الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هوس «الجمهوريين» بخفض الضرائب

26 نوفمبر 2017 23:26
منذ وصول رونالد ريجان إلى البيت الأبيض في عام 1980، أصبح خفض الضرائب واحدة من القضايا التي وحدت كل الأجنحة في الحزب الجمهوري. والمحافظون يعتقدون يقيناً أن التقليص الكبير في الضرائب الذي أقره ريجان، في فترة رئاسته الأولى، أدى إلى انتصاره الساحق في 49 ولاية في انتخابات عام 1984. ويعتقد الجمهوريون أيضاً أن إعلان بوش الأب عدم فرض ضرائب جديدة كان هو السبب في وصوله إلى البيت الأبيض عام 1988. ومعظم الجمهوريين على الدرجة نفسها من اليقين بأن تراجع بوش الأب عن هذا التعهد هو الذي أنهى مشواره السياسي بعد ذلك بأربعة أعوام. فقد ارتكب بوش الأب، في فترة ولايته الوحيدة، خطيئة قاتلة تمثلت في زيادة الضرائب للسيطرة على العجز الهائل في موازنة واشنطن. ولم يغفر له المحافظون قط هذا الإثم، ولكنهم أيدوا ابنه بعد ذلك بعقد لأنه قلص الضرائب في عام 2001. وربما يكون النجاح السياسي الذي أعقب نوبات تقليص الضرائب السابقة من طرف الحزب الجمهوري، وسجل بوش الأب باعتباره الرئيس الوحيد الذي خسر مسعى إعادة انتخابه منذ جيمي كارتر، هو السبب في أن الرؤساء الجمهوريين متشبعون عادة بالإيمان المطلق بجدوى أي خطط لتقليص الضرائب. ولكن معظم الأميركيين يعارضون التقليص «الكبير الجميل» في الضرائب الذي يدعمه الرئيس دونالد ترامب والأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي. وربما يكون سبب عدم تأييد معظم الأميركيين لهذا الخفض هو أنه ليس تقليصاً للضرائب على الطبقة المتوسطة كما يدعي الجمهوريون. فقد خلص تحليل «مركز سياسة الضرائب» لمشروع القانون المطروح في مجلس الشيوخ إلى أنه سيؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة في الضرائب على 50% من الأميركيين. وأغلب المتضررين من زيادة الضرائب هم الأميركيون من الطبقة المتوسطة، في حين أن الأثرياء سيستفيدون أكثر من خطة ترامب. والواقع أن ترامب وأسرته سيكسبون أكثر من مليار دولار إذا تم إقرار خطة تقليص الضرائب. وإذا كان آلان جرينسبان، رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق، محقاً في تقييمه فإن عدم المساواة في الدخل يمثل أخطر التهديدات على الرأسمالية الأميركية، ومن ثم فإن صفقة الضرائب هذه تسير بالاقتصاد في الاتجاه الخطأ. وحتى لو كان عدم المساواة الهائلة في الدخل في الولايات المتحدة لا يهم البعض في شيء فإن الدَّين القومي المتزايد لأميركا يجب أن يكون مثار اهتمام الجميع. فقد تضاعف الدَّين القومي من 5.8 إلى 11.9 تريليون دولار في ظل إدارة بوش الابن. وتضاعف تقريباً مرة ثانية ليصل إلى 20 تريليون دولار في ظل إدارة «الديمقراطي» باراك أوباما. ومن المتوقع أن يصل إلى 30 تريليون دولار في العقد المقبل. ومع الانهيار المتوقع لبرامج التأمين الاجتماعي وبرامج الرعاية الصحية، «ميديكير» و«ميديكآيد»، مما يجعل هذه الأزمة المالية تتفاقم بشدة، يدرك المحافظون الحقيقيون أن واشنطن لا تستطيع تحمل إضافة تريليوني دولار آخرين إلى ديوننا القومية. وهذا بالضبط ما سيحدث إذا أقر الكونجرس مشروع القانون الجمهوري. لكن التسبب في عجز كبير في الموازنة ليس جديداً أيضاً على الحزب الجمهوري. ولأن خفض الضرائب هو الهواية المفضلة لحزب ريجان، فقد أصبح السجل المالي للجمهوريين سيئاً. وأثناء فترتيْ ولاية ريجان، قلص محبو ذلك الرئيس الجمهوري معدل أعلى شريحة من الضرائب من 70% إلى 28%، وتزايد أيضاً الإنفاق على الدفاع بشدة في الوقت نفسه الذي توسعت فيه تغطية برنامج الرعاية الصحية «ميديكير». وزادت سياسات ريجان الدَّين القومي بثلاثة أمثاله. وفي ظل إدارة بوش الابن تزايد الدَّين القومي أيضاً بالمعدل نفسه. وقلص بوش الابن الضرائب بشدة وسعى إلى زيادات كبيرة في الإنفاق العسكري لتمويل نهجه التوسعي في السياسة الخارجية، وعمل على التوسع في برنامج الرعاية الصحية «ميديكير» بنحو سبعة تريليونات دولار. ولم يجر اتخاذ قرار إنفاق صعب واحد على مدار ثماني سنوات، ومرة أخرى تصاعد الدَّين القومي في ظل إدارة رئيس جمهوري آخر. والجمهوريون أنفسهم ممن وعدوا الناخبين بأنهم لن يتهربوا من المسؤولية كما فعلوا في عهد إدارة بوش الابن، يكررون الدورة القديمة نفسها لتقليص كبير في الضرائب وزيادة كبيرة في الإنفاق بلا قيود مالية. لقد تجلت حقيقة الحزب الجمهوري على مدار أربعة عقود باعتباره حزباً يتهور في الموازنة ويفاقم العجز فيها ويتوسع في الإنفاق. واستعداد المانحين من الحزب الجمهوري للتغاضي عن هذا الفشل الذريع في مقابل تقليص الضرائب على الشركات لا يعني بالضرورة أن الناخبين الآخرين سيتغاضون عن ذلك أيضاً. فهذه خطة ضرائب جمهورية أخرى تساعد الأغنياء وتضر بالفقراء وتفاقم عدم المساواة والديون. وهي خطة ستؤدي أيضاً إلى خسائر جديدة للحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية العام المقبل. * نائب «جمهوري» سابق في الكونجرس الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©