الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

براءات اختراع سيمنز في اليوم أكبر مما يقدمه العرب خلال عام

5 سبتمبر 2006 00:15
إعداد - أيمن جمعة: يعاني الشرق الاوسط من نقص واضح وخطير في فئة ''المبدعين وأصحاب المبادرات الخلاقة'' التي تعيد صياغة المجتمع بل والتاريخ من أمثال بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت وستيف جوبز مؤسس ابل وغيرهما· ويختلف هذا الوضع جذرياً عما كانت عليه أوضاع الدولة الإسلامية في عصرها الذهبي بين القرنين الثامن والثالث عشر الميلادي حيث كان المبدعون والقادة المسلمون هم رواد العالم في كل المجالات بما في ذلك التجارية والرياضة والفضاء بل وحتى الفنون الجميلة، في حين كانت أوروبا تتخبط في عصور الظلام· وما أبعد الفارق بين الليلة والبارحة··! فالاحصائيات تظهر ان حكومات بعض الدول الخليجية تتولى مهمة توظيف أكثر من 90 % من المواطنين· وتقريباً لا توجد نماذج لشركات خاصة حققت نجاحاً عالمياً، في حين لا يوجد أي أثر تقريباً للابتكارات التكنولوجية أو الشركات التي تقوم على الإبداع الفكري· وتشير مجلة ''ميد'' الى أن كل الشركات العملاقة مثل أرامكو السعودية تدين بالفضل في نجاحها الى الدعم الهائل الذي تحصل عليه من الدولة والذي تستخدمه لاستقطاب الخبرات الأجنبية دون العمل على تطوير العمالة المحلية· فشركة نفط الكويت على سبيل المثال تواجه انتقادات حادة بأنها لا تملك الخبرة ولا التكنولوجية اللازمة للحفاظ على أو رفع انتاج حقولها النفطية وذلك رغم تأميمها قبل أكثر من 30 عاماً· وفي أواخر أغسطس أصبحت شركة الكهرباء السعودية في مرمى إطلاق النار عندما اعترفت بأن موظفيها لا يستطيعون إصلاح أعطاب تسببت في عدة حوادث انقطاع للتيار الكهربائي· وتعين نقل مهندسين يابانيين جواً وبتكلفة مرتفعة للغاية للتعامل مع الأزمة· شرق أوسط جديد ومؤخراً قام سام حمدان رئيس الفريق العالمي للقيادة (GLT) ومقره اميركا، بجولة في منطقة الخليج لحشد تأييد لرؤيته بضرورة ميلاد ''شرق أوسط'' جديد يكون أكثر ابداعاً وقدرة على القيادة الاقتصادية· والفريق العالمي للقيادة هو منظمة استشارية للقيادة الاستراتيجية متخصصة في التصميم وتطوير الإمكانيات والتحالفات الإدارية وتطور الأسواق· وكانت رسالة حمدان بسيطة وجوهرها·· ''اذا أراد العالم العربي أن يخرج من كبوته فإن علينا ان نوجد مناخاً يؤهل لظهور القيادات·'' ويعرف المتخصصون الابداع بأنه القدرة على الاستغلال الناجح للافكار الجديدة، وغالباً ما يشتمل على تكنولوجيا أو استخدامات تكنولوجية جديدة، والإبداع كان دوماً الدافع وراء التقدم الاقتصادي وفتح العديد من الفرص للنمو والتقدم· وبالنسبة لحمدان وآخرين من أمثاله فإن القيام بتغيير المناخ لظهور المبدعين هو تحد صعب· فمن بين أكثر من 87 ألف براءة اختراع سجلها المكتب الأميركي لبراءات الاختراع عام ،2004 هناك 36 براءة فقط من منطقة الشرق الأوسط بالكامل· وتظهر حجم المأساة عندما نعلم أن هذا العدد يقل عما تقدمه شركة ''سيمنز'' الألمانية من براءات اختراع في يوم واحد· بل ان لوكسمبورج نجحت في تقديم براءات اختراع أكثر من المنطقة كلها· ويرى حمدان ان الابداع في مجال الاعمال يتأثر سلبا بعوامل عديدة منها القوانين الحكومية المرهقة، وضعف الحافز نحو الابداع، وانخفاض مستوى التعاون بين القطاعات المختلفة· ويقول ''دعم الابداع في الخليج يتطلب قدرا كبيرا من التعاون بين الدول الاعضاء والقطاعات والخبرات''· وهو يعتقد ان العرب بحاجة ''لخلق روح الحماس في الاجيال الشابة، الرجال، والنساء عبر القطاعات المختلفة، وانشاء آلية لادارة التحديات في القرن الحادي والعشرين على ان تكون هذه الآلية متناسقة مع طاقاتنا وهويتنا مع تنفيذ استراتيجيات قوية تضع الشباب في قلب أي شيء يقومون بعمله''· ويقول حمدان ان منطقة الخليج بشكل خاص تشهد نموا استثنائيا في القطاعات غير التقليدية وهو ما ينبغي دعمه بطرق غير تقليدية مضيفا ''وهنا يكمن التحدي''· ويشدد حمدان على ضرورة تحويل ما يصفه بحالة ''الركود الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي'' الى شعلة للالهام من خلال اطلاق العنان للمهارات الابداعية للجميع قائلا ''الكثير من الخبرات العربية تفضل الهجرة الى الغرب للحصول على فرص أفضل·· وانا على قناعة بان نسبة كبيرة من هذه المواهب مستعدة للعودة لتشارك في بناء دولها، ولكن بشرط اثارة الحماس''· ويقول ناصر المصري وهو كبير المستشارين في برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي الكويتي والذي يبحث سبل تعظيم الاستفادة من المصادر البشرية ''علينا ان نستيقظ ونتوقف عن إهدار الوقت·'' مؤشرات إيجابية وهناك مؤشرات بالفعل على أن هذا يحدث الان· فالدول العربية من الخليج الى المحيط تركز جهودها حالياً على استخدام الوفرة الدولارية للاستثمار في التعليم ومبادرات الأعمال التي يأملون أن تؤدي الى خلق مناخ جديد للابتكار والقيادة· وتنتشر هذه الأيام فكرة ''القطاعات الحكومية المتخمة لم تعد تستطيع استيعاب أية عمالة جديدة، وثروات النفط والغاز لن تستمر الى ما لا نهاية·· وبالتالي فإن الاستثمار في الكفاءات البشرية هو أفضل الطرق للمضي قدماً·'' وتم بالفعل تأسيس عشرات المراكز في المنطقة العربية لتعزيز الاستثمار في مجال التدريب والمهارات· وتقود الإمارات بشكل واضح هذه الطفرة من خلال عدة مشاريع رائدة مثل قرية المعرفة وواحة سيلكون دبي ومدينة دبي للإنترنت· بالطبع لا يتوقع أحد ان تنقلب الأوضاع رأساً على عقب بين عشية وضحاها، لكن لا يوجد وقت أكثر إلحاحاً من الان· والمؤشرات واعدة فهناك مستويات مرتفعة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وصناعات تتطلب تقنيات عالية في أنحاء الخليج فيما يتم التوسع في استخدام الإنترنت الذي يتيح الإطلاع بل والمشاركة في إحدث الدورات التدريبية·· الحكومات تحاول القيام بدورها وحان الوقت الان لكي ينهض الشباب للمشاركة في مواجهة تحدي المستقبل·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©