الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما: هل يخسر أميركا اللاتينية؟

16 أغسطس 2014 00:05
عند مشاهدة الرئيس الأميركي باراك أوباما منخرطاً في القمة التي عقدت في واشنطن بحضور ما يقرب من 50 زعيماً أفريقياً، حيث أعلن عن استثمارات بقيمة 33 مليار دولار، وتعهد بزيادة وصول الكهرباء إلى حوالي 60 مليون أسرة أفريقية، فإن كثيرين قد يسألون أنفسهم: لماذا لا يفعل مثل ذلك مع أميركا اللاتينية أيضاً؟وكان الرأي التقليدي لكثير من الشخصيات المهمة ورجال الأعمال الذين اجتمعوا في واشنطن في 5 أغسطس خلال القمة الأميركية-الأفريقية، هو أن إدارة أوباما قد نظمت الحدث في محاولة حثيثة للحاق بالصين، التي أصبحت في السنوات الأخيرة هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد سمعت من بعض صناع القرار الأميركيين تأكيدات أن واشنطن إذا استمرت في إعطاء قدر قليل من الاهتمام لأميركا اللاتينية، فإن الشيء نفسه سيحدث هناك أيضاً. ولعله يحدث بالفعل الآن في العديد من الدول في المنطقة. والتنافس هناك لا يقع مع الصين وحدها، بل أيضاً مع روسيا واليابان -حيث زار قادة من هاتين الدولتين أميركا اللاتينية في الأسابيع الأخيرة- وأعلنت الدولتان عن خطط كبيرة لتوسيع وجودهما وشراكاتهما التجارية. وفي حين يتشكك بعضنا في وعود الصين أيضاً، إلا أن صعودها في القارة كان مؤثراً. وفي المقابل، انخفض نصيب الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية من 53 في المئة من حجم تجارتها الخارجية مع العالم في عام 2000، إلى 35 في المئة خلال عام 2013. وفي الوقت ذاته، ارتفع نصيب الصين من 1,9 في المئة إلى 12 في المئة خلال الفترة نفسها، هذا وفقاً لبيانات بنك التنمية للدول الأميركية «آي إيه دي بي». وأكثر من ذلك، كما يقول «موريسيو موريرا»، كبير المصرفيين بالبنك، فإنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإنه بحلول عام 2025، ستنخفض تجارة أميركا اللاتينية مع الولايات المتحدة إلى 17 في المئة من إجمالي حجم تجارتها، بينما سيصل حجم التبادل مع الصين إلى 17 في المئة أيضاً. وتشمل هذه الأرقام المكسيك، وهي أحد الاقتصادات الضخمة بأميركا اللاتينية، ولها تعاملات قليلة نسبياً مع الصين. وإذا ما استبعدنا المكسيك، فإن حضور الصين في المنطقة سيقزم دور الولايات المتحدة بحلول عام 2025، كما تشير التوقعات إلى ذلك. وبسؤالهم عن أسباب عدم انعقاد قمة بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية في واشنطن، على غرار القمة الأفريقية، أشار بعض العارفين ببواطن الأمور في واشنطن إلى أن ثمة قمة منتظمة للأميركتين تعقد كل ثلاث أو أربع سنوات. ومن المقرر أن تعقد قمة من هذا النوع في بنما في صيف عام 2015. ولكن القمم التي عقدت مؤخراً بين دول الأميركتين كانت تشهد تقلبات، ويرجع ذلك في بعض جوانبه إلى سياسة البترودولار التي تنتهجها فنزويلا، ومن خلالها تسيطر عملياً على أصوات 16 دولة من دول وسط أميركا ومنطقة البحر الكاريبي، من خلال شحنات النفط المدعومة من «تحالف بتروكاريبي نفطي» ترأسه فنزويلا. . وأيضاً بسبب تردد البرازيل في العمل على إنجاح أي قمة لا تعقد تحت زعامتها. وإذن، ما الذي تستطيع الولايات المتحدة القيام به؟ هناك ثلاثة أمور، أولاً، يجب أن تظهر إدارة أوباما اهتمامها بالقارة اللاتينية. فالجميع يفهم أن وزير الخارجية جون كيري منهمك في أمور أكثر إلحاحاً في منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا، ولكن حتى الآن، لم يقم سوى برحلتين فقط في المنطقة ضمن رحلاته الـ21 إلى الخارج. وبالنسبة للاحتفال الذي أقيم في الأسبوع الماضي بمناسبة بدء الولاية الثانية للرئيس الكولومبي «خوان مانويل سانتوس»، الذي حضره رؤساء المكسيك وبيرو ودول أخرى عديدة، اكتفى البيت الأبيض بإيفاد «توماس شانون» وهو دبلوماسي يحظى باحترام كبير ولكنه أيضاً ليس من الشخصيات الشهيرة. ثانياً، بإمكان أوباما أن يبني إرثاً سياسياً من خلال اقتراح خطة جديدة لتعميق علاقات التجارة والاستثمار، مع إحدى عشرة دولة في المنطقة لديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، ومن بينها المكسيك وكولومبيا وبيرو وتشيلي. ومن ناحية أخرى، يجري البيت الأبيض حالياً مفاوضات لإبرام اتفاقات تجارة حرة مع الدول الآسيوية المطلة على المحيط الهادي، والاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة. وقد ذكر لي كيري في لقاء حصري في شهر ديسمبر أنه «يدرس» عقد مبادرة تجارة إقليمية بين الأميركتين، بدءاً بتعميق العلاقات مع المكسيك وكندا، وكان هذا هو آخر ما سمعته منه. ثالثاً، على أوباما مواجهة التحالف «البتروكاريبي النفطي» من خلال مبادرة أميركية- كاريبية، مع الاستفادة من حقيقة أن فنزويلا قد أفلست أو تكاد، وأن منشآتها النفطية تتداعى، بينما ستحقق الولايات المتحدة عما قريب اكتفاءً ذاتياً في مجال الطاقة، وربما تصبح أيضاً دولة مصدرة للنفط. ويمكن لواشنطن استخدام الدبلوماسية النفطية، كما فعلت فنزويلا، بحسب بعض المطلعين في واشنطن. وطبعاً لا أصدق مزاعم الجمهوريين اليمينيين بأن «أوباما قد فقد أميركا اللاتينية». فقد أضرت دبلوماسية رعاة البقر في عهد بوش، ومواقف الجمهوريين المحافظين المناهضة للهجرة حالياً، كثيراً بسياسة الولايات المتحدة الخارجية أكثر من جهود أوباما. ولكن على أوباما أن يتعامل مع أميركا اللاتينية، أو على الأقل مع الإحدى عشرة دولة التي تربطها اتفاقات تجارة حرة مع واشنطن. والآن يتعافى الاقتصاد الأميركي، بينما يتباطأ اقتصاد الصين. وقد آن لأوباما أن يركز على أميركا اللاتينية، كما فعل مع أفريقيا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©