلة. ويشتكي محافظ بنك الاحتياطي الهندي مرّ الشكوى بسبب هؤلاء المليارديرات أنفسهم. فقد قال: «من بين القضايا المهمة في الانتخابات التي أجريت مؤخراً سؤال عما إن كنا قد استبدلنا اشتراكية المحسوبية في الماضي برأسمالية المحاسيب، حيث كانت هناك مزاعم بأن الأثرياء ومن يملكون النفوذ قد تلقوا الأراضي والموارد الطبيعية مقابل تقديم الرشاوى لبعض السياسيين الفاسدين». ومن الواضح أن هجوم «راجان» المباشر يهدف إلى توصيل رسالة إلى رئيس الوزراء الجديد «ناريندرا مودي». فخلال الانتخابات التي أجريت في ربيع هذا العام، تعهد «مودي» بتحسين الأحوال المعيشية لأكثر من ثلثي سكان الهند الذين يبلغ عددهم 1,2 مليون نسمة. وقبل أسبوعين، بادرت الحكومة بعرقلة جزء من الاتفاق التجاري لمنظمة التجارة العالمية لحماية قدرة الهند على توسيع برنامج دعم الغذاء. وطالبت الحكومة الجديدة بوقف جدول زمني متفق عليه عالمياً يتناول القواعد الجمركية الجديدة، مشيرة إلى أن اتفاقاً دائماً بشأن تخزين الغذاء ودعمه بهدف مساندة الفقراء، يجب التوصل إليه في الوقت ذاته قبل عام 2017. ومع ذلك، وكما يشير «راجان»، فإن مثل هذه المخططات غير العملية قد تؤدي إلى إثراء السماسرة على حساب الجياع. ويهدف الحل الذي يقدمه محافظ بنك الاحتياطي الهندي إلى نقل المساعدات المالية مباشرة إلى الفقراء من أجل شراء الغذاء وغيره من الضروريات. وأثناء عمله في صندوق النقد الدولي بين عامي 2003 و2006، رأى «راجان» نجاح تجربتي إندونيسيا والمكسيك مع هذه الفكرة التي أصبحت شائعة الآن. وعلى النقيض من ذلك، فإن برامج الدعم من الطراز القديم التي كانت تتبعها الهند لم تفعل شيئاً سوى تعميق عدم المساواة وزيادة الضغوط على موازنة البلاد. ثم إن التحويلات النقدية التي يتحدث عنها محافظ بنك الاحتياطي الهندي هي أكثر ملاءمة لمنظمة التجارة العالمية من نظم الدعم الحالية التي تنتهجها الهند. وعلاوة على ذلك، فإن هذه التحويلات تبدو أكثر فعالية: فقد أدى التدخل الحكومي إلى وجود مخزون هائل من الأغذية التي غالباً ما تتعفن بدلاً من الذهاب إلى الفقراء. إن «مودي» يعلم ذلك، أو يجب أن يعلم. كما أنه أول زعيم هندي، منذ سنوات، يكون له ما يكفي من الكاريزما والمقاعد في البرلمان ليضطلع بمهمة مواجهة نظام المحسوبية السياسي الفاسد. فهل يتمكن من القيام بذلك؟ إن «مودي» نفسه، الذي كان يُعتقد أنه هو شخصياً غير قابل للفساد، تم توجيه الاتهام إليه بمحاباة عدد من كبار رجال الأعمال في ولاية «جوجرات»، حيث كان يتولى منصب كبير الوزراء بالولاية لأكثر من عشرة أعوام. وإذا ما بدأت شعبيته العالية في الانخفاض، فهناك سؤال صريح عما إذا كان حزبه «بهاراتيا جاناتا» سيسمح له بتفكيك آلة «السلوك الريعي» العملاقة. والحقيقة أن علينا الانتظار لسنوات قبل معرفة ما إذا كان «مودي» هو الشخص المجدِّد المنتظر. وعلى رغم ذلك، فإن بإمكان «راجان» لعب دور رئيسي في مساعدة رئيس الوزراء على انتهاج الطريق الصحيح، وخاصة أن محافظ البنك المركزي يثبت أنه سياسي بارع، ففي كلمة ألقاها يوم الاثنين الماضي كان حريصاً على الثناء على خطة «مودي» لإنشاء حسابات مصرفية للفقراء -يتم تحويل المساعدات المالية إليها- حتى مع توجيه انتقادات ضمنية لقرار الحكومة بالقضاء على اتفاق منظمة التجارة العالمية. وإذا ما تمكن «راجان» من إحداث اختراق في مشكلة المليارديرات التي تؤرقه، فقد يتمكن، في النهاية، من تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية واسعة للهند. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©